في خطوة يراها المراقبون بأنها تعزيز لـ”النزعة الانفصالية”، كشفت تقارير إعلامية عن دراسة أمريكا لإصدار قرار يهدف إلى استثناء المناطق التي تسيطر عليها قوات “قسد”، من العقوبات الاقتصادية المفروضة بموجب قانون قيصر.
وكشفت صحيفة “المونيتور” الأمريكية، أن “إدارة بايدن ستعلن قريبًا عن إعفاء المناطق التي يسيطر عليها الأكراد والمعارضة في سوريا من العقوبات المفروضةعلى النظام السوري”.
وأوضحت أن “هذه الإعفاءات من قانون قيصر تهدف لحماية المدنيين السوريين، وأن تنازل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عن كل العقوبات للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري لن يشمل النفط والغاز”.
ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن متحدث في وزارة الخارجية الأمريكية، لم تسمه، أن “الإدارة الأمريكية ناقشت الأوضاع الصعبة والإجراءات المعقدة التي يمر بها السوريون في المناطق المحررة من سيطرة النظام السوري، كما أن إيثان غولدريتش نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، والمعني بمتابعة الملف السوري، التقى مع بعض المنظمات الإنسانية العاملة في سوريا، وناقش معهم صعوبة الأوضاع في الميدان، وكذلك تم التواصل مع الإدارة الذاتية الداخل الشهر الماضي”.
وأضاف المصدر الأمريكي: “عند التواصل مع الإدارة الذاتية (شرق سوريا) مرة أخرى، تم إبلاغهم بقرار تخفيف العقوبات والاستثناءات على المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وكذلك تم إبلاغ المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بقسد في الشمال الشرقي من سوريا، أي أن الإعفاءات ستصل إلى المناطق التي لا تخضع تحت سيطرة النظام السوري باستثناء عفرين”.
واقع اقتصادي مختلف
اعتبر الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، أن إيجاد تباينات اقتصادية فيما يتعلق بالتعامل التجاري لبعض الجغرافيا السورية مع الخارج دون بعضها الآخر يصب بكل تأكيد باتجاه تعزيز النزوع الانفصالي أو الانعزالي في تلك المناطق، وذلك عبر خلق واقع اقتصادي مختلف يمكن له أن يُترجم مجتمعياً وسياسياً، وصولًا إلى إيجاد بيئتين ومجتمعين متباينين على أرض سوريا الواحدة.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، فإن صدور مثل هذا القرار ينم عن مسعى أمريكي لمنح الزمرة الانفصالية اللاشرعية المتمثلة في “قسد” و”مسد” أسباب الاستمرار ماليًا واقتصاديًا، ومنحها إمكانية العمل إداريًا واقتصاديًا من خارج سلطة الحكومة السورية ودون التنسيق معها، وهو ما يدخل في إطار العدوان على السيادة السورية وانتهاك معايير ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
ويرى دنورة أن قوى الأمر الواقع المتمثلة بالميليشيا الانعزالية المتعاملة مع الأمريكان تعاني تأزمًا شديدًا فيما يخص تماسكها ومستقبلها وعلاقتها مع المواطنين، حيث أصبحت الاحتجاجات والمظاهرات خبز المواطنين اليومي في التعامل مع الميليشيا الانعزالية اللا شرعية التابعة للاحتلال الأمريكي، ومن هنا يريد الأخير منح هذه القوى المتداعية أسباب البقاء والاعتماد على الذات.
وتابع: “وهذا تمهيد لوضع يُضطر فيه الاحتلال للانسحاب، وهو الاتجاه الذي قد يكون في طور التبلور على المدى القصير أو المتوسط في ظل سعي الولايات المتحدة لإغلاق ساحات الحروب المزمنة المحدودة إقليمًا بهدف التركير على المسرح الأوروبي والأسيوي الشرقي”.
تكريس الانفصال
بدوره اعتبر المحلل السياسي السوري، غسان يوسف، أنه من الطبيعي أن تستثني الولايات المتحدة الأمريكية المناطق التي تسيطر عليها قسد في شمال شرق سوريا من عقوبات قانون قيصر، ليكون هناك شرخ بين المجتمع السوري والدولة السورية، وهذه المجموعات الانفصالية، وكذلك لتكريس الانفصال وتسهيل سرقة النفط والقمح والمعادن من تلك المنطقة.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، فبشكل فعلي هذه المنطقة مستثناة بشكل طبيعي من العقوبات الأمريكية ومن قانون قيصر، وأغلب تعاملها مع تركيا والعراق وهذا يؤسس لانفصال الإقليم عن الدولة السورية ويؤسس لإقليم منفصل يشبه القائم في شمال العراق.
وأكد يوسف أن التصريحات الأمريكية ليست جديدة، سبق وأن صرحت واشنطن بذلك منذ أن أقروا قانون قيصر، وأعلنوا أن المناطق التي تسيطر عليها مليشيات قسد مستثناة من قانون قيصر، وكذلك المناطق التي تسيطر عليها تركيا.
ويرى يوسف أن ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية ليس مستغربًا أو جديدًا، ويهدف إلى تقسيم سوريا وتفتيت شعبها، وجعل الشعب الذي يعيش في المنطقة التي تسيطر عليها الدولة يعاني، بينما المناطق الأخرى تقوم بالتهريب والسرقة، وتحصل على كل المساعدات الدولية والتسهيلات من الولايات المتحدة الأمريكية ومن الدول التي تدور في فلكها.
وتفرض الولايات المتحدة منذ العام 2004 سلسلة من العقوبات على سوريا وسلطات البلاد وكثفت استخدام هذه الآلية خاصة بعد اندلاع الأزمة في البلاد عام 2011.
وبدأت الولايات المتحدة في 17 يونيو/حزيران 2020 بتطبيق “قانون قيصر” الذي تم بموجبه فرض عقوبات على 39 شخصية وكيانا على صلة بالسلطات السورية، بينهم رئيس البلاد، بشار الأسد، وعقيلته، أسماء الأسد.
وتستهدف هذه العقوبات القطاعات الأساسية للاقتصاد السوري وسلطات البلاد والجهات الداخلية والخارجية التي تدعم العمليات العسكرية للحكومة، وذلك في الوقت الذي تستولي فيه الولايات المتحدة على مجموعة من أكبر الحقول النفطية السورية وتسعى إلى منع استعادة دمشق السيطرة عليها.