وجهت سورية صفعة قوية للحلف الاستعماري وأدواته عبر إسقاط الطائرة التركية التي خرقت مجالها الجوي وقد أربكت رسالة الردع السورية جميع الأطراف المتورطة في الحرب العالمية التي تستهدفها.
أولا: اعترفت تركيا بشخص رئيس جمهوريتها عبدالله غول بأنها كانت المعتدية عبر تخطي طائرتها الحربية لحدود المجال الجوي السوري فوق المياه الإقليمية السورية وأيا كانت التبريرات التي يريد بها المسؤولون الأتراك التنصل من عدوانية هذه الخطوة فمن المؤكد أن دقة وسرعة الردع الدفاعي السوري تظهران حقيقة القرار الوطني السيادي للدولة السورية بالتصدي العاجل والحازم لأي عدوان مهما كان حجمه وأيا كان المعتدي كما تؤكد الخطوة السورية درجة عالية من الاستعداد في صفوف القوات العربية السورية وصلابة وتماسك منظومة القيادة والسيطرة التي أتاحت عنصر المفاجأة في الرد السوري سواء كان التحليق التركي يهدف إلى اختبار الدفاعات السورية ودرجة استعدادها أم كان جزءا من محاولة لتطوير أنماط التدخل التركية عبر استكشاف ممرات بحرية لتهريب السلاح والمسلحين بعدما تبين بالوقائع أن حملة الجيش السوري الجارية على الأرض تكاد تسد معظم منافذ التهريب البري.
ثانيا: رفعت سورية التحدي في وجه الولايات المتحدة والحلف الأطلسي ومعهما تركيا بشكل مباشر وهي تلاعب أعداءها على حافة الهاوية محصنة بقدراتها الإستراتيجية العالية وبتماسك الجيش السوري وقوة ولائه القومي وبدرجة الاحتضان الشعبي الكبير لهذا الجيش وللدولة الوطنية ورئيسها.
الحزم السوري في ردع النوايا العدوانية على البلاد تزامن مع خطوة جديدة في مسيرة إنهاء الأزمة الداخلية و بما يعزز القدرة على صد التدخلات المعادية .
فقد تميزت الحكومة الجديدة بمشاركة المعارضة الوطنية وبمواقع ومهام أساسية عبرت عنها حقيبة المصالحة الوطنية التي أسندت إلى الدكتور علي حيدر وكذلك موقع نائب رئيس الحكومة ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الذي أسند إلى الأستاذ قدري جميل وكل منهما لديه برنامجه وخطة عمله للانطلاق في تحدي الأزمة وتداعياتها والعمل على تحصين الوضع السوري الداخلي سواء في التعامل مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية الملحة أم في ورشة المصالحة الوطنية لاحتواء جراح الأحداث وتداعياتها خصوصا في المناطق المضطربة التي شهدت أحداث عنف.
كما تفيد المعطيات بأن التركيبة الحكومية في مجملها هي بمثابة فريق عمل ديناميكي يضم نخبة من الشخصيات والكوادر المتميزة بأدائها مما يعد بورشة عمل إدارية و تنفيذية تتيح انفراجات داخلية كبيرة ، و تزيد من فرص التقدم نحو تأكيد الوحدة الوطنية والتماسك الداخلي في مجابهة النوايا العدوانية التي عبرت عنها تصريحات داود أوغلو الذي ناقض كلام الرئيس عبدالله غول بشأن خرق الأجواء السورية و يبدو ان وزير الخارجية تلقى إشارة أميركية بذلك حتى لا يسود مشهد الفشل أمام الصمود السوري.
ثالثا: التهويل الأميركي والأطلسي والتركي يراد منه أيضا تصعيد مناخ الضغط السياسي والنفسي على الدولة الوطنية السورية بينما يتعزز الاعتقاد في العالم كله بان أي مغامرة ضد سورية ستكون عالية الكلفة وهي تنذر بإشعال حرب كبرى في المنطقة ، وهذا ما دعا بان كي مون بطلب أميركي أيضا ، إلى مناشد الحكومتين السورية والتركية تسوية الأمر عبر الاتصالات الثنائية في حين كانت الاتصالات بين قيادتي الجيشين السوري والتركي منذ اللحظة الأولى قد أثمرت تعاونا ميدانيا في البحث عن حطام الطائرة وعن الطيارين في المياه الإقليمية السورية.
الأساسي في كل ما جرى أن سورية القوية والقادرة حاضرة في الميدان لتلقين أي معتد درسا قاسيا وهي تملك من الإرادة والقدرات ما يؤهلها لردع العدوان بقدر ما أنها تلتزم موقعا دفاعيا في مجابهة العربدة التركية وتبدي كل استعداد لاحتواء النتائج إذا توافرت النية الصادقة لدى حكومة الوهم العثماني بينما بيد سورية قرار التصدي دفاعا عن سيادتها من غير أي تهاون وحادثة إسقاط الطائرة التركية حملت إلى الحلف الاستعمارية الخبر اليقين ، و اختبار القوة الفعلي يدور الآن فإن غامر الأطلسي بعدوان عبر الحدود التركية ستكون الكلفة كبيرة على جميع المتورطين في استهداف سورية المؤهلة للانتصار في أي حرب مقاومة ضد المعتدين و إن تراجع التهديد الكلامي فستكون معادلة الردع السورية هي المنتصرة و ربما يريد الغرب و تركيا معا التقاط هذه الفرصة لمباشرة التراجع عن خط العدوان و التصعيد بتغطية دولية يتيحها الدور الروسي بمناسبة اللقاء الدولي المقرر نهاية الشهر.
غالب قنديل
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)