سجلت منطقة ريفية صغيرة تدعى مقاطعة سانت جون ذا بابتيست بولاية لويزيانا أعلى معدل وفاة لفيروس كورونا عبر الولايات المتحدة.
وتقع المنطقة على امتداد 80 ميلا من ضفة نهر المسيسيبي، بين المصانع الكيماوية ومصافي النفط على طول النهر بين باتون روج ونيو أورلينز، والملقبة بـ”زقاق السرطان”، بسبب مستويات تلوث الهواء الشهيرة فيها.
وعلى الرغم من تعداد سكانها الذي يبلغ 43 ألف نسمة فقط، إلا أن البلدة تشهد عددا غير مسبوق من الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في جميع أنحاء المجتمع.
وأفادت شبكة “سي إن إن” أن بيانات من وزارة الصحة في لويزيانا تظهر أن 569 شخصا ثبتت إصابتهم بالفيروس وأن 47 شخصا توفوا حتى يوم الأربعاء، وهذا يشمل 16 مقيما في منشأة واحدة، وهي بيت المحاربين القدامى في جنوب شرق لويزيانا.
ويحتدم الجدل حول ما إذا كان هناك ارتباط بين التلوث البتروكيماوي وفيروس كورونا، والذي يصيب بشكل خاص أولئك الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي.
وبغض النظر عن الأسباب الكامنة وراء ذلك، فإن عدد القتلى في الأسابيع الأخيرة في البلدة كان مذهلا من جميع الحسابات.
وقال الدكتور كريستي مونتيغوت، الطبيب الشرعي في مقاطعة سانت جون ذا بابتيست، إن الأرقام “هائلة” بالنسبة لرعية بهذا الحجم. وأضاف: “هذا الفيروس يربك الناس. لقد كان طفرة حقيقية، مثل هجمة”.
وأشار مونتيغوت إلى أن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين ماتوا بسبب فيروس كورونا لديهم مشكلات صحية كامنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض الكلى والسمنة.
وفي مقابلة أجراها الأسبوع الماضي، صرح أنه لم يشاهد حتى الآن سوى اثنين من ضحايا الفيروس التاجي المصابون أيضا بالسرطان.
ومع ذلك، فإن النشطاء الذين أصيبوا بالإحباط لفترة طويلة بسبب تلوث الهواء هناك، يجادلون بأن العلاقة بين مستويات التلوث الشهيرة في المنطقة وارتفاع معدل الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا واضحة للغاية. ويشيرون إلى دراسة أجرتها جامعة هارفارد مؤخرا على مستوى الدولة، والتي وجدت أن زيادة طفيفة في التعرض على المدى الطويل لتلوث الهواء تؤدي إلى زيادة كبيرة في معدل الوفيات بفيروس كورونا.
ويشار إلى أن الغالبية العظمى من الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في لويزيانا كانت من الأمريكيين الأفارقة، على الرغم من أن التركيبة السكانية لا تشكل سوى ثلث سكان الولاية الجنوبية.
وأعلن حاكم ولاية لويزيانا جون بيل إدواردز، الأسبوع الماضي، أن أكثر من 70% من الوفيات الناجمة عن COVID-19، المرض الناجم عن فيروس كورونا، هم من الأمريكيين الأفارقة في ولايته.
وتشير التقديرات إلى أن الأمريكيين من أصل إفريقي يشكلون نحو 33% فقط من سكان الولاية، وفقا لأحدث بيانات التعداد.
وهذا ما أثار جدلا حادا ومحتدما حول ما إذا كانت الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا مرتبطة بمستويات التلوث البتروكيماوي في الرعية، أم أنها تعكس مدى وقع التمييز العنصري في المنطقة.
وأشار حاكم الولاية السابق، ميتش لاندريو، إلى مخاوفه بهذا الشأن في تغريدة نشرها على “تويتر”، قائلا: “استفيقوا! Covid-19 لا يميز من يصيبه، ولكن أكثر من 70% من الوفيات هي من أصل إفريقي أمريكي. البيانات تلو البيانات تظهر أن مجتمعات الألوان تشهد آثارا صحية واقتصادية غير متناسبة. يجب أن تعالج الحلول أوجه عدم المساواة الأساسية في مجتمعنا”.
ولا تعد لويزيانا المكان الوحيد في الولايات المتحدة الذي تشهد فيه الأقليات تأثيرا غير عادل مع فيروس كورونا، حيث قامت صحيفة “وول ستريت جورنال” بتحليل البيانات من مدينة نيويورك، وأفادت أن الأحياء في “كوينز بورو” التي تضم أكبر عدد من المهاجرين كانت الأكثر تضررا من فيروس كورونا. وذكرت “شارلوت أوبزيرفر” أيضا أنه في شارلوت بولاية نورث كارولينا، التي يمثل فيها السود الثلث فقط، سجلت نحو 44% من حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس لدى الأمريكيين الأفارقة.
كما سجلت إحصاءات مماثلة في عدة مناطق أخرى في البلاد بينها إلينوي وميشيغان، وهو ما يشير إلى أن عدم المساواة هو المرض الأكثر فتكا من كورونا للأمريكيين من أصول إفريقية، على حد قول البعض.
سيريان تلغراف