وافق مجلس الشعب في جلسته التي عقدها ظهر أمس برئاسة محمد جهاد اللحام رئيس المجلس على مقترح مكتبه إحداث أربع لجان دائمة جديدة تتعلق بالحريات العامة وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والأسرة والطفل والشباب والصحافة والطباعة والنشر.
ورأى عدد من الأعضاء أن إحداث اللجان الأربع يشكل خطوة إصلاحية منطقية تأتي تجسيداً لما تضمنه الدستور ولاسيما في باب الحريات والحقوق ويعكس الحرص بمصالح الشعب وملامسة حياة المواطنين وتحقق تطلعات فئة كبيرة من المجتمع ويؤسس لدور كبير لمؤسسة المجلس في المجتمع وتعزيز الحريات والحقوق العامة والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية والتنوع الثقافي.
وأشاروا الى ضرورة تحديد مهام تلك اللجان بدقة وربط اختصاصها بمفاصل ومرجعيات تنفيذية من وزارات ومؤسسات وهيئات حرصاً على أدائها وكي لا تتعارض وتتضارب مع عمل لجان أخرى والى إعادة توزيع المهام ضمن اختصاص كل لجنة لتحقيق التكامل في عملها داعين لعقد ورشات عمل من ذوي الخبرة لوضع الاختصاص لكل منها ضمن لائحة داخلية تضبط عملها وتحقق الغاية منها.
ودعا عدد من الأعضاء الى تقديم الصورة والصيغة الملائمتين لعمل هذه اللجان والتصويت عليها نظراً لأهميتها في المجتمع والتعرف الى ما أنجزته لجان المجلس في دوراته السابقة والشروع بالبناء عليها مؤكدين أن ما يهم المواطنين اليوم هو شؤونهم اليومية لكونهم ينتظرون من المجلس الشيء الكثير ويعولون عليه في تدبر أحوالهم الشخصية.
وأوضح رئيس المجلس أن اللجان الأربع هي عناوين وما أن يتم التصويت عليها وموافقة المجلس عليها سيصبح هناك 16 لجنة في المجلس وأنه عند إعادة قراءة النظام الداخلي وتعديله سوف يعاد ترتيب مضمون واختصاص كل لجنة بما يتوافق مع الوزارة المعنية.
وأكد الأعضاء أهمية أن تعنى لجنة الشباب بمتابعة قضايا الشباب ومتطلباتهم وأبرزها تأمين فرص العمل خاصة في ظل ما تعرض له هؤلاء خلال هذه الأزمة من تسريح أعداد كبيرة منهم وفقدانهم فرص العمل استناداً لتشريعات قائمة ما يتطلب إعادة قراءة قانون العمل رقم 17 الذي تضمن مواد لا يجوز أن يتضمنها تشريع يستند الى الدستور حيث يتيح هذا القانون التسريح التعسفي دون إبداء أي سبب مقابل تعويضات مالية حيث بات نحو 90 ألف عامل خارج تجمعاتهم ومؤسساتهم في القطاع الخاص الأمر الذي يستوجب تعديله ليكون أكثر توازناً لصالح العمال وأرباب العمل.
وأكدوا أهمية التركيز على جيل الشباب وإحداث وزارة تعنى بقضاياهم لفتح آفاق العلم والعمل والاستقرار أمامهم وحمايتهم من الوقوع في البطالة وتأمين حقهم في العمل والسكن وتأمين القروض المساعدة على الزواج والاستقرار داعين الى أن يكون الحوار مع الشباب ومختلف قطاعاتهم تحت رعاية المجلس بغية تحقيق مشاركة فعلية لهم في عملية البناء والتنمية والبحث العلمي.
ولفتوا الى أهمية أن تعنى لجنة المرأة والطفل والأسرة بقضية عمالة الأطفال الذين يتعرضون الى مختلف أنواع العقاب من مشغليهم وإعادتهم الى المدارس داعين الى وضع تصور واضح لحماية الأسرة وتأمين مستوى لائق لها ورعاية الأسر التي تضطر للهجرة من منطقة الى أخرى خلال مواسم الحصاد ما يؤدي الى انتشار الأمية بين أفرادها من نساء وأطفال مع الدعوة لوضع تشريعات لتحديد النسل وتقديم الخدمة والرعاية للأسرة والمرأة والطفل وحماية المجتمع من الأفكار الغازية والمضللة الأمر الذي يعد من صلب عمل المجلس بحيث تكون البداية بتأسيس جيل الأطفال لأنهم عدة المستقبل و ضرورة تأطيرهم في تنظيم واحد وغرس القيم الوطنية السامية والنبيلة والثقة بالنفس وتعزيز روح الجماعة فيهم مع التأكيد على حصول الجميع على العناية والحماية من أجل بناء سورية المتجددة.
ونوه الأعضاء بأهمية لجنة الحريات وحقوق الإنسان وخاصة في هذه المرحلة التي تمر بها سورية وضرورة إيلائها مزيداً من الاهتمام والرعاية وتفعيل عملها انطلاقاً من أن الحرية حق مقدس يكفله الدستور إضافة الى ضرورة تكريس قيم العدالة والثقة بين أجهزة الدولة والمواطنين واحترام كرامة المواطن عنواناً للمرحلة الجديدة لتبقى سورية انموذجاً يحتذى في الوحدة والمحبة والإخاء، مشيرين الى أن إحداث هذه اللجنة يحاكي في مضامينه وأهدافه التعددية والتشاركية السياسية لكونها جسراً للثقة بين المواطن والمجلس.
وطالبوا بإعادة تسمية لجنة الصحافة والطباعة والنشر لتصبح لجنة الإعلام والطباعة والصحافة والنشر على أن تختص بالرقابة على عمل وزارة الإعلام بدلاً من لجنة الإرشاد والتوجيه، لافتين الى أهمية وجود مؤسسة إعلامية قادرة على قيادة الرأي العام وتوجيهه بما يخدم الوطن ويدعم مسيرة الإصلاح.
كما أكد عدد من الأعضاء ضرورة الانطلاق بالحوار الوطني الشامل وإيجاد أفضل السبل والطرق لتفعيل عمل المجلس بهذا الخصوص وتعديل النظام الداخلي للمجلس بما يمكن أعضاءه من ممارسة دورهم في الرقابة والمحاسبة بأسرع وقت بالتوازي مع مسيرة الإصلاح لافتين الى أن الظروف الحالية تتطلب عملاً استثنائياً يحصن الوطن من المؤامرات ويصون كرامة الوطن.
كما دعا عدد من الأعضاء الى إعادة العمل بقانون الطوارىء لفترة مؤقتة قابلة للتجديد نظراً للظروف الأمنية التي تمر بها سورية وصوناً للمواطنين من انتهاكات المجموعات الإرهابية المسلحة. ونوه عدد من الأعضاء بصمود الشعب السوري ووقوفه في وجه المؤامرة التي تتعرض لها سورية والتي تستهدف أسس الوحدة الوطنية التي تعد حجر الزاوية للصمود الوطني السوري، مشيرين الى أن المتآمرين استغلوا نقاط الضعف المتراكمة في المجتمع نتيجة السياسات التي اتبعتها الحكومات السابقة. ودعا الأعضاء الى تشكيل لجان إضافية لمكافحة البطالة والدراسات الاستراتيجية والبحث العلمي ورعاية أسر الشهداء والجرحى والمعوقين إضافة الى لجنة للنزاهة والشفافية والمساءلة ومكافحة ومحاربة الفساد تكون من مهامها متابعة أوضاع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية الجهتين المعنيتين بقضايا الفساد التي تشغل وتهم كل المواطنين واتباعها للسلطة التشريعية الى جانب إحداث لجنة تشرف على عمل نقابات و منظمات المجتمع الأهلي لكونها تمثل شريحة واسعة من الشعب السوري وأخرى للتربية والتعليم العالي وتمكين اللغة العربية. كما طالبوا بتشكيل لجنة مؤقتة في ظل الظروف الحالية تكون مهمتها دراسة أوضاع المواطنين وخصوصاً المنكوبين والمتضررين والمهجرين وذوي الشهداء من مدنيين وعسكريين ومتابعة قضاياهم للتخفيف من معاناتهم بحيث تضم كل أعضاء المجلس وتتوزع على كل المحافظات وتواصل عملها خلال عطلة المجلس لتحقيق التواصل بين هؤلاء المواطنين والسلطات التنفيذية.
ولفتوا الى أهمية تشكيل لجنة لرعاية شؤون المبدعين السوريين المغتربين لاسيما مع وجود أعداد كبيرة من أطباء ومحامين ومهندسين وباحثين وأساتذة جامعات ورجال أعمال يحبون وطنهم وينتظرون العودة إليه بفارغ الصبر عندما تتاح لهم الفرص والظروف الملائمة لاستخدام مهاراتهم بما يخدم الوطن.
واقترح الأعضاء تشكيل لجنة جديدة تسمى اللجنة الاجتماعية تختص بتفعيل الجانب الاجتماعي لتعزيز الوحدة الوطنية وإطلاق الحوار الوطني وإعادة جسور الثقة بين أبناء الوطن.
ودعا العضو محمود خليل الحريري الى ضرورة إعادة صياغة تعريف ومهام لجان المجلس وتسمية لجنة الصحافة والطباعة والنشر لتكون بلجنة الإعلام وبالتالي إخراجها من مهام لجنة التوجيه والإرشاد مع الاقتراح بتفعيل مهام وصلاحيات المجلس الوطني للإعلام ووضع برنامج زمني وخطة منهجية تنتقل من خلالها الكثير من صلاحيات وزارة الإعلام الى المجلس الوطني للإعلام وصولاً الى اليوم الذي تكون فيه سورية من أوائل دول العالم النامية التي تبادر الى إلغاء وزارة الإعلام لإشاعة أجواء حرية تامة لقطاع الإعلام بكافة مؤسساته وأطيافه. واعتبر العضو عبد الله قيروز أن الأزمة هي العنوان الملح في هذه المرحلة ما يتطلب دوراً فاعلاً للمجلس وأعضائه في إيجاد صيغ للحوار وبلسمة الجراح وإعادة الأمن والاستقرار وأنه لا يمكن بحث قضايا الإصلاح والمشروعات الجديدة ومكافحة الفساد وهناك دماء تسيل داعياً الى إعادة الأمن والاستقرار وإدراج موضوع الأزمة في الجلسات القادمة.
وقال العضو يوسف محمود: إن سورية لطالما كانت عبر التاريخ تقدم الدليل على المحبة والتسامح والسلام واحتضانها لكل الحضارات والأديان والقوميات باعتراف كبار رجال الدين والسياسة في العالم ما جعلها عرضة للاستهداف من أمريكا والدول الغربية وتلك التي فشلت في الحفاظ على حضارتها والعيش المشترك وقال: نسأل جماعة اسطنبول الذين يلجؤون اليوم الى الاستعمار الفرنسي والأمريكي والبريطاني والصهيوني الذي سبق واستهدف المنطقة منذ اتفاقية سايكس بيكو واليوم يأتينا باسم الديمقراطية لتقسيم سورية أين هم من الإيمان.
وقال العضو خالد العبود: إنه سابقاً في الدورين التشريعيين 8/9 لم يكن من الممكن إضافة لجنة الى المجلس ما يؤكد أهمية هذه اللجان في تعزيز دور المجلس في المجتمع رغم اعتراض البعض لجهة عدم وجود مرتسمات وإسقاطات لعمل بعضها فضلاً عن تحفظهم على صيغ تسميتها كما تم الحديث عن لجنة الحريات العامة مؤكداً أن هذه اللجان ستؤسس لدور هام في المجتمع يضطلع به المجلس لاحقاً شريطة تقديمها لحراك حقيقي له وليس لأعضائه.
وأضاف: إنه في الأشهر الأخيرة من الأزمة لم نر مجلس الشعب كمؤسسة في الشارع إنما وجدنا جهوداً فردية ارتجالية لبعض أعضائه حيث إن المجلس عبارة عن مؤسسة تشريعية تقف خلف السلطة التنفيذية تراقب وتشرع دون أن يلاحظ لها أي دور في المجتمع، لافتاً الى دور مكتب المجلس في تقديمه عبر هذه اللجان لنمط ورؤية هامة تفتح لدور جديد للمجلس على اعتبار أنه يجب أن يكون حاضراً بين أفراد المجتمع.
ولفت العبود الى بعض فعاليات المجتمع الأهلي التي أوصلت مطالبها الى المجلس مؤخراً والمتمثلة في ضرورة وجود حسم عسكري وإعلان حالة الطوارىء وإعادة الجيش الشعبي الى الشوارع كما حدث في الثمانينيات نظراً لدوره وقتها في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة.
ودعا العضو خالد كربوج الى ضرورة إخلاء سبيل جميع الموقوفين لدى الجهات الأمنية ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء أو التسليح المتعمد أو التعامل مع الجهات الخارجية وإحالة من تثبت عليهم إحدى هذه التهم الى المحاكم المختصة ووضعهم في سجون نظامية ليتمكن ذووهم من زيارتهم إضافة الى إدراج أسماء المخربين والمسلحين والعملاء ممن لم يتم القبض عليهم على شاشات التلفزيون وغيرها من وسائل الإعلام لتحذير الناس منهم ومحاسبة كل من يسيء الى البلد ويقوم بتخريب البنى التحتية والأملاك العامة والخاصة.
سيريان تلغراف