تضاربت الأنباء حول أسباب وأهداف دخول رتل عسكري تركي كبير اليوم الاثنين إلى إدلب السورية، التي تشهد حاليا معارك طاحنة بين الجيش السوري والجماعات المسلحة محورها بلدة خان شيخون.
فمن ناحية، أعلنت الحكومة السورية أن “آليات تركية محملة بالذخائر” اجتازت الحدود باتجاه خان شيخون، “لنجدة إرهابيي جبهة النصرة المهزومين”، الذين يصعّد الجيش السوري هجومه على مواقعهم غرب البلد.
وأكدت دمشق أن “السلوك العدواني للنظام التركي لن يؤثر بأي شكل على عزيمة وإصرار الجيش العربي السوري على الاستمرار في مطاردة فلول الإرهابيين في خان شيخون وغيرها”، في تصريح تزامن مع تعرض الرتل التركي لقصف جوي أجبره على التوقف قرب بلدة معرة النعمان حسب تقارير مختلفة.
من جانبها، ذكرت وزارة الدفاع التركية أن الرتل تعرض للقصف من قبل الجيش السوري “أثناء توجهه إلى نقطة المراقبة التاسعة في إدلب” (وليس إلى خان شيخون)، وعبرت عن إدانتها للقصف باعتباره “يتعارض مع الاتفاقات السارية والتعاون والحوار بينها وروسيا”، محذرة من أنها ستحتفظ “بحق الرد”.
وتعتبر “نقطة المراقبة التاسعة” الواقعة ببلدة مورك شمالي حماة على الحدود مع إدلب، إحدى نقاط المراقبة الـ12 ألتي أقامتها أنقرة شمالي سوريا على خطوط التماس بين فصائل المعارضة المسلحة من جهة، والجيش السوري والوحدات الكردية من جهة أخرى، وذلك بموجب اتفاقات أستانا على منطقة إدلب لخفض التوتر.
ولم تكشف وزارة الدفاع التركية هدف إرسال الرتل إلى مورك، لكن مصادر مقربة من المعارضة السورية رجحت أن أنقرة تسعى لإنشاء نقطة مراقبة عسكرية جديدة على الأوتستراد الدولي حلب دمشق بالقرب من خان شيخون، لمنع الجيش السوري من قطع طريق الإمداد تجاه نقطة المراقبة في مورك بعد عزل مدن وبلدات ريف حماة كفرزيتا ومورك اللطامنة، وهو أمر حتمي في حال وصول القوات الحكومية إلى خان شيخون.
ويبدو أن التقدم الأخير للجيش السوري باتجاه خان شيخون وضع تركيا في موقف صعب، فعليها الاستعجال قبل خسارة المسلحين لهذه البلدة الاستراتيجية، في اختيار طريقة ناجعة للحفاظ على مصالحها ووجودها في إدلب.
وفي حال نجاح القوات السورية في محاصرة نقطة المراقبة في مورك، سيضطر الجيش التركي لإجلائها أو لفك الحصار عنها بالقوة، وهما خياران أحلاهما مر.
فدخول الأتراك على خط المواجهة في إدلب بشكل مباشر قد يورطهم في مغامرة لا تحمد عقباها، لأن سحب نقطة المراقبة سيشكل سابقة خطيرة بالنسبة لأنقرة إذ أنه سيمنح دمشق مفتاحا للتخلص من بقية النقاط تدريجيا باعتماد نفس الأسلوب ودون اتفاقات.
وتوحي قراءة بيان وزارة الدفاع التركية وتحركات قواتها ميدانيا، بأن تركيا شديدة الحرص على تجنب مثل هذا السيناريو قبل فوات الأوان، وإن تطلب ذلك استخداما “محدودا” للقوة بالتوازي مع تكثيف مختلف أنواع الدعم لجبهة الفصائل المسلحة في محاولاتها التصدي للقوات السورية المهاجمة على أكثر من محور في إدلب.
سيريان تلغراف