وسطاء يتقاضون آلاف الدولارات … ثمن خدمة مجانية أصلاً
اطلب أي صفحة لأي جهة رسمية سورية على الفيسبوك ستجد اثنتين على الأقل، واحدة منهما مزورة طبعاً.
أكثر من صفحة لمعظم الوزارات، والمؤسسات العامة، ومواقع المحافظات، وحتى رئاسة الحكومة، ورئاسة الجمهورية التي تحمل أربع صفحات على الأقل اسمها، بينها “مكتب شكاوى المواطنين”
وهكذا يمكن أن تجد تاجراً يقوم بإنشاء صفحة باسم وزارة الاقتصاد مثلاً، وينشر فيها ما يخدم مصالحه، وتضيع الصفحة الرسمية لأي جهة مع الصفحات الأخرى المزورة، إذ لا يميزها عنها أي شيء.
علامة التحقق
مواقع التواصل أوجدت حلاً يتمثل بعلامة التحقق (العلامة الزرقاء) التي يعني وجودها على الصفحة أنها تتبع فعلاً للجهة التي تحمل اسمها، فالحساب الحقيقي لجهة ما (أو لشخصية) هو الذي يحمل علامة زرقاء بجانب الاسم.
وباستثناء صفحة جامعة دمشق، وهي أول صفحة في سورية يتم توثيقها رسمياً، لن تجد أي صفحة حكومية تحمل علامة التوثيق الزرقاء على مواقع التواصل.
بينما تجد صفحات شخصية، أو إخبارية، حازت تلك العلامة، وعددها في ازدياد، وقد ذكر أحد العاملين في مجال الشبكات، وخاصة التوثيق، أن ثمة من يلجأ لشركات بعضها في الخارج، لتوثيق صفحة، مقابل مبالغ قد تصل إلى 5 آلاف دولار، علماً أن الخدمة مجانية أصلاً، ضمن شروط محددة موجودة على صفحات التواصل، وتنطلق تلك الشركات في ذلك إما من معرفتها بأن عدد من يعرفون بالأمر قليل، أو من اعتقاد شائع بأن سوريا محظورة من التوثيق، لخضوعها لمجموعة عقوبات اقتصادية وتقنية.
فما الحقيقة؟ ولماذا يغيب التوثيق في سوريا؟
سؤال طرحناه على جهات عدة، وشخصيات، منهم من رفض التحدث، ومنهم من قال إن الأمر يتعلق بالعقوبات، وأن الصفحات التي حازت تلك العلامة إنما فعلت ذلك عن طريق “بروكسي” أو أنها قامت بالتوثيق عبر شركات، ومن خارج سوريا.
لا حظر على سوريا
“لا يوجد أي حظر على سوريا في هذا الموضوع” تقول مديرة الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة في وزارة الاتصالات فادية سليمان التي تفسر عدم وجود تلك العلامة على الصفحات الحكومية “بعدم وجود دراية كافية بمسألة التوثيق، والعلامة الزرقاء، فالجهات الحكومية صارت مؤخراً نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، وربما لذلك لم يتخذوا إجراء، إضافة إلى أن ثمة إجراءت للحصول عليها منها اللوغو والوثائق الرسمية، وبعض ما يمكن أن تتخوف منه بعض الجهات”
وحول الشركات التي تقدم خدمات التوثيق، تقول سليمان “لا داعي لوجود أي وسيط في هذا الأمر، كما لا توجد أي أجور للحصول على تلك العلامة، والشركات التي تدعي أنها وكيلة للفيسبوك سواء في سوريا أو خارجها هي عبارة عن سماسرة، وغير مرخصة فعلياً، وكل ما تقوم به أنها تفعل ما كان يجب على صاحب الصفحة أن يفعله بشكل طبيعي”
وتؤكد سليمان على ضرورة التشجيع لوضع تلك العلامة، “لأنها تعطي موثوقية ومصداقية وتضمن الحماية للصفحات الرسمية” وتشير إلى صفحة جامعة دمشق الموثقة، وتؤكد أن وزارة الاتصالات تسعى للحصول على تلك العلامة على صفحتنا الرسمية، وأن ذلك ليس من المسائل المعقدة ولا يتطلب كادراً عالي التخصص، بل هو بحاجة وعي لأهمية التوثيق فقط”
الحكومية الوحيدة الموثقة
صفحة جامعة دمشق موثقة منذ 2012 كما أكد مستشار رئيس الجامعة لشؤون المعلوماتية إياد الخياط، وهي بذلك أول صفحة توثق في البلد، ومازالت الصفحة الحكومية الوحيدة الموثقة بعلامة التحقق الزرقاء.
مسؤولة الصفحة في الجامعة رولا دعدوش، وبعدما تواصلت مع المسؤولة السابقة عن الصفحة رزان عبدوش، ذكرت أن الجامعة بدأت العمل على ذلك منذ 2011، خاصة بعدما بدأت تظهر صفحات مزورة باسم الجامعة.
وتشير دعدوش إلى أن ثمة مشكلات تقنية قد تكون ناتجة عن العقوبات وخاصة في عام 2014 إذ لم تعد تصل رسائل البريد الإلكتروني مثلاً، وتؤكد أنه لو كانت شركة أمريكية في دبي لم يكن يصل منها أو إليها حتى الفاكس.
أول صفحة إخبارية
يقول نور الأسود أحد مؤسسي صفحة “يوميات قذيفة هاون”، إنه وثق الصفحة منذ 2015، لتكون أول صفحة توثق للقطاع الخاص، وفي عام 2018 تم توثيق نحو عشر صفحات، ويشير إلى أنه لا تكلفة للتوثيق، فالفيسبوك لا تضع أجوراً على ذلك، وأن الحصول عليها يتم مباشرة ضمن شروط محددة، وعن أهمية التوثيق يقول إنه يزيد التفاعل مع الصفحة، إضافة إلى ميزة “الأدمن المخفي” الذي تصعب إزالته من الصفحة الموثقة، عدا عن التحقق من الصفحة والحصول على ثقة المتابعين بها.
ومن متابعته يقول الأسود إن إدارة الفيسبوك فتحت رابط التوثيق قبل نحو سنة لكل دول العالم، فتلقت أكثر من مليون طلب خلال ساعتين فقط.
مزور باتقان
هناك صفحات يسهل التعرف إلى كونها مزورة، إذ تعمد إلى نشر أخبار لا تنسجم والصفحة التي تنشر عليها (كحالة صفحة وزارة الاقتصاد المزورة)
لكن هناك صفحات ما زال الذي تنشره يحظى بالتداول وتتم مناقشته والسخرية منه، أو تفنيده، على أنه فعلاً صادر عن الجهة التي يفترض أن الصفحة تصدر عنها، والمثال هنا: صفحة “الشيخ أحمد شلاش” بل هي أكثر من صفحة مزورة بالاسم ذاته، وما زال التعامل معها يتم على أنها فعلاً صادرة عن شلاش.
سيريان تلغراف | RT