تحت العنوان أعلاه، كتب بيوتر آكوبوف، في “فزغلياد”، حول الدافع إلى أمر الانسحاب من سوريا الذي أعطاه الرئيس دونالد ترامب لقواته وانعكاسه على الوضع السوري.
وجاء في المقال: أعلن دونالد ترامب انتصار الولايات المتحدة على تنظيم الدولة، وأمر بانسحاب العسكريين الأمريكيين من سوريا. من الواضح أن ترامب يريد التأكيد على أنه يحقق آخر وعوده الانتخابية. ولكن، لماذا الآن؟
لأن الولايات المتحدة لم تعد تعنيها سوريا بذاتها. الرهان في اللعبة هو الشرق الأوسط بأكمله. واشنطن تريد وقف تراجع نفوذها في المنطقة، والانسحاب من سوريا هو أسهل وأقل ما يمكن أن تفعله الآن.
سهل، لأنه لا يوجد معنى عسكريا وجيوسياسيا لبقاء ألفي أمريكي في البلاد التي عادت إلى سيطرة الأسد. أصبحت تركيا، بعد أن توصلت إلى اتفاق مع روسيا وإيران، طرفًا ثالثًا في التسوية السورية، ولا مكان للولايات المتحدة هناك. نظريا، كان يمكن لأمريكا أن تلعب (دورا) مع تركيا، لكن العلاقات بين البلدين تدهورت بشكل كارثي في السنوات الأخيرة. راهن أردوغان على تعزيز العلاقات مع روسيا. على خلفية العديد من الخلافات مع الولايات المتحدة، بدا الأمر استفزازياً بشكل خاص.
تركيا، مهمة جدا بالنسبة لجميع اللاعبين العالميين الرئيسيين… لا تستطيع الولايات المتحدة تحمّل “خسارة تركيا” نهائيا. والقضية السورية هنا هي الأبسط، إضافة إلى أن سحب القوات يلبي رغبة ترامب نفسه. فسوف يفي ترامب بأحد مطالب أردوغان، وسيكون من الممكن على الأقل تخفيف حدة قضية تسليم غولن، إن لم يكن سحبها من التداول..
ماهي عواقب مغادرة الأمريكيين سوريا؟ تراجع احتمال عملية تركية ضد الأكراد. فبعد مغادرة الأمريكيين، سيضطر الأكراد للتصرف بحذر وحيطة أكثر مع أنقرة ويصبحوا أكثر ليونة في المفاوضات مع دمشق، وسيتعاملون مع الحجج الروسية باهتمام أكبر.
أما بالنسبة لروسيا فنتائج انسحاب الأمريكيين الأكثر أهمية ليست سورية داخلية، إنما تركية. بالطبع، يمكن لأردوغان الآن القيام بخطوات استعراضية باتجاه الولايات المتحدة. ربما يصل إلى فسخ عقد توريد إس 400 (على قلة احتمال ذلك). ومع ذلك، فهو، من حيث المبدأ، لن يغير مساره. فتركيا تريد ويمكن أن تصبح واحدة من القوى العظمى في القرن الواحد والعشرين، ومن دون شراكة استراتيجية متعددة وموثوقة مع روسيا، لن يكون ذلك ممكنا.
سيريان تلغراف