تحت العنوان أعلاه، كتب غيفورغ ميرزايان، في “إكسبرت أونلاين“، حول انتظار العالم هجمة كيميائية في سوريا، وتحول الكيمياء إلى عنصر في لعب سياسات دولية كبرى.
وجاء في المقال: خصوصية هذه الحالة، تتيح لأي دولة، حتى تلك التي ينبغي، نظرياً، أن يقع فيها ضحايا، الحصول على بعض المزايا أو المكاسب من الاستفزاز بالأسلحة الكيميائية. فيما تتحمل المخاطر جميع الجهات الفاعلة، حتى أولئك الذين يقفون وراء تنظيم “الاستعراض الكيميائي”.
يرى جزء كبير من الخبراء الروس أن الأمريكيين وراء تنظيم الاستفزاز المحتمل. قد تكون الدوافع في الولايات المتحدة مختلفة. فمثلا، مفاوضات ترامب مع روسيا على تعويض الولايات المتحدة عن انسحابها من سوريا، تسير بصعوبة بالغة. السبب بسيط: في روسيا، لا يرون ضرورة تقديم تنازلات جدية للولايات المتحدة. وهكذا، فمن خلال تنظيم استفزاز كيميائي والحصول على ذريعة لتوجيه ضربة، يحصل الأمريكيون على أداة ضغط.
بالنسبة لموسكو، يبدو أن الاستفزاز الكيميائي لا يأتي سوى بالخسائر. فكل سياسة الكرملين الهادفة إلى إجبار المقاتلين السوريين على قبول السلام، تقوم على فهم مشترك بأن لا مفر للمسلحين. لكن نشاط الولايات المتحدة يعيد إحياء الوهم لديهم بمساعدة غربية. إنه وهم فارغ، ولكن بالنسبة لروسيا غير سار، لأن الكرملين مهتم بعودة الأراضي السورية إلى سيطرة دمشق في أقرب وقت ممكن، لإطلاق العملية السياسية. إيران، هنا، في خندق واحد مع روسيا، فلطهران مصلحة بالانتهاء المبكر من الحرب الأهلية السورية.
من ناحية أخرى، يمكن لموسكو وطهران أيضاً أن تستخلصا مكاسب معينة من الاستفزاز الكيميائي، فيما لو خسرت الولايات المتحدة اللعبة في البوكر الدبلوماسي. فتراجع ترامب أو حتى موافقته على “ضربة استعراضية” أخرى، سوف ينفّر آخر حلفاء واشنطن الذين ما زالوا يؤمنون بالضمانات الأمريكية.
أما بالنسبة للأتراك، فالفوائد والمخاطر تقريبا متعادلة. فمن جهة، أنقرة راضية لأنها تحل جميع القضايا المتعلقة بسوريا مع روسيا وإيران، دون إشراك قوى خارجية لا لزوم لها. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يلعب أردوغان لعبة مغامرة (كما يحب)، فيحاول الاستفادة من الاستفزاز المحتمل للتدليل على تهميش تركيا في “الترويكا الكبيرة”، أو تجاهل مصالحها في المسألة الكردية. فإذا ما أبدت أنقرة دعمها الكامل لفكرة الولايات المتحدة بضربة انتقامية ضد الجيش السوري، واستعدادها للوقوف مع الأمريكيين لمنع القوات السورية من الهجوم على إدلب، فسوف تتحسن بشدة أوراق اللعب في يد الولايات المتحدة في لعبة البوكر السورية. فيما إيران وروسيا بغنى عن ذلك.
سيريان تلغراف