الحملات التي يتعرض لها الرئيس بشار الأسد في سياق الحرب العالمية على سورية تكشف درجة عالية من الحقد والكراهية في الدوائر الأميركية والغربية، لهذا الزعيم العربي الشاب و توضح أن كمية هائلة من الغل والنقمة والكيد تقود عمل الحركة الصهيونية التي تجند جميع عملائها وكل إمكانات اللوبي الصهيوني في العالم للنيل من الأسد ولشيطنة صورته السياسية أمام الرأي العام السوري والعربي والدولي و حيث تمثل الشراكة السعودية القطرية في استهداف الأسد تعبيرا عن أحقاد لا تقل عدائية ضد الرئيس الأسد لدى حكام السعودية وقطر لكن يبقى كل شيء عند قادة إسرائيل وزعماء صهيون في العالم.
أولا: الدور الذي لعبه الرئيس بشار الأسد في المجموعة العربية منذ العام 2000 قام على احتضان قضية فلسطين ودعم حركات المقاومة وإحباط جميع المشاريع الأميركية الإسرائيلية لضربها ولتصفية حق العودة وهذا ما ظهر في دور الأسد خلال القمة العربية التي انعقدت في بيروت عام 2002 حيث فرض بالشراكة مع الرئيس اللبناني السابق إميل لحود بندا يتعلق بحق العودة في ما سمي مبادرة السلام العربية ، و خلافا للمشيئة الأميركية الخليجية التي أرادت بالمبادرة إشهارا عربيا رسميا لتصفية حق العودة و فتح الطريق أمام صفقة بين حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية تنهي الصراع العربي الإسرائيلي لصالح الصهيونية ومشروعها وبما يكرس الهيمنة الأميركية الغربية على المنطقة.
ثانيا: عشية غزو العراق وفي قمة شرم الشيخ كان خطاب الرئيس بشار الأسد إنذارا للرأي العام العربي وتعبيرا عن وجدان الشعب العربي برمته في مواجهة الإمبراطورية الأميركية ومشروعها الاستعماري المكرس لحماية إسرائيل و لفرض هيمنتها .
ومن اليوم الأول للغزو الأميركي احتضن الأسد فكرة المقاومة ضد الاحتلال في العراق وجاهر علنا بثبات دعمه للمقاومة في لبنان وفلسطين ، و عندما زاره كولن باول حاملا معه شروط الإذعان الأميركية وعروضا مغرية بجعله مقدما على جميع أصدقاء أميركا من الحكام العرب إذا قبل بتصفية المقاومة اللبنانية وفك التحالف السوري الإيراني ونفذ الحصار ضد المقاومة الفلسطينية ، يومها اختار الأسد أن يكون الرئيس الوحيد من بين جميع رؤساء دول العالم الذي يجرؤ على مجابهة الإمبراطورية الأميركية في ذروة اندفاعها بينما كانت تخضع لها دولة كبرى كفرنسا وتتحاشى الصدام معها دول عظمى كروسيا والصين.
الصهيونية العالمية التي قادت حروب بوش ورسمت المشروع الإمبراطوري الأميركي وجدت مذاك في الأسد عدوها رقم واحد.
ثالثا: بعد صفعه لكولن باول ، وضعت خطط أميركية صهيونية خليجية لاستهداف الأسد وكان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري المحطة الأولى في عملية الاستهداف وقد صمد الأسد وقاوم بإباء ، وعندما حلت حرب تموز لاستكمال خطة الاستهداف بضرب المقاومة اللبنانية وسحقها بقيادة تحالف عالمي واسع قادته الولايات المتحدة ، وسايرته روسيا والصين اللتين وقعتا على بيان قمة بطرسبورغ الذي نشر يوم 14 تموز 2006 ، أي بعد يومين من العدوان الإسرائيلي على لبنان ، ليبارك هذا العدوان ويعطي إسرائيل مشروعية تدمير لبنان وضرب المقاومة اللبنانية .
في ذلك اليوم كان الرئيس بشار الأسد يتخذ قرارا تاريخيا بدعم المقاومة اللبنانية بلا حدود وبكل الوسائل ويصدر أوامره للجيش العربي السوري بالاستعداد لدخول الحرب في ثلاث حالات: إذا وسعت إسرائيل عملياتها باتجاه الأراضي السورية، وإذا تقدم جيش العدو نحو البقاع الغربي وقد صدر بيان رسمي سوري حول هذا الموضوع بصيغة إنذار فرض على إسرائيل الانكفاء عن القطاع الشرقي من جبهة لبنان والحالة الثالثة في قرار الأسد دخول الحرب كانت احتمال طلب قيادة المقاومة إلى الشريك والحليف السوري ان يتدخل ليخفف الضغط المعادي عليها بفتح جبهة الجولان.
يعلم الصهاينة كل ذلك بقدر ما يعرفون ان الأسد كان الشريك الرئيسي للمقاومة اللبنانية وللشعب اللبناني في الانتصار الذي اعترف قادة إسرائيل بأنه أفقد جيشهم قوة الردع وأنشأ معادلات وتوازنات جديدة.
رابعا: بقدر ما يدرك المخططون الأميركيون والإسرائيليون ان القوة السورية شريك أساسي وكبير في هزيمة الغزو الأميركي للعراق وفي فشل الحرب الإسرائيلية على لبنان وقطاع غزة فانهم يستهدفون الرئيس بشار الأسد صاحب الخيار التحرري والزعيم الشعبي في سورية والمنطقة العربية بوصفه رمزا للاستقلال والمقاومة في المنطقة العربية ولذلك انتقلوا بعد هزيمتهم أمامه إلى الكيد السياسي فكلفت حكومتا تركيا وقطر وحكومة ساركوزي في فرنسا بتقديم الإغراءات ونصب الأفخاخ لمساومة الرئيس الأسد على ثوابته القومية والوطنية وقد أنجز الأسد من جانبه استثماره الخاص لتعظيم قوة سورية في قلب تلك المحاولات ولم تفلح جميع العروض في نقل الأسد و سورية إلى الضفة الأخرى أي إلى معسكر الهيمنة الغربية والتطبيع مع إسرائيل ، لأن هذا الزعيم و القائد يعيش نبض الشعب السوري ووجدانه القومي والوطني ويعي بقوة حقيقة المصالح البعيدة والقريبة لسورية الدولة الوطنية المتحررة .
بعد خيبة ساركوزي و حمد و أردوغان من محاولات التأثير عليه ، انطلق التخطيط لاستهداف سورية بقصد تدمير قوتها وإغراقها في الفوضى المسلحة والحرب الأهلية ، فقد شكلت مبادرات الأسد تهديدا واقعيا للإمبراطورية الأميركية من خلال الشراكات وشبكات المصالح الإقليمية والدولية التي أقامها من المركز السوري على قوس قاري ومشرقي واسع يضع سورية في مصاف الدول الكبرى والفاعلة على خريطة العالم وهو ما يعتبره الإسرائيليون تهديدا وجوديا بفعل دور سورية المحوري في قلب منظومة المقاومة و معادلات الردع الإستراتيجي التي تمتلكها.
غالب قنديل | الشرق الجديد
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)