رأى رئيس لبنان، ميشال عون، أن مشاركة حزب الله بالنزاع في سوريا باتت قضية إقليمية مرتبطة بتوازن القوى، واعتبر أن الانتخابات النيابية الجارية وفق قانون النسبية تحقق الاستقرار للبلاد.
وسئل عون في مقابلة مع محطة BBC عربي تم بثها الليلة الماضية، عما إذا كان يوافق على طرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، القائل إن “ما قبل القصف الإسرائيلي لمطار “التيفور” السوري شيء وما بعده أمر آخر؟ فقال عون: “إن الاعتداء الإسرائيلي على أي دولة عربية أمر مرفوض من قبل لبنان، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بسوريا، وهي الأقرب جغرافيا إلينا، أما الرد على الاعتداء، فما زال ضمن إطار خطاب، وهو ليس موقف الحكومة اللبنانية”.
وأوضح أنه “في ما يتعلق بمشاركة حزب الله بالنزاع الدائر حاليا في سوريا، فإن مسألته باتت قضية على مستوى الشرق الأوسط، حيث أصبح الحزب جزءا من توازن القوى، ولم يعد بإمكانه الخروج وحيدا من المعركة الدائرة”.
وعن العلاقة مع الدول العربية، وما إذا كانت هناك من آلية عملية لمتابعة مواقفه في القمتين العربيتين الأخيرتين في الأردن والسعودية، والمبادرات التي طرحها، وتفعيل دور لبنان لكي لا تنعكس عليه آثار خلافات الآخرين، أكد: “إننا بين العرب نستخدم لغة عائلية، فنسمي بعضنا الأخوة العرب، ودولنا هي دول شقيقة. فإذا كان فعلا هذا هو شعورنا المشترك، الذي نعبر عنه بهذا الأسلوب، فإنه من غير الجائز أن يتدخل الأخ لصالح أحد ضد الآخر، بل أن يسعى لإصلاح ذات البين بينهما. هذا هو دورنا، أن نطرح مبادرات ونسدي النصح إذا كان مقبولا”.
وعما إذا كان تحقيق مكاسب جديدة من قبل الجيش السوري سينعكس على علاقة الرئيس عون برئيس الحكومة سعد الحريري؟ أجاب بالنفي، قائلا: “نحن لسنا في وضع انتظار أن يربح أحد في الخارج كي ننقلب وطنيا على مواطنينا. نحن إذا ربحنا في لبنان نربح جميعا، وإذا ما خسر أحدنا فإننا جميعا خاسرون. وكل من يعرفني يعرف جوابي هذا منذ حرب العام 2006، التي شنتها إسرائيل ضدنا. وقد سئلت حينها عما حققته من هذه الحرب وقد “حشرت نفسك فيها”، فأجبت أن هذا هو اعتداء على الوطن وعلى مواطنينا، فإن خسروا سنعيش وإياهم الخسارة، وإن ربحوا سنعيش معهم أيضا، لذلك لا يجوز التخلي لا عن المواطنة ولا عن أرض الوطن. وأنا أتصرف على الدوام وفق هذه القناعة الفكرية”.
واعتبر عون أن “القانون الانتخابي الجديد، الذي تجري على أساسه الانتخابات النيابية، قد اعتمد بهدف إتاحة المجال لتمثيل الأكثريات والأقليات في آن معا، وبالطريقة الأصح، لكافة شرائح الشعب اللبناني، ولكي ينتج مجلسا نيابيا، يسمح في معالجة كافة القضايا”، معتبرا أن “هذا ما سيؤمن مزيدا من الاستقرار الداخلي”.
وشدد على أن ما يهمه في الطليعة “هو الوحدة الوطنية، التي ترسخ الاستقرار السياسي، الذي بفضله يمكن بناء كل ما هو إيجابي في الدولة”.
كلام عون لمحطة BBC عربي، جاء عشية انطلاق عملية الاقتراع في الانتخابات النيابية اللبنانية. وجدد عون المطالبة بـ”عودة النازحين السوريين إلى الأماكن الآمنة في سوريا”، نافيا أن “يكون لبنان يمارس أي ضغط على هؤلاء النازحين للعودة”، سائلا عن “حقيقة النوايا التي تقف وراء العاملين لإبقائهم في لبنان”.
وسئل عن مدى تأثير صراع المحاور الخارجية على الاستقرار الداخلي في لبنان، فأجاب: “إن هناك إقرارا من الجميع، بأن لبنان يجب أن يبقى مزدهرا، ومهما كان الانقسام السياسي الداخلي بسبب الخارج، فإن الجميع مؤمن بوجوب الحفاظ على الاستقرار الداخلي وإبقاء كافة أشكال النزاع خارجه”.
وسئل أيضا إلى متى سيبقى لبنان أسير سياسة المحاور، ويبقى الجيش اللبناني يتحمل تبعات هذا الأمر؟ أجاب: “إن الجيش يطبق قرارات الحكومة. وسبق أن اتخذنا قرارا بالإجماع، قضى بطرد الإرهابيين من بعض المناطق الحدودية، التي كانوا فيها. وجرى ذلك عبر معركة عسكرية شهد الجميع خلالها لقدرات جيشنا، الذي قام بها في أسرع وقت ممكن، وانتصر فيها بعدد ضئيل من الشهداء”.
وجدد قوله أن “لبنان يطالب بعودة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في سوريا، وفي بعض المدن يتم تسليم سلاح المسلحين إلى النظام في سوريا”، مشيرا إلى أنه “طالما أن النازحين موجودون عندنا، فإن هناك قلقا يساورنا من نتائج الحرب”.
وقال: “إنني كلبناني موجود على أرض وطني، وكرئيس للجمهورية، أقسمت اليمين على احترام الدستور والقوانين اللبنانية والاستقلال، وعلى المحافظة على سلامة الأراضي اللبنانية، والقانون الدولي من جهته لا يتيح لأحد آخر أن يعطيني الأوامر على أرضي. بإمكانه أن يعترض على تصرفاتي، إذا ما أسأت التصرف اتجاه النازحين، لكن لبنان أعطى النازحين السوريين أفضل معاملة إنسانية، والبرهان على ذلك أن لا أزمة حصلت بيننا. إلا أن نسبة الجرائم العادية قد ارتفعت بسبب وجودهم، لكن لا أزمة من الجهة اللبنانية معهم. لذلك ما من أحد بإمكانه أن يتهمنا بأي أمر سلبي تجاههم. واليوم هناك شائعات تسري أن هناك ضغطا يمارس عليهم، وهذا غير صحيح إطلاقا”.
سيريان تلغراف