نقلت عدة مصادر إعلامية عن أحد النواب البريطانيين قوله “الخطة اطلعت عليها شخصيا ، وشرحها لي قيادي كبير في “الجماعة” ، وهي تبدأ بتفجير عشرات السيارات دفعة واحدة في الأماكن الحيوية العسكرية والأمنية والإدارية ..
وأكد عضو “مجلس العموم” البريطاني أنه استمع قبل بضعة أيام من أحد قادة جماعة “الأخوان المسلمين” السورية لتفاصيل “مخطط عسكري” للاستيلاء على دمشق يتضمن ، كمرحلة أولى ، تفجير ما بين خمسين إلى مئة سيارة مفخخة دفعة واحدة بهدف إثارة فوضى عارمة ورعب غير مسبوق ، يعقبها مباشرة خروج آلاف المسلحين الإسلاميين من مخابئهم ، فضلا عن مئات المسلحين من وحداتهم العسكرية ( باعتبارهم “منشقين كامنين”) للاستيلاء على الأماكن الحيوية والاستراتيجية في العاصمة ، بما في ذلك الأماكن العسكرية والأمنية والإدارية والإعلامية وعقد التحكم والسيطرة السلكية واللاسلكية.
وشبه النائب البريطاني ، هذا المخطط بأنه أشبه بـ”انقلاب عسكري، ولكنه من نوع خاص جدا”، وهو ” لا يخلو من الإبداع”.
النائب البريطاني ، الذي أكد أن جهات معنية في السلطة التنفيذية البريطانية مطلعة منذ أسابيع على هذا المخطط، كشف أنه التقى القيادي “الأخواني” قبل أيام في لندن خلال وجوده في زيارة عمل طارئة ، باعتباره مقيما في تركيا منذ بضعة أشهر، وجرى حديث بينهما حول ” ما تفكر به جماعته للمرحلة القادمة ، وما لديها من أفكار ومشاريع عملية لإسقاط النظام السوري” ، إلا أن القيادي “رفض تأكيد أو نفي ما إذا كانت جماعته هي التي ستقود و /أو ستنفذ المخطط على الأرض ، لاسيما تفجير السيارات ، أو أن جماعة أخرى هي التي ستقوم بذلك. لكنه أوحى بأن جماعته في أجواء المخطط”.
وبحسب النائب الذي يعمل في “لجنة الدفاع” في البرلمان، فإن الخطة تقوم على مرحلتين شبه متزامنتين، تبدأ الأولى بتفجير عشرات السيارات في “الأماكن الأمنية والعسكرية الأساسية، مثل قيادة الجيش في قلب دمشق (الأركان)، ومراكز أجهزة المخابرات الأربعة، فضلا عن بعض المراكز الإدارية الحساسة التي من شأن تفجيرها شل الخلية العصبية المركزية لإدارة الدولة، مثل مبنيي رئاسة الوزراء و وزارتي الخارجية والداخلية وقيادة شرطة العاصمة ، وبعض الوزارات الاستراتيجية كوزارة الكهرباء والاتصالات “.
أما المرحلة الثانية فتشمل خروج آلاف المسلحين الكامنين في العاصمة، والذين جرى تسريبهم خلال الأسابيع الأخيرة إلى دمشق وضواحيها، فضلا عن مئات المسلحين “المنشقين” عن الجيش دون أن يعلنوا ذلك حتى الآن، من مخابئهم والاستيلاء على مباني المؤسسات والوزرات المشار إليها ، مستغلين الفوضى العارمة التي ستتسبب بها التفجيرات المتزامنة.
وسيقوم جزء من هؤلاء المسلحين بالاستيلاء على الإذاعة والتلفزيون والمنشآت التقنية الملحقة بهما، من أجل إذاعة “بيان سقوط النظام وهرب المسؤولين” ، ومراكز الاتصالات في العاصمة ( مقسم شارع النصر ومقسم شارع بغداد و مقسم المزة)!
كما وستقوم مجموعات أخرى من مئات المسلحين بسد المحاور الثلاثة التي تؤدي إلى العاصمة من الخارج وتلغيمها ، من أجل منع قوات النظام من إحضار تعزيزات عسكرية إليها من ملاك الفرق العسكرية التي تدين بالولاء للنظام، مثل الفرقة الثالثة المرابطة في مدخل دمشق الشمالي (القطيفة والرحيبة) ومدخل دمشق الجنوبي ( الفرقة الأولى في معسكرات قطنا) ومدخل دمشق الغربي (فرق الحرس الجمهوري والفرقة 14 في منطقة غربي قاسيون و وادي بردى).
وقال النائب ” إن النظام السوري تلقى معطيات بشأن الخطة من الاستخبارات الروسية ، ولذا فإنه عمد اليوم (أمس) إلى طرد السفراء والهيئات الديبلوماسية استباقيا للحيلولة دون أن تساهم الطواقم الديبلوماسية الأجنبية في تنفيذ المخطط”.
وأكد النائب أن القيادي ”الأخواني” شرح له على الورق بينما كانا في أحد المطاعم اللندنية خطة جماعته ، مستخدما خارطة تقريبية لدمشق، ”إلى حد أنه نسي بعض الأوراق على الطاولة وبقيت معي رغم أنها مكتوبة بخط يده”. وقد اطلعت “الحقيقة” على قصاصات ورقية من النائب البريطاني يتضمن بعضها رسما تقريبيا لخارطة دمشق والأماكن المذكورة . وبدت القصاصات مليئة بأسهم وإشارات وكتابات بالأنكليزية بخط ركيك . وقد سألنا النائب عن مدى دقة المعلومات الواردة على القصاصات وتطابقها مع واقع توزع الأماكن المشار إليها. وكانت بالفعل تحاكي الواقع إلى حد كبير!
النائب البريطاني نقل عن القيادي “الأخواني” قوله إن الخطة كان مقررا لها أن تنفذ منذ شهر نيسان الماضي، إلا أن القائمين عليها اصطدموا بصعوبات لوجستية بالغة، من قبيل العدد الكبير من المسلحين اللازمين للإستيلاء على المراكز الحيوية (حوالي خمسة آلاف) ، و صعوبة تأمين عدد كبير من السيارات التي سيجري تفخيخها وتفجيرها ، والكميات الكبيرة من مادة ”سي 4″ المتفجرة الواجب تأمينها وتخزينها بسرية مطلقة (حوالي 5 إلى 7 أطنان) من أجل تفخيخ السيارات ، وأجهزة الاتصالات الموحدة التي سيجري استخدامها بعد تشفيرها بـ”كود موحد” لتشكل ما يشبه “غرفة عمليات مركزية” لقيادة وتوجيه العملية في مراحلها المختلفة …إلخ. وهو ما دعاهم إلى تأجيل تنفيذ الخطة واستغلال الوقت من أجل تحضير مستلزماتها من العناصر البشرية والتقنية، مشيرا إلى أن قرار جماعة ”الأخوان المسلمين” قبل أسبوعين بإدخال العشرات من قياداتهم إلى سوريا سرا (وهو ما كشفت عنه”الشرق الأوسط” مؤخرا)، يجب وضعه في هذا السياق .
وأكد النائب ، استنادا إلى معلوماته الخاصة، أن تنظيم ”جبهة النصرة” سيلعب دورا مركزيا في ذلك ، كاشفا أن المعطيات المتوفرة تفيد بأن “معظم القيادات الأولى والوسطى في التنظيم المذكور تنتمي للقومية التركمانية في سوريا ، التي تحظى المخابرات التركية بنفوذ كبير في أوساطها” ، وأن “جبهة النصرة” ، وبخلاف الاعتقاد السائد ، ليست بعيدة “تنظيميا” ، أو تنسيقيا على الأقل ، عن جماعة الأخوان المسلمين السورية ، رغم أنها تنتمي في فكرها إلى “السلفية الوهابية” وتشكل واجهة “القاعدة” في سوريا.
ودلل على ذلك بالقول” إن المعلومات الأمنية البريطانية تفيد بأن العديد من قادة التنظيم إما قادة ميدانيون ونشطاء سابقون في تنظيم الطليعة الإسلامية المقاتلة ، الذراع المسلح للجماعة خلال الثمانينيات ، أو من أبنائهم”.
يشار إلى أن هذه المعلومات تتقاطع إلى حد كبير مع محتوى نقاشات تمكنت “الحقيقة” من الاستماع إليها في إحدى “غرف الدردشة” على شبكة ”بالتوك” قبل أكثر من شهر . وهي الغرفة نفسها التي علمت “الحقيقة” من خلالها بأمر التفجير الذي استهدف مقر إدارة المخابرات الجوية في القصاع و مقر إدارة الأمن الجنائي في البرامكة بتاريخ 17 آذار الماضي ، وكشفت عنه في حينه ، أي قبل وقوع التفجيرين بـيومين تقريبا.
سيريان تلغراف | الحقيقة