أكدت وكالة “أسوشيتد برس” أن سكان مدينة الرقة السورية يشعرون بخيبة أمل بسبب الوضع الإنساني الكارثي في مدينتهم شبه المدمرة من قبل التحالف الدولي إبان المعركة ضد “داعش”.
وأشارت الوكالة في تقرير نشرته أمس، إلى أن حالة من الخوف والغضب وخيبة الأمل تخيم على سكان المدينة التي كانت في الفترة ما بين مارس 2013 وأكتوبر 2017 “عاصمة” لـ”داعش”، وتعرضت لأضرار هائلة جراء قصفها من قبل طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في إطار عملية تحريرها من قبضة الإرهابيين.
وذكرت الوكالة أن سكان الرقة يشعرون بأن العالم بأسره تخلى عنهم، وتابعت أن الناس يحاولون إعادة بناء حياتهم، لكنهم خائفون من كل ما حولهم سواء الوحدات الكردية التي تدير المدينة ذات الغالبية العربية، أو الحكومة السورية التي تتواجد قواتها على مقربة من الرقة، أو العصابات التي تقوم بعمليات الخطف والسرقة أو بقايا “الدواعش” ممن يختبئون بين المواطنين.
وقال رجل أعمال رفض الكشف عن اسمه خوفا على سلامته إن الدواعش موجودون داخل المدينة، موضحا أن مهاجما ألقى قبل أيام قنبلة يدوية على حشد من المشيعين غير السنة أثناء تشييعهم جنازة.
وذكر الرجل، ولديه مطعم في المدينة، أنه عاد إلى الرقة فور تحريرها وعثر على منزله ومطعمه مدمرين، ثم حاول استعادة مشروعه، لكنه اختُطف من قبل إحدى العصابات المجرمة، وتم الإفراج عنه مقابل دفع عشيرته فدية بمبلغ 10 آلاف دولار إلى الخاطفين.
وأشار الرجل، كالعديد من سكان الرقة، إلى تدهور الوضع الأمني في المدينة في الأشهر الأخيرة، متهما “قوات سوريا الديمقراطية” ذات الغالبية الكردية بالاستعجال في تجنيد العرب إرضاء للعشائر العربية، وقال: “في نهاية المطاف نجد أنفسنا تحت حكم اللصوص والدواعش السابقين”.
من جانبها، أكدت عضو مجلس الرقة المدني المدعوم أمريكيا ليلى مصطفى أن البنى التحتية في المدينة و65% من منازل المدنيين دُمّرت بالكامل جراء قصف التحالف الدولي.
وشدد شيخ أحد العشائر الذي دُمّر منزله بإحدى الغارات على أن قصف التحالف كان عشوائيا، مشيرا إلى أنه لم يعثر على أي أثر لتواجد “داعش” في منزله المستهدف.
وقال الشيخ إنه لا يتوقع الحصول على تعويضات مالية موعودة وتساءل: “من سيدفع لي عن ذلك؟”.
وأكد التقرير أن المرافق العامة في المدينة تعرضت للأضرار الهائلة، حيث لم يستثن القصف الجوي مساجد ومدارس وساحات ومنازل سكنية، استُهدف بعضها أكثر من مرة.
ونقلت الوكالة عن رجال الإغاثة تأكيدهم أن عمليات انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض لا تزال مستمرة، مضيفين أنهم انتشلوا نحو 500 جثة خلال الثلاثة أشهر الأخيرة باستخدام جرافة واحدة فقط.
وتابع التقرير أن إزالة الأنقاض في بعض الشوارع لا تحسّن الصورة، موضحا أن كميات كبيرة من الخردة والنفايات متراكمة أمام ما تبقى من المباني، بينما لا تزال ثمانمئة ألف عبوة ناسفة على الأقل مزروعة في وسط المدينة.
في الوقت نفسه، ذكرت الوكالة أن المدنيين يحاولون الرجوع إلى الحياة الطبيعية، حيث أكدت مصطفى أن عدد المواطنين الذين قرروا العودة إلى الرقة تجاوز بكثير 100 ألف شخص الذين أعلنت عنهم الأمم المتحدة.
وأكدت المسؤولة أن معظم أعمال إعادة الإعمار تجري بالتمويل الذاتي، مضيفة أن المساعدات الخارجية التي تحصل عليها المدينة محدودة للغاية ولا تتوافق مع احتياجاتها، وتابعت في الوقت نفسه أن المنظمات الدولية وبعض الدول الأجنبية لم تتخل عن مسؤولياتها.
وأشار التقرير إلى أن العمال والخبراء يصلون المدينة من بلدات الرقة وغيرها من محافظات البلاد، ونقل عن عامل من محافظة دير الزور، وهو يقف إلى جانب جسر مدمر بقصف التحالف، قوله: “لا يستطيعون التعامل مع الوضع بمفردهم”.
واختتم التقرير بالاستنتاج أن آثار تواجد “داعش” لا تزال واضحة في المدينة بالرغم من جهود سكانها، ونقل عن المواطنة نهلة مصطفى قولها: “خسرنا كل شيء. عندي ثلاثة آلاف ليرة. ما الذي استطيع فعله بها؟ أنا متعبة وخائفة. متى سنحصل على مبلغ يكفي لإعادة إعمار منازلنا؟ حين سنكون مع زوجي في عمر 100 عام؟.. ماذا ينتظرنا في المستقبل؟ بأي ذنب يحصل لنا كل هذا؟..”
سيريان تلغراف