Site icon سيريان تلغراف

نيزافيسيمايا غازيتا : هل تتجرع سورية كأس الحرب الأهلية ؟

على خلفية العنف المتواصل في سورية تتعرض روسيا لضغط خارجي متصاعد بهدف  إقناعها بأن خطة عنان السلمية قد فشلت ويجب تغيير السلطة في دمشق بأسرع وقت. ومن  جانبها تحاول روسيا حث رعاة المعارضة السورية المسلحة الغربيين والعرب على  زجر “زبائنهم”، ودفعهم نحو الحوار مع السلطة. وفي ظروف ركود العملية  السلمية والتناقضات بين اللاعبين الخارجيين الرئيسيين لا تخفي مجموعات  المعارضة المسلحة أنها جادة في استعدادها لحرب أهلية حقيقية.

كان الوضع حول سورية أحد المواضيع الرئيسية للقمة الروسية – الأوروبية،  إذ تفيد وسائل الإعلام الغربية بأن قادة الاتحاد الأوروبي حضروا إلى سانكت  بطرسبورغ وفي نيتهم إقناع روسيا بتفعيل كل ما بحوزتها من أدوات للضغط على  دمشق وإرغام الرئيس بشار الاسد على سحب المعدات العسكرية من المناطق  السكانية، وكذلك تطبيق البنود الأخرى الواردة في خطة عنان.

وبدورها تؤكد موسكو أنها تجري اتصالات منتظمة مع السلطات السورية وممثلي  المعارضة وتحث الطرفين على البدء بالحوار السياسي. وفي اتصال هاتفي مع  المبعوث الأممي العربي كوفي عنان أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف  أن تطبيق الخطة السلمية يتطلب تضافر جهود جميع اللاعبين الرئيسيين، وخاصة  أولئك الذين  يتمتعون بالنفوذ في أوساط المجموعات المعارضة. لقد كرر لافروف  عملياً نداءه السابق  إلى البلدان الغربية ودول الخليج العربية للتأثير  على خصوم النظام الذين يخوضون بصورة دورية معارك ضد قوات الحكومة، بالرغم  من الإعلان الشكلي عن وقف إطلاق النار.

ومن الواضح أن ثمة عددا من التباينات المبدئية بين روسيا والبلدان  الغربية بشأن سبل تطبيق الخطة السلمية التي بدأ سريان مفعولها اعتبارا من  12 أيار / مايو الماضي. موسكو تصر  خاصة على أن استقالة الأسد لا يمكن أن  تطرح كشرط مسبق للبدء بالحوار السياسي كما تريد ذلك المعارضة السورية.  وتعتقد روسيا أن مصير الرئيس الحالي يجب أن يقرره السوريون أنفسهم، في حين  تصر واشنطن على ضرورة تغيير النظام حتما. تقول وزيرة الخارجية الأمريكية  هيلاري كلينتون أن رحيل الأسد قد لا يكون شرطاً مسبقاً للمفاوضات، ولكن  بالتأكيد يجب أن يكون نتيجة لهذه المفاوضات.

وكان الرئيس الاسد قد أعلن مجدداً في الآونة الأخيرة أن الحوار السياسي  مع المعارضة هو المخرج الوحيد من الأزمة، أما التناقضات الداخلية في سورية  فهي نتيجة التدخل الخارجي. وقال الأسد في كلمته أمام مجلس الشعب السوري إن  الأبواب ستظل مفتوحة، والاستعداد دائم للبدء بالحوار دون شروط مسبقة.  ويستثنى من ذلك تلك القوى التي تتعامل مع الدول الأجنبية والتي تحولت إلى  عملاء لهذه الدول.

لن يتسنى اختبار مصداقية هذه التصريحات إلا بعد بدء المفاوضات، غير أن  المعارضة لا تريد من حيث المبدأ إجراء حوار مع الأسد بحجة أنه فقد شرعيته  بعد عملية القتل الجماعي الأخيرة للسكان المسالمين في قرية الحولة. ويوم  الجمعة الماضي ألقى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالمسؤولية عن  تلك المذبحة على دمشق، وطالب بإجراء تحقيق ومعاقبة المذنبين. وتجدر الإشارة  إلى أن الوضع لا يزال غامضا. ومما يلفت الانتباه تعدد الروايات التي قدمها  المعارضون السورريون المقيمون في المهجر عما حدث في الحولة. في البداية  تحدث هؤلاء عن قصف مدفعي، ثم اتهموا العسكريين بالتنكيل بالسكان المسالمين،  وأخيرا ألقو المسؤولية على تشكيلات موالية للحكومة. ويتكون لدى المرء  انطباع بأن خصوم الأسد ليس لديهم تصور صحيح عن الوضع في سورية، وإما أنهم  يزورون الوقائع عن عمد.

وفي هذا الوقت تبرز العديد من الدلائل الجديدة على أن فشل خطة عنان  سيفضي إلى موجة جديدة من إراقة الدماء. ومن ناحيتهم يعلن ممثلو المعارضة  المسلحة صراحة أنهم يستغلون الهدوء الحالي لإعادة تجميع قواهم وتدريب  المقاتلين الجدد، وأنهم مستعدون لاستئناف العمليات العسكرية  فور إعلان فشل  الخطة السلمية. وينوي هؤلاء عدم الاكتفاء بالقتال في البؤر السابقة، بل  والعمل على إثارة انتفاضة في دمشق وضواحيها التي تتسلل إليها الآن فصائل  المقاتلين مع سيول اللاجئين. ومن المحتمل أن تبدأ الجولة الجديدة من العنف  في 20 تموز / يوليو القادم موعد تمديد مهمة مراقبي الأمم المتحدة . وقد  ألمحت الولايات المتحدة الأمريكية الى أنها قد تصوت ضد التمديد إذا لم تبدأ  دمشق بتنفيذ خطة عنان.

صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا”
الكاتب : نيقولاي سوركوف

Exit mobile version