تحت عنوان “الحقيقة حول مقتل الروس في سوريا”، نشرت مجلة “دير شبيغل” الألمانية تحقيقا يظهر صورة مختلفة عما روجته وسائل إعلام دولية وروسية حول أحداث الشهر الماضي في دير الزور السورية.
وأمضى فريق من صحفيي “دير شبيغل” أسبوعين في دير الزور وتحدثوا مع شهود عيان ومشاركين في المعركة التي قال الجيش الأمريكي إنه قتل فيها ليلة 7 فبراير “أكثر من 100″ عنصر من القوات الموالية للحكومة السورية هاجموا مواقع قوات سوريا الديمقراطية قرب دير الزور، في حين زعمت مصادر إعلامية أن كثيرين من القتلى كانوا مقاتلين روسا، بل قدرت بعض هذه المصادر عددهم بـ”المئات”.
رواية “دير شبيغل”
حاول نحو 250 عنصرا من القوات الموالية لدمشق في الخامسة صباحا الموافق للـ7 فبراير، العبور إلى ضفة الفرات الشرقية.
وضمت هذه القوات حسب شهود عيان، مقاتلين من عشيرتي البقارة والبوحمد والفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري، ومقاتلين عراقيين من لواء الزينبيين والأفغان التابع للواء الفاطميين، ولم يكن بينهم أي عسكري روسي.
لكن القوات الأمريكية أطلقت أعيرة تحذيرية باتجاه المهاجمين ما أرغمهم على التراجع بلا خسائر أو إصابات من الضفة الشرقية، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية الحليفة لواشنطن.
ومع حلول الليل، عادت القوات السورية وحاولت عبور النهر باستخدام جسر عائم على بعد بضعة كيلومترات شمال المعبر الأول.
وتمكنت هذه القوة من التقدم باتجاه موقع لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” قرب قرية خشام، إلا أن الأمريكيين اكتشفوا تحركاتها، وبعد أن تعرضت مواقع “قسد” للقصف بالدبابات والمدافع، ردوا على المهاجمين بالقصف الجوي والمدفعي.
واستهدف الأمريكيون أيضا فصائل عشائرية في قرية الطابية المجاورة شاركت في الهجوم، وكرروا استهداف هذه الفصائل يومي الـ8 والـ9 من فبراير لدى محاولات عناصرها جمع جثامين رفاقهم القتلى.
وأشارت مصادر “دير شبيغل” إلى أن الهجوم المنطلق من الطابية هو الذي دفع بالأمريكيين إلى الرد العنيف، إذ تم الاتفاق بشكل غير رسمي على تقاسم مناطق النفوذ، وتمركز ما لا يزيد عن 400 فرد من القوات السورية في الضفة الشرقية للفرات شريطة امتناعهم عن التحركات المعادية لواشنطن وحلفائها.
وبين القوات المتمركزة في الطابية كانت مجموعة صغيرة من مقاتلين روس، أكدت مصادر عشائرية أنهم لم يشاركوا في القتال، إلا أن القصف الأمريكي أوقع ما بين 10 إلى 20 قتيلا في صفوفهم.
وبلغت حصيلة الخسائر أكثر من 200 قتيل، منهم نحو 80 جنديا سوريا من الفرقة الرابعة، و100 عراقي وأفغاني وحوالي 70 مقاتلا من الفصائل العشائرية، معظمهم من البقارة.
في الأيام التالية تمكنت وسائل إعلام وخبراء من التعرف على هوية 9 من القتلى الروس، اتضح أن كلهم كانوا يتبعون لما يعرف بشركة “فاغنر” العسكرية الخاصة.
وهذا الرقم يختلف بشكل لافت عما تحدثت عنه بعض المصادر المعارضة في روسيا، حيث زعمت بأن عدد القتلى الروس يتراوح ما بين 100 و600 شخص.
تجدر الإشارة إلى أنه حتى وكالات الأنباء العالمية كـ”رويترز” و”بلومبرغ” قد انجرت وراء هذه الأرقام الخيالية، وظهر الكثير من مقاطع الفيديو ادعى مروجوها أنها تسجيل لوقائع “مذبحة الروس” في دير الزور، قبل أن اتضح أنها زائفة وتعود إلى أحداث أخرى.
واعتبرت “دير شبيغل” أن شح المعلومات الصادرة عن الدوائر الرسمية الروسية، وعن الخارجية بالتحديد، زاد من البلبلة واللغط في الفضاء الإعلامي حول هذا الموضوع.
وختمت “دير شبيغل” بشهادة نقلتها عن صحفي من قرية الطابية اعتمد على مصادر مطلعة وموثوقة على الأرض، حيث قال: “لو كان ذلك هجوما روسيا وقتل فيه كثير من الروس، لكنا أخبرنا بذلك… لكنه لم يكن كذلك… ببساطة أنه من سوء حظ الروس أنهم وجدوا في مكان غير مناسب وفي وقت غير مناسب”.
سيريان تلغراف