يعاني سكان جزيرة تيرسيرا وأجزاء من جزر الأزور البرتغالية من أمراض فتاكة، وخاصة السرطان، نتيجة التلوث والإشعاعات التي تسببها القاعدة الجوية الأمريكية “Lajes”. وقد قامت وكالة الأنباء الروسية “رابتلي” بإجراء تحقيق حصري في هذا الموضوع.
منذ الحرب العالمية الثانية تعتبر هذه القاعدة هي الأنسب استراتيجياً للولايات المتحدة وسط المحيط الأطلسي، حيث تربطها بأوروبا.
كما تعمل القاعدة كمحطة للتزود بالوقود للطيارين الأمريكيين، وتضم عددا كبيرا من خزانات الوقود، ويؤكد العلماء المحليون حدوث انسكابات رئيسية تلوث المياه ومستودعات المياه الجوفية والتربة، ومخاوف من نشاط نووي مزعوم، فضلا عن التلوث الناجم عن المعادن الثقيلة والهيدروكربورات، مثل الرصاص والزنك والنحاس، والتي تسبب العقم وأمراض السرطان وعدم انتظام ضربات القلب.
جزيرة السرطان
كشف العلماء والباحثون عن إحصائيات مخيفة تظهر عدد المصابين بمرض السرطان في الجزيرة، فوفقا لماركوس فاغندس عضو في حركة مدنية تدعو إلى إزالة التلوث الفوري للجزيرة، توجد حالة إصابة بالسرطان على الأقل فى كل منزل على جزيرة برايا دي فيتوريا، وهو ما يعد أمرا غير طبيعيا.
وأشار الباحث “نوربرتو ميسياس” إلى ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض السرطان إلى مستويات خطيرة فى باقي جزر الأزور، بسبب التلوث بجزيرة تيرسيرا، المسؤولة عن 33% من أنواع معينة من السرطان، ومنها سرطان العين.
وأكد نوربرتو ميسياس، الباحث في جامعة الغارف البرتغالية. أنه تم تسجيل ارتفاعا كبيرا في نسب الإصابة بأمراض السرطان إلى في باقي جزر الأزور، بسبب التلوث بجزيرة تيرسيرا، المسؤولة عن 33% من أنواع نادرة من السرطان، ومنها سرطان العين.
وقال فيليكس رودريغز، أستاذ الفيزياء بجامعة أزورس البرتغالية، إن انتشاء الاصابة بأمراض خطيرة بين السكان المحليين مثل الخرف والعقم ومشاكل القلب سببه مستويات عالية من التلوث الناجم عن ملوثات الهواء في البيئة مثل الهيدروكربونات ومركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور: “إن الملوثات العضوية لها آثار خطيرة على الصحة، وهناك مستويات عالية جدا منها في هذه المناطق والتي تسبب العقم وأمراض السرطان وأمراض في القلب.”
النتائج المقلقة والتقارير
ووفقا للباحث ميسياس أظهرت آخر الاكتشافات في خليج برايا البرتغالي. وجود صخرة سوداء، والتي تبين فيما بعد أنها رواسب الهيدروكربونات التي تسريت من الانسكابات الصادرة عن قاعدة Lajes الأمريكية.
وقال رودريغز خلال ال 10 سنوات الماضية تم تسريب حوالي 88 الف لتر من الوقود وهى فقط تلك التى تم توثيقها. ووبحسب تقديراته يوجد حوالي 150 لترا لم يتم الإبلاغ عنها: “جميع الجزر التي يحتلها الأمريكيون تتحول الى مثل هذا الجحيم، فهم يتبعون سياسة الأرض المحروقة”، والحكومة المحلية لا تقوم بأي فعل من شأنه أن يوقف مثل هذه الجرائم، السكان بدون قرار حكومي ليس بمقدورهم القيام بشيء.”
وقد اظهر اورلاندو ليما، وهو عامل سابق في القاعدة الأمريكية، مستخدما عداد غايغر، عن زيادة ملحوظة فى مستويات النشاط الاشعاعي بالقرب من “بيكو دو كاريكا”، وهي منظقة موجدة بالقرب من القاعدة الأمريكية، تتراوح بين 18 ألفا و22 الفا بيكوكوريس في جسيمات الالفا.
كما كشفت تقارير سرية نشرتها صحيفة ” Diário Insular” المحلية أن الجيش الأمريكي على علم بوجود تلوث شعاعي في 30 منطقة و17 منها يحدث فيها انسكابا للوقود، و6 تقع تحت اقصى درجة من الخطورة. كما تضمنت معلومات عن 38 منطقة ذات مستويات عالية من الهيدروكربونات والمعادن الثقيلة، بما في ذلك الرصاص والزنك الموجود في الماء والتربة.
وعلى الرغم من الاعتراف بالانسكابات المتعددة، لم يتم اتخاذ اي اجراءات من شانها ان تعمل على إزالة التلوث.
توفي والداها بمرض السرطان
قالت ماديل افيلا وهي إحدى مواطنات بلدة “برايا دا فيتوريا” التابعة لجزيرة تيرسيرا وتبلغ من العمر 34 عاما، أنها أصيبت بمرض سرطان الثدي، ولكنها استطاعت الشفاء منه، لكن والداها توفيا بسبب السرطان.
وأضافت افيلا: ” هناك الكثير من حالات الاصابة بالسرطان بين أفراد عائلتها الذين يقطنون نفس المنطقة الجغرافية، وقالت إنها تريد أن يربى أطفالها في مكان بعيد عن التلوث حيث يمكن أن تضمن لهم حياة صحية.”
المسؤولون
لم يعلق المسؤولون الأمريكيون الذين اتصلت بهم وكالة روبتلي على الشكاوي المقدمة من قبل السكان المحليين.
المنطقة العربية
العراق:
التلوث الاشعاعي الناجم عن الجيش الأمريكي لم يقتصر على جزيرة تيرسيرا البرتغالية، فقد كان للعراق نصيب منها أيضا، فقد شهدت محافظة البصرة بجنوب العراق معارك وحروب كثيرة بدءا من الحرب العراقية الايرانية ، مرورا بحرب الخليج الأولى، وصولا إلى الاحتلال الأمريكي وما أعقبه طوال السنوات الـ 15 الماضية من مخلفات التلوث الإشعاعي في المدينة ، أدت إلى زيادة خطيرة في مستويات انتشار الأورام السرطانية بين المواطنين بنسب غير مسبوقة ، فضلاً عن التشوهات الخلقية مع تواجد كميات كبيرة من مخلفات الحروب.
ويؤكد الباحثون بعد إجراء الفحوصات أن قطع الحديد ومخلفات الحرب المنتشرة في المدينة تتجازو آلاف الأطنان، وتبين أن نسبة التلوث فاقت 130 في المئة، في حين نسبة الاشعاعات لا يجب أن تتجاوز 0.3 في المائة.
وبينت الإحصائيات الصادرة من مستشفى الإشعاع والطب الذري في بغداد أن نحو ثلثي المصابين بالسرطان في العراق هم من المناطق المحيطة بمدينة البصرة، جنوب البلاد، خصوصاً تلك المحاذية للكويت.
وتسجل مستشفيات البصرة النسبة الأعلى للإصابات بالأورام السرطانية والتشوهات الخلقية بين الأطفال حديثي الولادة من بين باقي مستشفيات البلاد.
الجزائر
أما الجزائر فقد شهدت قبل أيام الذكرى 58 للتفجيرات النووية التي نفذتها فرنسا في الصحراء الجزائرية، وسط مطالبات بتعويض ضحايا التفجيرات وتحمل فرنسا مسؤولية تنظيف المنطقة من الإشعاعات النووية ومخلفاتها.
وفي تصريح خاص “لسبوتنيك” كشف رئيس جمعية 13 شباط/فبراير 1960 في منطقة برقان، الهامل سيد أعمر: “التفجيرات النووية تمثل أكبر جريمة نووية مكتملة الأركان ضد الإنسانية ارتكبت في حق البشرية والتي تتمثل في تلك التفجيرات النووية المهولة”.
وأردف سيد أعمر بقوله:”إن التفجيرات والتجارب النووية الفرنسية التي كانت مسرحا لها الصحراء الجزائرية خلفت ويلات ومآسي ما يزال السكان يتجرعون مراراتها ومعاناتها إلى غاية اليوم في صمت و حزن عميق”.
ومنذ عام 2012 تبنت الحكومة الجزائرية بشكل رسمي مطالب الضحايا الجزائريين، وطالبت السلطات الفرنسية بإيجاد حلول تسمح بتعويض الضحايا والقضاء على آثار التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في مدن الصحراء الجزائرية بين عام 1956، حتى الانفجارالضخم الذي وقع في 13 شباط / فبراير 1960. رقان تسترجع ذكرى التفجيرات النووية الفرنسية وتقف عند مخلفات الفاجعة.
سيريان تلغراف