التقت صحيفة “أرغومينتي إي فاكتي” المستشار السياسي أناطولي فاسيرمان، وطلبت منه التعليق على الاتهامات الأمريكية لبشار الأسد بالتحضير لهجمة كيميائية.
يذكر أن المتحدث باسم البيت الأبيض كان قد أعلن أن السلطات السورية تحضر لهجمة كيميائية، قد تؤدي إلى وقوع ضحايا عديدة بين المدنيين. وإذا حدث ذلك، فإن واشنطن توعَّدت بأن بشار الأسد وجيشه “سيدفعان ثمنا باهظا”.
فهل لدى السلطات السورية فعلا إمكانية للقيام بهجمة كيميائية، أم أن التهديدات الأمريكية لا أساس لها.
يقول فاسيرمان: أنا واثق من أن السلطة الشرعية المدعومة من قبل الشعب في سوريا لا ترغب في القيام بعمل يعدُّه العالم أجمع جريمة، أي استخدام السلاح الكيميائي، وخاصة أنها لا تمتلك الإمكانات التقنية لذلك، وأنه ليس هناك سبب يدعوها إلى ذلك، ولا سيما أن السلطات السورية وافقت قبل سنوات على إتلاف سلاحها الكيميائي والمعدات المستخدمة في إنتاجه. وعلاوة على هذا، نالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية جائزة نوبل للسلام، لمساهمتها في هذا العمل.
وهذا يعني أن السلطات السورية لا تملك الإمكانات التقنية التي تسمح بشن هجمة كيميائية. بيد أن هذه الإمكانية تملكها من دون شك القوى التي تحارب السلطة الشرعية، وخاصة أنها ارتكبت سابقا مثل هذه الجريمة.
– هل هناك خطر حقيقي من أن تستخدم هذه القوى السلاح الكيميائي؟
قد لا تستخدم أي جهة هذا السلاح، لكنها ستكون مسرحية محبوكة جيدا. فمنظمة “الخوذ البيضاء” المتخصصة في إخراج وتمثيل مسرحيات تحت عنوان “جرائم نظام الأسد الدموي” سبق أن فعلت ذلك عدة مرات. أي أن الهجمة الكيميائية الجديدة ستكون تمثيلية أيضا. فالأمريكيون رغم غرابة أطوارهم ليسوا أعداء أنفسهم. ولذلك من المحتمل أن يكونوا حذرين من توريد أسلحة إلى المنطقة، يمكن أن تستخدمها المجموعات لاحقا، حيث يعمل خبراؤهم بين فترة وأخرى مدربين للإرهابيين المحليين، لأن ذلك قد ينال من خبرائهم أيضا.
– ما الذي ستفعله أمريكا إذا ما وقعت “الهجمة الكيميائية”؟
لقد سبق أن هاجمت الولايات المتحدة مطارا عسكريا وليس قاعدة جوية بمعنى الكلمة، استنادا إلى المسرحية التي أخرجتها بشكل سيئ “الخوذ البيضاء”. أي أن الأمريكيين إذا ظهر شريط فيديو جديد، فقد يهاجمون بنى تحتية لمواقع عسكرية سورية مهمة. وهذا مرجح، لأن أنصارهم يتكبدون الهزائم وهم بحاجة إلى إثبات أن أمريكا لم تتركهم وحدهم. وعلاوة على هذا، المسألة مهمة للرئيس الأمريكي لإثبات أنه ليس عميلا لبوتين.
وهنا أريد التذكير بأن فوز دونالد ترامب كان بسبب طرحه برنامج الإصلاحات الاقتصادية، وهذا ليس من مصلحة أولئك الذين يستفيدون من الوضع الحالي. لذلك، فهم يعارضون هذه الإصلاحات بقوة، وقبل كل شيء عبر اتهامه بأنه “عميل روسيا”. ولذا، فهو يحاول دائما التصرف بصورة غير متوقعة لكي يثبت أنه لا يتصرف وفق مصالح بوتين.
غير أننا سمحنا لهم بتوجيه ضربة إلى المطار العسكري لعلمنا بأنها لن توقع خسائر أو أضرارا كبيرة لسوريا، ولكنها ساعدت في رفع هيبة ترامب، وبالتالي ضمنت تنفيذ برنامج الإصلاحات. ولكننا لن نستطيع السكوت إذا ما أدت تصرفاته إلى وقوع أضرار كبيرة وظهور مخاطر جدية. وهذا ما يحاول خصومه عمله. وعندها لن نستطيع نحن التغاضي عن ذلك.
سيريان تلغراف