تطرق معلق صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” فلاديمير موخين إلى اتفاق واشنطن والكرد على إقامة قاعدة عسكرية في محافظة الرقة؛ مشيرا إلى تلقي الكرد أكثر من مئة شاحنة محملة بالأسلحة.
كتب موخين:
تفيد وسائل الإعلام، استنادا إلى مصادر سورية، بأن الولايات المتحدة اتفقت مع الكرد على إقامة قاعدة عسكرية في بلدة الطبقة في محافظة الرقة. وعلى الرغم من عدم تأكيد المصادر الرسمية هذه المعلومات، فإنها قد تكون مطابقة للواقع، ولا سيما أن واشنطن تولي اهتماما خاصا لهذه المنطقة، التي أسقطت فيها الطائرة السورية “سوخوي-22”.
ففي بلدة الطبقة يوجد مطار عسكري، كانت القوات الأمريكية الخاصة قد استولت عليه في شهر مارس/آذار الماضي. وبعد إجراء الترميمات اللازمة وتوسيع مدرجه، أصبح نقطة انطلاق للهجوم على مدينة الرقة. ومن المعلوم، أن الطائرات المرابطة في هذا المطار تدعم هجوم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) الموالية لواشنطن، على مدينة الرقة. وقد ثمٌن قائدها (مستشار القيادة العامة لـ “قسد”) ناصر الحاج منصور دور هذه القاعدة، وعدَّها “إنجرليك-2″، حيث يطلق اسم “إنجرليك” على القاعدة العسكرية الأمريكية في تركيا.
يقول المتحدث باسم “قسد” طلال سلو إن طائرة F/A-18E Super Hornetالأمريكية أسقطت طائرة “سوخوي-22” السورية فوق هذه المنطقة؛ لأن “قوات الأسد بدأت في الأسبوع الماضي مدعومة بالطيران والمدفعية هجوما على مواقع “قسد” في غرب محافظة الرقة”. وبحسب قوله، فإن “طائرة “سوخوي-22″ قصفت مواقع وحدات حماية الشعب (الكردية) بالقرب من بلدة الطبقة”.
من جانبها، تؤكد دمشق أن الهجوم غرب الرقة ليس موجها ضد الكرد، بل ضد مسلحي “داعش”. وعند مراجعة خريطة العمليات العسكرية في هذه المنطقة يتبين أن هذا هو الواقع. وهنا تجدر الإشارة إلى أن القوات الحكومية السورية ووحدات “قسد” تقاتلان في جبهة واحدة من دون أي تعاون بينهما. كما أن الولايات المتحدة، منذ خريف عام 2016، رفضت مقترحا روسيًا بتنفيذ عمليات مشتركة ضد الإرهابيين في سوريا. وواشنطن بدعمها “قسد” والكرد تعزز ليس فقط النزعة الانفصالية في البلاد، بل وأيضا تمنع نظام الأسد من السيطرة على حقول النفط والغاز في منطقة العمليات العسكرية والمناطق الواقعة تحت سيطرة “داعش”، وهنا تظهر فائدة القاعدة الجوية في الطبقة.
من جانب آخر، شكلت موسكو مع طهران وأنقرة تحالفها الخاص وتمارس لعبتها. فحاليا تهاجم القوات الحكومية السورية وحلفاؤها مواقع “داعش” من حلب على امتداد الضفة اليمنى لنهر الفرات وفرضت شبه حصار على بلدة طبقة، وتستمر في هذا الاتجاه. كما تمكنت هذه القوات من عزل وحدات حماية الشعب (الكردية) عن حقول النفط القريبة، ويمكنها حاليا التقدم على اتجاهين استراتيجيين – الأول نحو الشرق، أي على مواقع التشكيلات الموالية لواشنطن، والثاني باتجاه الجنوب–الشرقي نحو دير الزور.
ونظريا يحق لدمشق محاربة الانفصاليين الكرد والوحدات الأمريكية الموجودة بصورة غير شرعية في سوريا. أي أن التقدم نحو الشرق وتحرير القاعدة الجوية في الطبقة وغيرها من المواقع السكنية، التي يسيطر عليها التحالف، ليس مستبعدا.
لكن القوات الحكومية السورية ستواصل تقدمها على الأرجح باتجاه دير الزور على الضفة الغربية للفرات من أجل الوصول إلى حقول النفط، حيث يمكن استنتاج هذا من بيان وزارة الدفاع الروسية، الذي جاء فيه أن “الطيران الحربي الروسي في مناطق تنفيذ المهمات الحربية في سماء سوريا سيعد أي أجسام طائرة يتم رصدها غرب نهر الفرات، بما فيها المقاتلات والطائرات المسيرة التابعة للتحالف الدولي، أهدافا جوية”.
ويذكر أن القاعدة الجوية في الطبقة تقع على الضفة الغربية للفرات. فإذا بقيت الطبقة تحت سيطرة الأمريكيين، فسوف تصبح الباب الذي يفصل بين شرق سوريا وبقية مناطقها. ومع ذلك، فمن غير المرجح حاليا أن تقع مواجهة مع البنتاغون، الذي يؤكد أن موسكو ودمشق تعرقلان محاربته لـ “داعش”. ومع ذلك، تثير القلق المعلومات التي تفيد بموافقة الكرد على تسليم قاعدة الطبقة الجوية لواشنطن لمدة 10 سنوات. فقد أشارت وسائل الإعلام إلى أن “الولايات المتحدة تعهدت مقابل ذلك بتزويد الوحدات الكردية بالأسلحة”. كما تشير الأنباء إلى تلقي حزب العمال الكردستاني و”قوات سوريا الديمقراطية” ما يزيد عن مئة من الشاحنات المحملة بالأسلحة.
سيريان تلغراف