نشرت صحيفة “إيزفيستيا” رأي لواء أمريكي متقاعد بشأن تعاون موسكو وواشنطن، الذي يمكن أن يضمن وضع نهاية للحرب في سوريا.
كتب اللواء الأمريكي المتقاعد بول فاليلي:
عندما التقينا الرئيس دونالد ترامب، قلت له بصراحة إن عليه لقاء الرئيس فلاديمير بوتين. وكلما جرى هذا اللقاء أسرع كان ذلك أفضل. والآن أصبح معلوما أن هذا اللقاء سيعقد على الأرجح في شهر يونيو/حزيران المقبل.
على أن ريكيافيك (العاصمة) الإيسلندية كانت أفضل مكان للقاء القمة هذا، حيث كما هو معروف جرى فيها اللقاء التاريخي بين ميخائيل غورباتشوف ورونالد ريغان، والذي وضع بداية الانفراج وذوبان جليد “الحرب الباردة”.
واليوم، من جديد تمر العلاقات بين البلدين بأوقات عصيبة. لكننا لا نستطيع السماح لأنفسنا بهذا، لوجود تهديدات وأزمات في عالمنا المعاصر، لا يمكن القضاء عليها إلا بجهود مشتركة. وأقصد هنا في الدرجة الأولى الأزمة السورية والأوضاع في الشرق الأوسط عموما.
لقد تسببت الحرب السورية بمقتل زهاء نصف مليون شخص، ولجوء أكثر من 11 مليون آخرين إلى خارج البلاد أو نزوحهم داخلها. وإن تنظيم “داعش” مستمر في قتل الناس في عموم الشام، وينفذ عمليات إرهابية في مختلف مناطق العالم.
لقد وضعنا وزملائي في حركة “انهضي يا أمريكا Stand Up America بمشاركة الخبراء، خطة مفصلة لنهضة سوريا. والحديث يدور عن “النهضة” بمعناها الكامل، وهذا ليس تضخيما. لأنه يجب إنشاء بنى تحتية عصرية كاملة مكان تلك التي دمرت، وكذلك إعادة بناء الاقتصاد وعودة جيل كامل إلى حياة السلم، وخاصة الأطفال الذين شوهت الحرب حياتهم.
ولكن من دون دحر “داعش” وبسط الاستقرار السياسي، فإن كل حديث عن “النهضة السورية” لا معنى له. وهنا يجب أن يصبح تعاون الدولتين العظميين الأساس في احترام مصالح كل منهما ومنع عرقلة أحدهما نشاط الآخر. وأعتقد أن تخفيف التوتر في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة سيسمح لبلدينا بتعاون حقيقي في سوريا.
أما الآن فيحارب العسكريون الروس والأمريكيون ضد عدو مشترك، ولكن على انفراد. علما أنه لو كان هناك تنسيق في عمليات محاربة “داعش” لكانت النتيجة أكثر ايجابا وأسرع بكثير. وهذا الوضع يستغله الإرهابيون في المناورة. ولقد كان بالإمكان تجنب “النيران الصديقة” والغارات الجوية على الحلفاء وحوادث أخرى نلاحظها في الوقت الحاضر.
إن دحر “داعش” والقضاء عليه بجهود روسيا وحلفائها من جانب، وجهود الولايات المتحدة وحلفائها من جانب آخر، ستكون أول خطوة في تسوية الأزمة. ومن وجهة النظر العسكرية، تبدأ “نهضة” البلاد بإنشاء مناطق آمنة. وأولى هذه المناطق كما أعتقد ستكون في غرب سوريا في اللاذقية وطرطوس، لأنها أقل تضررا من العمليات القتالية، ولأنها لا تزال تحتفظ بالبنى التحتية للنقل والخدمات العامة.
وإلى هناك بالذات سيعود المهاجرين من لبنان وتركيا والأردن وحتى من أوروبا، حيث ستتم تهيئة ظروف طبيعية لإسكانهم في هذه المناطق، وكذلك سيتم إنشاء مراكز خاصة للتحقق من هوياتهم وحصولهم على المساعدات الضرورية بما فيها الطبية. وهذا مهم جدا لأن الكثيرين من الأشخاص البالغين فقدوا وثائقهم الشخصية، والأطفال لم يحصلوا على التطعيم اللازم ضد الأمراض. ويمكن للمنظمات الدولية والبلدان العربية الغنية تخصيص الأموال اللازمة لتحقيق هذا الأمر.
ومع انتشار الاستقرار في مناطق البلاد، ستتم قبل كل شيء إعادة بناء البنى التحتية الأساسية وخفض المخاطر على الحياة، وسوف يبدأ اللاجئون بالعودة إلى مناطق إقامتهم الطبيعية، وتعود الحياة إلى طبيعتها وينتعش الاقتصاد. وسوف تلعب الهيئات واللجان، التي ستشكل وتعمل تحت رقابة السكان، دور الريادة، وستصبح الأساس في إعادة بناء الدولة السورية الجديدة.
فإذا توصلت روسيا والولايات المتحدة إلى اتفاق وبجهودهما المشتركة تم دحر “داعش” ووُضع نهاية للفوضى في سوريا، فإن ذلك سيساعد على تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط كله، وسيكون بإمكان الذين لجأوا إلى دول الجوار وأوروبا العودة إلى منازلهم. والرابح من هذا هو البلدان الأوروبية، وسيتعلم بلدانا تبادل الثقة ويمكنهما بعد ذلك تسوية المسائل المتعلقة في العلاقات الثنائية.
اللواء الأمريكي المتقاعد بول فاليلي – مستشار قيادة العمليات الخاصة وغيرها من البنى المختصة في البنتاغون، رئيس حركة “انهضي يا أمريكا” Stand Up America
سيريان تلغراف