تناولت صحيفة “فزغلياد” الاتفاقية بشأن إنشاء ما يسمى بالمناطق الآمنة في سوريا؛ مشيرة إلى أنها تنبئ بتغير جذري طرأ على موقف موسكو.
جاء في المقال:
انتهى لقاء بوتين وأردوغان في مدينة سوتشي الروسية يوم 03/04/2017 بنتيجة مثيرة. فقد أعلن الزعيمان في حصيلة اللقاء عن التوصل – بما في ذلك مع ترامب – إلى اتفاقية حول إنشاء ما يسمى بالمناطق الآمنة في سوريا؛ ما يعني تغيرا جذريا في موقف موسكو. فهل يعني ذلك تلك “الصفقة الكبرى” بين روسيا والولايات المتحدة، التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة؟
وقد أصبح معلوما أن روسيا أبدت موافقتها على إنشاء مناطق آمنة في سوريا في منتصف نهار الأربعاء في أثناء مفاوضات السلام في أستانا، إلى حيث تقاطرت وفود الحكومة السورية والمسلحين والدول المعنية مثل إيران، تركيا وروسيا ووسطاء الأمم المتحدة. ويجب القول إن الدبلوماسيين الروس لم يوافقوا فقط على الفكرة، التي اقترحها الأتراك والأمريكيين، بل وفورا طرحوا خطة محددة حول إنشاء هذه المناطق وترتيبها.
غير أن المفاجأة دوت عصرا، في نهاية اللقاء الروسي-التركي رفيع المستوى، الذي جرى في سوتشي. وقد أعلن الرئيس فلاديمير بوتين بنفسه في ختام مباحثاته مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان عن موافقة روسيا. وبرأيه، فإن إنشاء المناطق الآمنة (مناطق وقف التصعيد) في سوريا سيعزز نظام وقف إطلاق النار. وأعلن بوتين أيضا أنه ناقش في العشية موضوع إنشاء المناطق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأن واشنطن تدعم هذا الإجراء.
كما أشار بوتين إلى أن روسيا أجرت مشاورات أولية مع دمشق وطهران. وأضاف أن “الإشراف على تنفيذ شروط الهدنة في المناطق الآمنة يجب أن يخضع لمفاوضات منفصلة، وأن الحرب ضد الإرهاب في سوريا سوف تبقى مستمرة، حتى بعد إنشاء المناطق الآمنة”.
كما أعرب بوتين عن أمله في أن تؤدي عملية السلام إلى استعادة وحدة الدولة السورية وسيادتها. وبحسب قول بوتين، فإن إنشاء المناطق الآمنة يفترض منع تحليق الطيران الحربي في هذه المناطق.
وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، رحبت وزارة الخارجية السورية باتفاقية المناطق الآمنة، وبدا للمرة الأولى منذ ستة أعوام على الحرب، أن الدول الكبرى وجدت صيغة للسلام في هذا البلد.
وفي تلك الساعات نفسها، وكما لو كان هناك تناغم تام مع المشاركين في اجتماعي أستانا وسوتشي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أن الولايات المتحدة وروسيا اتفقتا على بدء استئناف علاقات العمل المشترك في التسوية السورية.
ومن الجدير بالذكر، أن مشروعات حظر الطيران في سوريا لم تكن وليدة يومها. فقد قدمت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مبادرات مماثلة، لكنها اصطدمت آنذاك بالرفض الروسي القاطع، ورأى رئيس البنتاغون آنذاك أن إنشاء هذه المناطق يعني واقعيا الصدام العسكري المباشر مع القوات الروسية، لذا تم الغاؤها.
لكن الرئيس ترامب فور اعتلائه سدة السلطة، وعد بأنه “سينشئ مناطق آمنة في سوريا”، وفي نهاية شهر يناير/ كانون الثاني طلب من إدارته ووزارة الدفاع، إعداد الخطة اللازمة خلال فترة 90 يوما. وعلى الرغم من التعامل الروسي الحذر مع دعوة ترامب في حينها، فإن التعاون الدبلوماسي المشترك بين البلدين كشف الآن أن الاتفاق أصبح جاهزا.
ليس صفقة بعد، ولكن “علامة جيدة”
عضو لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد، الرئيس السابق لدائرة السياسة الداخلية في الديوان الرئاسي أوليغ موروزوف وصف اتفاقية المناطق الآمنة بأنها “علامة جيدة جدا”. بيد أنه حذر من استخدام مصطلح “الصفقة”. وقال إن “إنشاء مثل هذه المناطق هو فكرتنا القديمة، وقمنا بجر الشركاء الرئيسين وراء هذه الفكرة. وطالما أن تركيا والولايات المتحدة كشريكين محوريين مستعدتان لمساندة هذه الفكرة، فإن ذلك يعدُّ إشارة إيجابية جدا، ولكن لا داعي لتوهم أن هذا مفتاح لحل كل المشكلات السورية، وإنما هو البداية له”.
كما أعرب موروزوف عن اعتقاده بأن روسيا في هذا لن تنأى بنفسها عن الأسد، وقال: “بحسب معلوماتي، الرئيس الأسد أيد “فكرة المناطق الأربع، وإن كل شيء يتم بموافقته الكاملة، ولا يمكن أن يكون غير ذلك، إذ إن روسيا توجد في سوريا بدعوة من الحكومة الشرعية، وليس ممكنا أن تعمل هناك من دون أن تنسق مواقفها مع الأسد”، – كما قال موروزوف.
في غضون ذلك، أوضح رئيس الوفد الروسي في مفاوضات أستانا ألكسندر لافرينتيف أن مهمة الحرب ضد العصابات الإرهابية في المناطق الآمنة الأربع ستضطلع بها المعارضة المعتدلة بدعم من الدول الضامنة. وأن المناطق الآمنة يحب أن تكون أربعا، وهي في إدلب، شمال مدينة حمص، في شرق الغوطة، وجنوب البلاد. وتقوم بحمايتها وحدات محايدة من البلدان التي لم تشارك في الصراع.
وبالطبع، فإن ممثلي المعارضة لم يعلنوا موافقتهم بعد على الاقتراح الروسي، ولكن بما أن الولايات المتحدة وتركيا أيدتاه، فمن غير المتوقع أن يستغرق إعلان المعارضة السورية عن موافقتها الكثير من الوقت.
سيريان تلغراف