أشارت صحيفة “فزغلياد” إلى إن أنقرة وواشنطن تريدان إقامة دولة مصطنعة في شمال سوريا، تديرانها معا؛ ما يخفي في طياته مخاطر جدية ليس فقط على دمشق بل وعلى موسكو.
جاء في مقال الصحيفة:
صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الأحد، 19/02/2017، في مؤتمر ميونخ للأمن بأن تركيا قدمت اقتراحا إلى الجانب الأمريكي لإرسال وحدات محدودة من القوات الخاصة لدعم قوات الأمن المحلية. وقال جاويش أوغلو إن الاقتراح قُدم قبل يومين من ذلك أثناء زيارة رئيس هيئة الأركان العامة للقوات الأمريكية جوزيف دانفورد إلى تركيا.
ووعد وزير الخارجية التركي بتحرير مدينة الباب قريبا، حين سيكون من الممكن بعد ذلك تنفيذ عملية مشتركة لتحرير الرقة مع دول التحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة.
بيد أن مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري كان قد طالب يوم الخميس، 16/02/2017، تركيا بسحب قواتها من سوريا على الفور.
كذلك، من المشكوك فيه أن تكون دمشق راضية عن انضمام قوات أمريكية إلى القوات التركية على الأراضي السورية. ومما لفت الانتباه خلال الأيام القليلة الماضية أن وسائل الإعلام الأمريكية نقلت عن البنتاغون معلومات تفيد بأن الولايات المتحدة تنوي توسيع وجودها العسكري في سوريا، لكن الحديث كان يدور بشكل خاص عن إرسال قوات عسكرية تقليدية.
هذا، وفي نهاية العام 2014، كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أعلن عن انتهاء حقبة العمليات العسكرية الأمريكية الكبيرة، ووعد الجنود الأمريكيين، الذين عادوا من أفغانستان بأن الولايات المتحدة لن تستخدم بعد ذلك القوات البرية في عمليات عسكرية شبيهة. ولكن الرئيس أوباما حنث بوعده في عام 2016، وقرر إرسال قوات برية إلى سوريا والعراق، لمحاربة تنظيم “داعش” في إطار ما يسمى بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
من جانبه، يعتقد مدير مركز دراسة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى سيمون باغداساروف أن اقتراح جاويش أوغلو حول الوجود العسكري الأمريكي في سوريا ينم عن وجود اتفاق ما تم التوصل إليه خلال المحادثة التلفونية الأخيرة بين أردوغان ودونالد ترامب، حين ناقش الرئيسان “سبل العمل المشترك في سوريا”. كما يرجح الخبير احتمال “اتفاق الرئيسين التركي والأمريكي على خوض عملية عسكرية مشتركة في الرقة”. ولا يستبعد أن يكون هذا الموضوع قد تم بحثه مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) مايك بومبيو أثناء لقائه الأخير رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في أنقرة.
ووفقا لرأي باغداساروف، فإن هناك خطرا جديا يتمثل في احتمال نشوء منطقة عازلة تكون تحت السيطرة التركية-الأمريكية المشتركة، وتساهم في إنشائها دول الخليج، وبصورة خاصة المملكة السعودية، التي ستقدم لأنقرة مساعدات مالية أو عسكرية.
ويلفت باغداساروف إلى “خطر ظهور دولة مصطنعة في شمال سوريا، تخضع لنظام حماية تركية–أمريكية–سعودية، وتحكمها المعارضة ويعيش على أرضها فقط العرب والتركمان فقط”. ويعتقد باغداساروف أن “مصير الكرد والآشوريين والمسيحيين يبقى مجهولا”. لكن باغداساروف يرى أن الوقت لم يفت بعد لتعطيل المخطط التركي–الأمريكي-الخليجي في خلق كيان مصطنع يدار من قبلهم في شمال سوريا.
ومن أجل ذلك يقدم الخبير اقتراحين:
الأول – يجب على القوات الحكومية السورية التعجيل في هجومها العسكري في شمال سوريا لقطع الطريق على الأتراك إلى مدينة الرقة. وإضافة إلى ذلك، “يجب على بشار الأسد أن يقدم وعدا للكرد السوريين في سوريا، ممثلين بزعيم “الاتحاد الديمقراطي السوري” صالح مسلم، بمنحهم حكما ذاتيا واقعيا وليس ثقافيا فقط”.
والثاني- توجيه إنذار للأتراك بأنه في حال تقدمهم نحو الرقة، فإنهم لن يلقوا ترحيبا من موسكو، وأنهم سيصطدمون بمقاومة القوات الموحدة من الجيش الحكومي والقوى الحليفة له، وإلا فإننا سنفقد حلفاءنا القدامى، دون أن نكسب حلفاء جدد”، كما قال الخبير باغداساروف.
سيريان تلغراف