تطرقت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” إلى الأوضاع في الشرق الأوسط؛ مشيرة إلى أن نية ترامب التخلص من الإرهابيين في سوريا نذيرة بنزاعات جديدة في حال عدم تعاونه مع روسيا وحلفائها.
جاء في مقال الصحيفة:
بدأ التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة هجوما مكثفا على مدينة الرقة في سوريا والموصل في العراق، حيث تتركز قوة “داعش”. فقد تعهدت قيادة البنتاغون الجديدة بإحراز الانتصار خلال نصف السنة المقبلة. ولم تعلن واشنطن عن بدء العمليات الهجومية المكثفة على مدينة الرقة، مع أنها وبغداد نظمتا هجمة إعلامية واسعة في الساعات الأولى من عملية تحرير الجانب الأيمن من الموصل وألقت مليون منشور تحذر فيه مسلحي “داعش” وسكان المدينة من بدء عمليات القصف.
ووفق معلومات وسائل الإعلام العربية، تدافع عن المدينة أفضل فصائل “داعش” بقيادة أبي بكر البغدادي. وتستخدم هذه الفصائل في مقاومتها القناصة والسيارات المفخخة والانتحاريين، وهي مستعدة لخوض معارك عنيفة. ويتوقع الخبراء العسكريون وممثلو الأمم المتحدة ألا تكون معركة الموصل سريعة، وأن تكون الخسائر كبيرة ليس فقط بين العسكريين بل والمدنيين أيضا.
وكان وزير خارجية العراق السابق هوشيار زيباري قد أعلن في تصريح لصحيفة إندبندنت بأن “الخلايا النائمة” لـ “داعش”، والتي بقيت في شرق الموصل، تبدي مقاومة يائسة في الأحياء المحررة. لذلك، لا يسرع الكثيرون من السكان في العودة إلى الأحياء المحررة، حيث بلغ عدد العائدين زهاء 30 ألف شخص من مجموع 190 ألفا تركوا منازلهم بسبب الحرب.
وبحسب توقعات زيباري، سيكون عدد النازحين من غرب المدينة أكبر. وذلك، لأن “الجانب الغربي للموصل هو آخر معقل لـ “داعش” في العراق بقيادة البغدادي، ولذا يتوقع أن تكون المقاومة عنيفة وخلال فترة طويلة”. كما أن المعارك في الجانب الأيمن ستكون أصعب لوجود أزقة ضيقة جدا فيه، ما يمنع استخدام الدبابات والآليات المدرعة، وثانيا لأن قوات البيشمركة الكردية لن تهاجم المدينة، وذلك بموجب الاتفاق مع الجيش العراقي.
وبحسب قائد البيشمركة الميداني كاوا حسين، تعيش في الجانب الغربي من المدينة غالبية سنية قسم منها تدعم “داعش”، وهذا عامل آخر يعوق تحرير المدينة. ووفق توقعات الأمم المتحدة يوجد في الجانب الأيمن للمدينة زهاء 800 ألف شخص بصورة عامة، لم يصل إليهم بعد إغلاق طريق الموصل–الرقة أي مساعدات إنسانية وشحنات تجارية. وتشير إدارة تنسيق المسائل الإنسانية في الأمم المتحدة إلى إن سكان هذا الجانب يعانون من شَح مياه الشرب والمواد الغذائية، لذلك تتوقع الإدارة أن يغادر حوالي 400 ألف شخص من المدنيين الجانب الأيمن بسبب المعارك.
من جانبها، تقول منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في العراق ليز غراندي إنه يجب أن تكون المنظمة جاهزة لمواجهة أي تطور في الأوضاع، وتضيف أن “الوضع خطير، ونحن نلاحظ الكارثة الإنسانية حتى قبل بدء المعارك. ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد انتبه إلى هذا الأمر، لذلك أعلن يوم السبت الماضي بأن “الولايات المتحدة سوف تهيئ للنازحين في سوريا مناطق آمنة”. وأنها سوف تقوم بذلك على “حساب دول الخليج”. ولكن ليس معلوما ما إذا كان ترامب قد اتفق بشأن هذه المسألة مع هذه الدول. علما أنه لم يتفق بشأنها مع موسكو ودمشق.
هذا، ومن المحتمل جدا أن تشمل الكارثة الإنسانية ليس العراق فقط بل وسوريا أيضا. إذ تشير وسائل الاعلام العربية إلى أنه في إطار المرحلة الثالثة لعملية مكافحة الإرهاب “غضب الفرات”، التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، تعزز الوحدات الكردية و”قوات سوريا الديمقراطية” تقدمها باتجاه مواقع “داعش” الرئيسة في الشمال–الشرقي لمدينة الرقة، حيث تدور المعارك في محيط المدينة. وهذا يعني فرض طوق حصار على المدينة.
وقد أعلنت قيادة التحالف أنه إذا كان حصار الرقة مثل حصار الموصل، فإن سكان المدينة سيواجهون مشكلات عديدة. وإن ما يفاقم الأمر هو أن سكان المدينة هم من العرب، الذين يؤازرون “داعش”، وإن الفصائل الكردية بشكل أساس هي التي ستهاجم المدينة وليس القوات التركية.
أي أن هذا يشير إلى احتمال وقوع مواجهات على اساس عرقي كالتي تقع في شمال حلب بين الكرد والقوات التركية. وقد اثارت أنقرة بالفعل مشكلات إنسانية تسببت بنزوح ألفي مدني كردي الأسبوع الماضي نتيجة تقدم القوات التركية باتجاه عفرين (بحسب وسائل الإعلام السورية). المشكلة الرئيسة تتمثل في أن جميع الذين تركوا مناطق إقامتهم في سوريا هربا من القوات التركية و “داعش” يعانون من شَح المواد الغذائية. ومع ذلك لا تسرع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى مساعدة دمشق لحل هذه المشكلات.
سيريان تلغراف