عانى مسيحيو الشرق الأوسط، وخاصة في سوريا والعراق، خلال السنوات الأخيرة من ما سماه الكثيرون “حرب إبادة”، ليتقلص عددهم بصورة كبيرة بعد استهدافهم من قبل مجموعات تكفيرية وتهجيرهم عنوة.
ويحتفل المسيحيون بعيد ميلاد السيد المسيح في مدينة حلب السورية بعد سنوات من تعليق الاحتفالات بسبب سيطرة المسلحين على قسم من المدينة فيما تشهد مدن وبلدات مسيحية في إقليم كردستان العراق وفي بعض مدن العراق مراسم الاحتفال وسط اجراءات أمنية مشددة.
وأقام المسيحيون الكاثوليك في حلب، السبت 24 ديسمبر/كانون الأول، أول قداس منذ 5 أعوام في كاتدرائية “مار الياس” المارونية في المدينة القديمة، وذلك بعد يومين من إعلان الجيش السوري استعادة السيطرة بالكامل على أحياء شرق المدينة التي كانت في أيدي الفصائل المعارضة.
فيما شهدت بلدة برطلة شمال العراق، تدفق مئات المسيحيين العراقيين، للاحتفال بعيد الميلاد لأول مرة منذ 2013. وأخليت برطلة، التي كان يعيش فيها آلاف المسيحيين الأشوريين في أغسطس/آب من العام 2014، عندما سقطت في يد مسلحي تنظيم “داعش” أثناء حملته الخاطفة التي انتهت بالسيطرة على مناطق كبيرة في العراق وسوريا.
وواصل المسيحيون العراقيون في عاصمة إقليم كردستان مدينة إربيل احتفالاتهم بعيد الميلاد بعد انتهاء قداس التكريس بإطلاق الألعاب النارية، وكعكة ضخمة على شكل كنيسة يعلوها الصليب الأحمر. وأنشدت الجوقة أغنية ملؤها الشجن تحمل بين كلماتها حنينا إلى الماضي، هي” نشيد الوداع” باللغة العربية.
من جهتها، أولت الصحف الفرنسية اهتماما كبيرا بمسيحيي الشرق الأوسط تزامنا مع الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة، حيث قالت صحيفة “لوبس” عشية الاحتفال إن: “داعش كان يخطط لإبادة الأقليات المسيحية في محافظة نينوى (مركزها الموصل)، لكن منذ تحرير عاصمتهم قره قوش، استعاد مسيحيو المنطقة بعض الأمل”. وتابعت لكن “الأمل لا يلغي القلق على المستقبل”، ناقلة عن الأهالي خوفهم من “تجدد الاضطهاد والتهجير”.
وخصصت الصحيفة الفرنسية حيزا هاما في مقالها لشهادات بعض الأهالي الذين لم يكن بإمكانهم مغادرة مدينة قره قوش في شمال العراق لدى هجوم “داعش” الإرهابي عليها في أغسطس/آب 2014، ليعيشوا أكثر من سنتين دون كهرباء وماء، إضافة إلى تجريدهم من ممتلكاتهم وإجبراهم على نبذ المسيحية واعتناق الإسلام.
وركزت الصحيفة على التدمير الممنهج للكنائس من طرف إرهابيي “داعش” فيما تحدثت عن تهديد النساء بالضرب والإغتصاب.
وقتل عشرات المسيحيين جراء تفجيرات داخل الكنائس أثناء إقامة طقوس دينية مقدسة، فيما قتل تنظيم “القاعدة” في العراق وحلفاؤه في المنطقة مئات المسيحيين، وهجروا أعداد كبيرة من منازلهم.
لكن احتفالات أعياد الميلاد هذه السنة تأتي تزامنا مع حالة من الارتياح التي يعيشها مسيحيو العراق للمرة الأولى منذ سنوات عدة، إذ حرر عدد كبير من القرى والمدن في محيط مدينة الموصل من سيطرة الجماعات الدينية المتشددة التي كانت تمارس العنف بلا هوادة باسم تنظيم “داعش”.
سيريان تلغراف