نشرت صحيفة “أرغومينتي اي فاكتي” مقالا بقلم المحلل السياسي سيرغي ماركوف حول استراتيجية روسيا والولايات المتحدة في سوريا.
كتب سيرغي ماركوف:
بالتأكيد سوف تتطور الأحداث السورية بصورة تدريجية. ولكن ما هي استراتيجية روسيا في سوريا؟. اعتقد حاليا هي الأخذ بالاعتبار رأي السكان المدينيين، بالتوازي مع التحضير لتحرير حلب. بعد تحرير المدينة تبدأ جولة مفاوضات صعبة بشأن تسوية الأزمة السورية بصورة كاملة. وحسب اعتقادي هذا ما تطرق اليه وزراء خارجية روسيا وايران وسوريا خلال لقائهم الأخير في موسكو قبل ايام. الجيش السوري منهك وضعيف. لذلك يقاتل إلى جانبه متطوعون من إيران وأفغانستان والعراق، وحسب اعتقادي سوف تبدأ عملية تحرير المدينة 7 أو 8 من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. أي قبل مغادرة باراك أوباما، حيث ستكون هذه بمثابة صفعة الوداع للرئيس الأمريكي من قبل الرئيس بوتين.
ما هي استراتيجية الولايات المتحدة؟ تحرير الموصل والرقة وتوجيه ضربات موجعة لـ “داعش” … بهذه الصورة سيتم اضعاف إمكانيات الجيش السوري، حيث ستضطر قيادته إلى نقل وحدات منه إلى المواقع الضعيفة.
إذا حصل هذا فعلا فإننا سوف نرى بوضوح تحالف البنتاغون مع “جبهة النصرة”. وهذا بطبيعة الحال حقيقة رهيبة وخاصة لسكان الولايات المتحدة الذي يجري كل هذا من وراء ظهره. فإذا علم سكان الولايات المتحدة بأن سلطتهم متحالفة مع الارهابيين الذين نفذوا العملية الارهابية يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 فإنهم سيصابون بخيبة أمل كبيرة.
على خلاف ذلك فإن استراتيجية الولايات المتحدة في العراق نوعا ما أكثر وضوحا، وتتضمن الانتصار على “داعش” ومساعدة الحكومة العراقية. وذلك لأن من مصلحتهم التخلص من عار غزوهم للعراق. أما في سوريا فليس لديهم قاعدة ثابتة ومتينة وببساطة لعدم وجود لهم مصالح فيها.
نقرأ كثيرا هذه الأيام في وسائل الاعلام عن أن الأمريكيين يخططون لهذا وذاك من أجل السيطرة على الشرق الأوسط. أنا شخصيا اعتقد بأن هذه حماقة كبرى، لأنه عمليا للولايات المتحدة في سوريا مشكلة معاكسة، لأن وجودهم فيها محض مصادفة.
وقد وضح أوباما هذا جيدا، حيث قال بأنهم ابلغوه بأن بشار الأسد معلق بشعرة، ويكفي تزويد المعارضة ببضعة شاحنات محملة بالأسلحة لينهار نظامه. لم يذكر أوباما من الذي ابلغه بذلك. ولكني اعتقد بأن الذين اقنعوه بذلك هم من انصار التحالف مع المملكة السعودية. لأن الولايات المتحدة دخلت سوريا كحليف للمملكة السعودية التي هاجمت سوريا من أجل الاطاحة بالنظام الموالي لإيران. السعودية تحارب إيران منذ أكثر من 1000 سنة ولا يعرف متى تنتهي هذه الحرب.
ليس للولايات المتحدة أي مصلحة في هذه الحرب. لقد دخلوا هذه الحرب وباقون فيها فقط لأن لدى أوباما عقدة نفسية من بوتين، التي يعمقها بعض ساسة الولايات المتحدة بوصفهم له بالضعيف. باراك أوباما حاليا يخاف من الخروج من سوريا، وقد ازعج المملكة السعودية جدا برفضه قصف دمشق. أوباما يعلم جيدا بعدم وجود مصالح للولايات المتحدة في سوريا، بل هم فقط يقدمون خدمات لمصالح المملكة السعودية. لذلك فهي لا تنتهج سياسة واضحة في سوريا. أي ان السياسة الخارجية للولايات المتحدة في سوريا لا تحمل صفات استراتيجية بل مجموعة عقد نفسية تجاه روسيا ورئيسها.
ان استثناء روسيا من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة يأتي ضمن الحملة الموجهة ضد روسيا، وهذا يشير إلى انهم يخافون منا في مجال ما. وليس مستبعدا أنهم سحبوا الفيتو في مجلس الأمن من قرار شجب الهجوم الذي تعرضت له سفارة روسيا في دمشق، على الرغم من انهم لغاية هذا الوقت وقفوا ضد القرار. اعتقد حصل هذا نتيجة التصريحات الشديدة التي صدرت عن الرئيس بوتين الوزير لافروف بشأن الوضع في حلب. الأمريكيون يعتقدون بأن بإمكان بوتين الموافقة على استئناف القوة الجو – فضائية الروسية في شن هجمات ضد الارهابيين في حلب ودعم هجوم الجيش السوري. وهذا يخيفهم جدا، لأنه غذا استعادت الحكومة السورية سيطرتها على حلب فإن هذا سيغير الأوضاع في المنطقة. إضافة إلى أن استعادة السيطرة على هذه المدينة الكبيرة لها تأثير نفسي كبير ويزداد دعم المواطنين لنظام الأسدز
لذلك بالذات تقود الولايات المتحدة حملة نفسية ضد روسيا وقد بلغت اهدافها بعض الشيء، لأننا أوقفنا نشاطنا في سوريا. برأي هذا يؤكد بأن موقف روسيا لين جدا وتنقصه الشدة، عندها لن يجرأ احد على حجب قراراتنا.
سيريان تلغراف