أكدت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عدم وجود أي توافق داخل إدارة الولايات المتحدة حول خطواتها التالية بشأن حلب، التي “يبدو أنه لا مفر من وقوعها تحت سيطرة القوات الحكومية”.
وأشارت الكاتبة السياسية الأمريكية، كارين دي يونغ، في مقال نشرته الصحيفة في 8 أكتوبر/تشرين الأول، إلى أن البنتاغون كان خلال أعوام سابقة يعارض إطلاق عملية أمريكية مباشرة في الميدان السوري، معتبرا أن هذه الخطوة قد تسبب تدخلا أمريكيا أعمق في الأزمة السورية وتؤدي إلى صرف انتباه واشنطن عن محاربة تنظيم “داعش” في سوريا والعراق.
لكن، بعد فشل نظام وقف الأعمال القتالية، المفروض في سوريا بموجب الاتفاق الروسي الأمريكي، وتصعيد الوضع في حلب، سجل بعض المسؤولين الرفيعي المستوى تحولا ملموسا في موقف وزارة الدفاع الأمريكية.
وكشفت كارين دي يونغ، نقلا عن مصدر مسؤول رفيع، أن من بين اقتراحات البنتاغون، بشأن التعامل مع التطورات الجارية في حلب وتشديد هجوم القوات الحكومية على المسلحين، شن ضربات على وحدات الجيش السوري المشاركة مباشرة في العمليات العسكرية في حلب باستخدام صواريخ مجنحة.
ودفعت التصريحات، التي أدلى بها قادة البنتاغون خلال اجتماعات مغلقة بشأن سوريا، المسؤولين في الخارجية الأمريكية إلى الاعتقاد أن وزارة الدفاع بصدد الإعلان عن دعمها لفكرة التدخل العسكري الأمريكي المكثف في سوريا، الأمر الذي يؤيده، حسب كارين دي يونغ، وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وفريقه.
وذكّرت الكاتبة الأمريكية، في هذا السياق، بتسجيل مسرب نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” ويتضمن كلمة أدلى بها كيري في اجتماع عقده مع معارضين ونشطاء سوريين، في 22 سبتمبر/أيلول، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال كيري خلال الاجتماع، إنه كان يؤيد تدخلا عسكريا للقوات الأمريكية في سورية، معترفا بهزيمته في الجدل حول هذا الشأن في الإدارة الأمريكية بسبب معارضة غالبية القادة العسكريين والسياسيين لهذه المبادرة.
وبعد التصريحات الأخيرة للمسؤولين في البنتاغون، بدا للخارجية أن وزارة الدفاع انتقلت إلى جانب كيري، الأمر الذي أكده عدد من الأعضاء في فريق وزير الخارجية.
في حين أشارت الكاتبة الأمريكية، مستندة إلى مصدر عسكري رفيع المستوى، إلى أن موقف وزارة الدفاع من الموضوع لم يتغير، حيث أعرب القادة العسكريون خلال اجتماع أجري في البيت الأبيض في 6 أكتوبر/تشرين الأول، عن دعمهم حصرا لفكرة تكثيف عمليات توريد الأسلحة “للمقاتلين المعارضين”، مؤكدين أن “على الولايات المتحدة تركيز قدراتها القتالية على مهمة تدمير تنظيم داعش وتجنب المواجهة المباشرة معه روسيا”.
ونقلت الكاتبة عن المصدر قوله: “ما زلنا نؤمن بوجود عدد من الطرق لتأييد المعارضة من دون تعريض المهمة ضد داعش للخطر”.
وأشارت كارين دي يونغ، في هذا السياق، إلى أن القوى الداعمة لإطلاق عملية أمريكية ضد القوات السورية وجدت نفسها في فخ قيادة البنتاغون، التي سعت، بتأييد من أعضاء إدارة البيت الأبيض، إلى تأجيل اتخاذ قرار حول سياسة الولايات المتحدة في الاتجاه السوري، وخاصة حول حلب لتحميل الإدارة الجديدة المسؤولية عن تحديدها.
وفي تأكيد لهذا الأمر، قال مسؤول في البيت الأبيض، في حديث لـ”واشطن بوست”، إن موقف أوباما من هذا الأمر “ثابت”، موضحا: “نؤمن بأنه لا حل عسكريا لهذا النزاع، هناك عدد من التحديات قد تؤدي إلى اعتماد القوات العسكرية في هذه الظروف”.
والسبب الآخر لسعي الإدارة الأمريكية الحالية إلى تجنب التدخل العسكري في الأزمة السورية يشكله تنظيم “جبهة فتح الشام” (“جبهة النصرة” سابقا) الذي ترى الاستخبارات الأمريكية أنه سيمثل الجهة المنتصرة الوحيدة في حال إقدام الولايات المتحدة على إطلاق حملة ضد الجيش السوري، لا سيما أن هذه الحركة الجهادية، التي تخطط، بحسب المسؤولين الأمريكيين، لشن هجمات خارجية ضد الولايات المتحدة، عززت قواتها خلال السنوات الماضية وتحولت إلى هيكل ملموس ومسلح جيدا.
سيريان تلغراف