تطرقت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” إلى مشروع القرار الذي قدمته فرنسا إلى مجلس الأمن حول حلب، وسألت: من سيكون المنتصر إذا لم يتم التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة السورية؟
جاء في مقال الصحيفة:
بمبادرة فرنسية، ناقش مجلس الأمن الدولي مشروع قرار بشأن فرض منطقة حظر جوي فوق مدينة حلب، والذي يمس بصورة مباشرة القوات الجو–فضائية الروسية والقوات الجوية السورية، التي تستمر في دعم القوات البرية الحكومية. وقد حذرت روسيا منذ البداية من أن مبادرة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، التي كما يقول تمليها المشاعر الإنسانية فقط، ذات بعد حربي واضح، وجوهريا هي محاولة جديدة للتأثير في الأوضاع السورية التي لا تتطور وفق المصالح الغربية، فإذا لم يتغير أي شيء فسوف تكون حلب مدينة جديدة تنتزع من قبضة الإسلامويين.
وكانت الولايات المتحدة هي المبادرة في المحاولات السابقة، التي كانت أُخراها الاتفاقية الروسية–الأمريكية بشأن وقف إطلاق النار، والتي انتهكها الجانب الأمريكي بمهاجمته مواقع القوات السورية في دير الزور. والآن ليس مهمًا إن كان ذلك خطأ أم مغامرة للبنتاغون الذي خرج عن سيطرة أوباما القائد العام الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية مؤقتا. المهم أنه لم يعد لدى وزير الخارجية الأمريكية جون كيري وفريقه ما يؤثرون به على موسكو ودمشق. لذلك اتُخذ القرار بإشراك “المحايد” هولاند في العملية. ولكن حتى هذه الطلقة الدبلوماسية كانت صوتية فقط، والآن لم يبق أمام الغرب خيارات أخرى سوى استخدام القوة.
ومنذ البداية كان الرهان على موقف موسكو المتشدد. أي عمليا كان هدف هذه المحاولة إيقاع موسكو في فخ دبلوماسي جديد. فالموافقة على إقامة منطقة حظر جوي تلحق الضرر قبل كل شيء بالقوات الحكومية السورية التي لن تتمكن من مواجهة الإسلامويين الذين حولوا حلب إلى قلعة. وإذا وقفت روسيا ضد مشروع القرار الفرنسي، سيتحدث الغرب على مستوى الأمم المتحدة عن رغبة موسكو بهدر الدماء، علما أن مهاجم قافلة المساعدات الإنسانية ما زال مجهولا.
وهذا في الواقع ما كان مطلوبا. والسؤال الآن ما مدى استعداد الولايات المتحدة للاستمرار في هذا النهج؟ وهل تستطيع إدارة أوباما التي اقتربت نهاية حياتها السياسية، بقوتها وحدها من دون تفويض الأمم المتحدة فرض منطقة حظر جوي فوق حلب؟ وسؤال آخر، هل ستتمكن روسيا من الرد على ذلك بواسطة قواتها الجوية ودفاعاتها الجوية المرابطة في سوريا؟
عمليا، من غير المستحسن مواجهة الولايات المتحدة بالأسلحة التقليدية، لعدم معرفة ما تضمه ترسانتها. ولكن بعض المعلومات معروفة، فمثلا يؤكد المحلل العسكري الروماني فالنتين فاسيليسكو أن الطائرات الحربية التي تملكها الولايات المتحدة والناتو تفوق 6000 طائرة، هذا بصورة عامة. بيد أنه للسيطرة على الأجواء السورية تكفي 320 طائرة فقط، وهذا ما هو موجود تحت تصرف واشنطن في المنطقة، موزعة على قواعدها الجوية في بلدان المنطقة.
من جانبها، نشرت مجلة “جينز ديفنس ويكلي” معلومات عن القوات الجو–فضائية الروسية المرابطة في قاعدة حميميم بسوريا، تفيد بأنها تتألف من 12 قاذفة قنابل من طراز “سوخوي-24″، وأربع قاذفات من طراز “سوخوي–34″، وأربع من طراز “سوخوي–30 إس إم”، وأربع مقاتلات من طراز “سوخوي–35 إس”. كما لوحظت المقاتلة “سوخوي–25” فوق حلب. ولكن هناك معلومات أخرى تفيد بأن عدد الطائرات الروسية في سوريا لا يقل عن 40 طائرة.
وإضافة إلى هذه الطائرات، هناك منظومات الدفاع الجوي: “إس–400″ (تريومف) و”إس–200 في إي” (فيغا) و”بوك– إم 2 إي” و”أوسا-أي كي أم” و”إس-125″ (بيتشورا-2 أم) و”بانتسير–إس 1″، الموزعة على شكل ثلاثة خطوط دفاعية. أما “إس–400″، فهي قادرة على إصابة الأهداف الجوية في مختلف مناطق سوريا وأبعد من ذلك.
ولكن، هل تكفي هذه الطائرات ومنظومات الدفاع الجوي لفرض روسيا شروطها، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار أن منظومة “إس–400” هي واحدة، وأن المضادات الأخرى مخصصة لحماية قاعدة حميميم؟
ومن جانب آخر، هل ستقرر الولايات المتحدة فرض منطقة حظر جوي فوق حلب؟
يقول رئيس مركز العلاقات الروسية–الأمريكية في معهد الولايات المتحدة وكندا بافل بودليسني إن الأمر قد ينتهي بفرض عقوبات جديدة ضد العسكريين الروس المشتركين في تسوية الأزمة السورية.
سيريان تلغراف