تطرقت صحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” إلى الأوضاع في سوريا بعد فشل الاتفاقية الروسية-الأمريكية؛ مشيرة الى احتمال بدء الرئيس الأمريكي المقبل عملية برية في سوريا.
جاء في مقال الصحيفة:
محاولة أخرى قامت بها فرنسا من أجل إعلان هدنة في سوريا، حيث أعدت للنظر في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار سلمي، يفترض “نظام هدوء” من جديد.
وقد جاءت المبادرة الفرنسية الجديدة على ضوء دخول الوضع في مأزق بعد فشل الاتفاقية الروسية-الأمريكية، وشكوك واشنطن في كيفية العمل لاحقا. ويشهد بارتباك الولايات المتحدة التسجيل الصوتي لمحادثة سرية بين وزير الخارجية الأمريكية جون كيري والمعارضين السوريين.
وقد جرت المحادثة الشخصية بين رئيس الدبلوماسية الأمريكية والسوريين، الذين يعملون معلمين، أطباء وعاملي إغاثة في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، وجرت على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقد تكلمت عنها صحيفة “نيويورك تايمز”، التي نشرت تسجيلا صوتيا للقاء، يفهم منه أن كيري حاول تبرير السياسة الأمريكية في سوريا، وفي الوقت نفسه استعرض بلباقة خيبته في عدم فعاليتها، واعترف بأن الدبلوماسية الروسية تفوقت على الأمريكية.
واستبعدت الصحيفة الامريكية أن تكون “خيبته وخلافه مع إدارة الرئيس أوباما سرا، لكن مستر كيري في المحادثة المسجلة يتذمر من أن الروس فاقوه دهاء، ويعرب عن رفضه بعض قرارات أوباما، ويقول إن الكونغرس لن يوافق أبدا على استخدام القوة”.
أما بالنسبة إلى العملية العسكرية البرية على الأراضي السورية، فأعرب الوزير كيري أمام الحضور عن شكوكه ببدء تنفيذها، وقال: “لا نملك الأسس القانونية للقيام بذلك”. وأضاف أنه من أجل القيام بالعملية البرية، يجب الحصول على موافقة مجلس الأمن، ولكننا هناك سوف نصطدم بحقي النقض “الفيتو” الروسي والصيني. وكان من الممكن أن يكون لدينا فرص أكثر، لو أنهم هاجموا بلادنا، أو دُعينا رسميا إلى سوريا. أما الروس فيوجدون في سوريا بموجب طلب رسمي من النظام الشرعي… يعني أنه غير شرعي من وجهة نظرنا، ولكنهم (الروس) يتصرفون بموجب طلب منه”.
كذلك الأمر، بما يخص عملية توريد السلاح إلى فصائل المعارضة السورية المسلحة. فقد رأى كيري أن هذا يزيد فقط في تفاقم الوضع. وقال موجها حديثه إلى المعارضين: ” كل القضية وما فيها أنه عندما تحصلون على المساعدة (السلاح)، آنذاك سيرفع كل طرف رهاناته: روسيا، إيران، “حزب الله”، “جبهة النصرة”،… السعودية وتركيا سوف ينفقون على ذلك أموالا طائلة، ولكن في المحصلة سوف يقتلونكم أنتم”.
وأكد كيري أن المخرج الوحيد – هو العملية السلمية، ولم يستبعد وسط دهشة السوريين أن الرئيس بشار الأسد سيشارك في الانتخابات المقبلة. وقال لهم: “سوف تُجرى عندكم انتخابات، وليختر الشعب السوري من يريده”. وأضاف: “نحن نحاول الدفع بالحلول الدبلوماسية، وأنا أفهم كم أن ذلك مخيب للآمال، ولكن لا أحد محبط أكثر منا نحن”.
من جانبهم، تلقى ضيوف الاجتماع بشك كلمات كيري، كما اعترفت صحيفة “نيويورك تايمز”. وصرح بعض المشاركين بأنهم غادروا الاجتماع، وكانت تنتابهم مشاعر الإحباط الكامل والقناعة الراسخة بأن إدارة أوباما لن تقدم لهم شيئا. ولخص أحدهم الفكرة الاساسية في حديث كيري بالقول التالي: “سيكون عليكم القتال من أجلنا، ولكننا نحن لن نقاتل من أجلكم”.
وعلق ريتشارد ميرفي، السفير الأمريكي في السعودية وسوريا سابقا، على هذا الموضوع في تصريح أدلى به لصحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” بالقول: “لا أعتقد أن وزارة الخارجية أو الوزير كيري سوف يعانيان من التأثيرات السلبية لهذه التصريحات”؛ مؤكدا أن السياسة الخارجية يحددها الرئيس الامريكي.
وحول المسألة السورية وتوجهات الولايات المتحدة الأمريكية، أعاد ميرفي التشديد على أن “الرئيس فقط يستطيع تقديم الإجابة عن هذا السؤال”. ولم ينفِ ميرفي إمكانية بلورة أفكار عسكرية أخرى للتحرك في سوريا، كما اعتبر أن الخطة “باء” ما زالت مبهمة، وأن الوضع في سوريا خطير جدا، وأن واشنطن ممتعضة بسبب الضربات المتواصلة لمدينة حلب من قبل موسكو ودمشق، وتعطيلهما قوافل المساعدات الإنسانية.
أما البروفيسور دانيل سيرفر، من مدرسة جونسون هوبكنز للأبحاث الدولية الدقيقة، فأكد أيضا لصحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” أن “الأعمال الحربية مرتبطة تماما بالرئيس”. وأن الولايات المتحدة تقاتل ضد “داعش”، وأن “الرئيس أوباما يمتنع باطراد عن الإجراءات العسكرية ضد الحكومة السورية، إيران، روسيا والقوى الشيعية الخارجية. وهو يرى أنه لا يملك تفويضا من الكونغرس الأمريكي لتنفيذ هذه الخطوات. ومن الصعب التنبؤ حول سلوك فرد مستقل، ولكن إذا حكمنا عليه بأعماله، فمن الواضح أن أوباما لن يعمل على توسيع الحملة العسكرية الامريكية. أما إذا حكمنا عليه عبر النظر إلى سلوك الزعماء الأمريكيين الأخيرين، فقد كان بمستطاعه فعل ذلك”.
سيريان تلغراف