أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، أن تقرير الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول الهجمات الكيميائية بسوريا غير كاف لتحميل دمشق المسؤولية عنها.
وشبه تشوركين الوضع حول الحوادث الموثقة لاستخدام غاز الكلور بسوريا بأنها مثل “مسدس ينبثق منه الدخان”، لكن لا توجد عليه أي “بصمات” تدل على الطرف الذي استخدم هذا السلاح.
ووزعت البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة نص كلمة تشوركين خلال أول اجتماع كرسه مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء 30 أغسطس/آب، للتقرير الذي قدمته الأمم المتحدة الأسبوع الماضي. ويوثق التقرير 9 حوادث لاستخدام مواد كيميائية في سياق القتال بسوريا، ويوجه أصابع الاتهام إلى الجيش السوري في اثنين من هذه الحالات، وإلى تنظيم “داعش” في حالة أخرى.
وقيم تشوركين عاليا نتائج عمل البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لكنه حذر من استخلاص استنتاجات متسرعة حول مسؤولية الجيش السوري عن استخدام غاز الكلور.
وفي تصريحات صحفية بعد الاجتماع، وردا على سؤال حول ما إذا كانت المعلومات الواردة في التقرير كافية لفرض عقوبات على دمشق، قال تشوركين: “بصراحة، لا أعتقد ذلك، بالطبع، سنواصل تحليل التقرير، وهناك حالتان (لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا) تم تحميل الجانب السوري المسؤولية عنهما، لكن لدينا أسئلة جدية للغاية حول هذا الشأن”.
وأضاف تشوركين أن هذا التقرير لا يسمي جهة محددة يمكن فرض عقوبات عليها، حيث “لا يتضمن أسماء أو خصوصية أو بصمات أصابع”.
وتابع أنه لروسيا أسئلة عدة حول استنتاجات البعثة المشتركة والأساس الذي تعتمد عليه هذه الاستنتاجات. ولم يستبعد المسؤول الروسي أن تكون قوى معارضة لدمشق أو جماعات إرهابية، فبركت الأدلة التي اعتمدت عليها الأمم المتحدة، بدعم خارجي.
وأوضح قائلا: “إننا نرى مسدسا ينبثق منه الدخان: إننا نعرف أنه تم استخدام غاز الكلور. لكن لا توجد أي بصمات على المسدس!”.
وتابع تشوركين أن استنتاجات البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول مسؤولية دمشق، تعتمد على عامل واحد فقط، هو اعتقاد المحققين بأن الجيش السوري هو الطرف الوحيد الذي يستخدم طائرات في سياق العمليات القتالية.
وأصاف الدبلوماسي أن التقرير يؤكد أن “البعثة لم تعثر على أدلة تشير إلى استخدام المعارضة المسلحة لمروحيات خلال الحوادث المتعلقة باستخدام الكيميائي”.
واستطرد: “يمكننا أن نستنتج من هذه الكلمات أنه لا توجد هناك دلائل واضحة تؤكد أن المعارضة لم تستخدم هذه المروحيات”.
وأعاد إلى الأذهان أن المحققين أكدوا أن المعارضة استولت على 9 مروحيات حربية قادرة على التحليق بعد بسط سيطرتها على قواعد جوية انسحب منها الجيش السوري، لكنهم اعتبروا أن قيادة تلك المروحيات تتطلب الوصول إلى “مستوى فني معين” و”تلبية شروط أخرى”.
وأضاف الدبلوماسي الروسي: “من غير الواضح لماذا يشكك واضعو التقرير في وصول المسلحين الذين تلقوا تدريبات متميزة، بما في ذلك تدريبات خارج سوريا، إلى مثل هذا المستوى الفني”.
بدوره قال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أن الاستنتاجات التي جاءت في التقرير الأممي تعتمد على شهادات قدمها عناصر من التنظيمات الإرهابية، ولا توجد فيه أي أدلة واقعية دامغة: “لا عينات من الدم أو نتائج فحوصات طبية”.
يذكر أن لجنة التحقيق المشتركة التي شكلتها الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية عرضت الأسبوع الماضي تقريرا حول 9 حالات لاستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وحمل التقرير دمشق المسؤولية عن حالتين، فيما قال إن هجوما واحدا نفذ من قبل مسلحي “داعش”.
واعتبر عدد من الدول، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا، العضوان الدائمان في مجلس الأمن الدولي، أن من الضروري فرض عقوبات على دمشق على خلفية هذا التقرير.
وقال سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت وهو في طريقه إلى الاجتماع “الأشياء التي سنبحثها هي فرض نظام للعقوبات وبعض أشكال المساءلة في إطار آليات قانونية دولية”.
بدورها أكدت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامانثا باور قبل الاجتماع “يتعين على المجلس أن يتحرك سريعا ليبين أننا عندما نضع آلية التحقيق المشترك في مكانها الصحيح فإننا جادون بشأن وجود مساءلة هادفة”، مضيفة “لا أستطيع أن أحدد أو أستبق ما سيؤول إليه (اجتماع) المجلس”.
وقال سفير فرنسا بالأمم المتحدة فرانسوا ديلاتري الثلاثاء “نحتاج إلى قرار.. ونحتاج إلى قرار له أنياب”.
هذا، وكانت سوريا قد وافقت على تدمير أسلحتها الكيمياوية في 2013 بموجب اتفاق توسطت فيه موسكو وواشنطن. وأيد مجلس الأمن الدولي ذلك الاتفاق بقرار قال فيه إنه في حالات عدم الامتثال، ومنها أي نقل غير مصرح به للأسلحة الكيماوية، أو أي استخدام للأسلحة الكيماوية من قبل أي طرف في سوريا، فسوف يتم فرض إجراءات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ويتضمن الفصل السابع فرض العقوبات وتفويض مجلس الأمن باستخدام القوة العسكرية.
وسيتعين على المجلس إصدار قرار آخر بفرض عقوبات موجهة على أشخاص أو كيانات لها صلة بالهجمات، تشمل حظر السفر وتجميد الأموال.
سيريان تلغراف