تناولت صحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” العملية العسكرية التركية في سوريا، وتسأل فيم تكمن خطورة اقتحام أنقرة البري؟
جاء في مقال الصحيفة:
بدأت العملية البرية التركية في سوريا الموجهة ضد “داعش” والأكراد تتكبد الخسائر. فقد تمكن مقاتلو “حزب العمال الكردستاني” من تدمير دبابة تركية في منطقة جرابلس المحررة وقتل أحد الجنود. كما هاجم مقاتلو الحزب مطار ديار بكر داخل تركيا.
وقد سألت “موسكوفسكي كومسوموليتس” المحلل السياسي المستشرق ألكسندر سوتنيتشينكو عن اتجاه القوات التركية في سوريا لاحقا، وهل هناك مؤشرات تدل على أن الطموحات التركية في سوريا لن تقتصر على جرابلس؟
يقول الخبير إن تركيا ترغب منذ زمن بإنشاء منطقة عازلة في سوريا “منطقة أمنية”. ومنذ عام 2013 يدور الحديث عن إمكان توغل القوات التركية في الأراضي السورية والاستيلاء على بعض المناطق الشمالية من سوريا، التي تتمتع كما يقولون بغالبية تركمانية لضمان أمنهم.
غير أن تركيا لم تحصل في ذلك الوقت على إذن بذلك من الولايات المتحدة، وطبعا كانت روسيا تعارض ذلك. وقد تعقدت الأمور أكثر بعد إسقاط قاذفة القنابل الروسية، ما أضطر تركيا إلى تأجيل فكرة التوغل إلى أجل غير مسمى. بيد أن كل شيء تغير بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، وبعد أن تمكنت أنقرة من إقناع الأمريكيين بأنها حليفتهم الرئيسة لا الأكراد. وقد تم ذلك نتيجة الابتزاز المباشر والتهديد بالخروج من الناتو والتقارب مع روسيا. وهنا نلاحظ أن نيل تركيا الإذن المنشود تزامن مع زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أعلن دعمه للعملية التركية في سوريا. كما ساهم الطيران الأمريكي في هذه العملية. أي أن الأتراك حصلوا على تفويض بإنشاء “المنطقة العازلة”، التي ستمتد من مدينة جرابلس، الواقعة غرب سوريا إلى حدود المنطقة الواقعة تحت سيطرة الأكراد. والهدف الرئيس من إنشاء هذه المنطقة هو منع التحام الجيبين الكرديين الشرقي والغربي، وبالتالي عرقلة قيام دولة كردية مستقلة.
وتدور المواجهات المسلحة بين الأكراد والقوات التركية على بعد 10 كلم من جرابلس. كما أعلنت القوات الكردية أنها غادرت مدينة منبج التي استولت عليها بدعم من التحالف الدولي قبل فترة. وبالطبع، يشعر الأكراد بخيبة أمل لأن الولايات المتحدة رفضت دعمهم بصورة مباشرة، بعد أن كانوا واثقين من أنهم حلفاء واشنطن الرئيسين في سوريا.
إن ما يجري هو بالذات ما تريده الولايات المتحدة: استمرار الحرب، وظهور لاعب قوي على مسرح أحداث الأزمة السورية؛ ما يسمح لواشنطن بأن تمسك بزمام تسوية الخلافات بين حلفائها إلى أطول فترة ممكنة.
وإن هدف الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط وأوراسيا هو زعزعة الاستقرار في المنطقة. أي بمعنى آخر لكي يقتل المسلمون بعضهم بعضا ويقتل الروس بعضهم بعضا لمنع قيام قطب بديل للولايات المتحدة.
ويضيف الخبير أن القوات التركية تستطيع نظريا التقدم باتجاه مدينة حلب، حيث سمع من سياسيين أتراك أن القوات التركية في حال تقدمها غربا فسوف تمر بمدينة الباب وتخترق الخط الدفاعي للقوات السورية وتصل إلى حلب المحاصرة. ولكن هذا يتطلب جهودا كبيرة. فإذا قرروا ذلك (بمعية “الجيش السوري الحر”) فسوف يشكلون خطرا كبيرا ليس فقط على الجيش السوري، الذي يحاصر حلب في الوقت الحاضر، بل وعلى المبادرات السلمية كافة بشأن المدينة.
سيريان تلغراف