تطرقت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” إلى العملية التركية في سوريا، مشيرة إلى أن تركيا تسعى بواسطتها لدفن حلم الأكراد بحكم ذاتي في سوريا.
جاء في مقال الصحيفة:
تكبدت تركيا في إطار عملية “درع الفرات” أولى الخسائر في سوريا، ليس على يد مسلحي “داعش”، بل على يد المقاتلين الأكراد. ومن الواضح أن الحملة العسكرية التركية في سوريا ستؤدي إلى تعقيد الأمور أكثر، وتدفن بصورة نهائية أمل الأكراد بإقامة كانتون لهم ذي حكم ذاتي.
وتشير صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن الحملة العسكرية التركية، التي بدأت يوم 24 أغسطس/آب الجاري، أدت إلى تعميق التناقضات بين مجموعتين مدعومتين من جانب الولايات المتحدة: الأكراد من جانب، والمتمردون وتركمان سوريا من جانب آخر. وهذا بطبيعة الحال سيخلق أرضية لنشوء نزاعات جديدة قد تؤدي إلى تقويض جهود واشنطن لتصفية “داعش”.
وتعترف الصحيفة بأن المعارضة السورية والأكراد يقاتلان بعضهما بعضا بصورة منتظمة في مختلف أنحاء سوريا، وفي الوقت نفسه يحاربان ضد “داعش” على جبهات مختلفة. ولكن الصدامات المسلحة الآن قد تندلع في مناطق تعدُّ هادئة نسبيا.
وفعلا، هذا ما يحصل، حيث يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن العملية التركية تسببت في مقتل 20 مدنيا في قرية جب الكوسا الواقعة شمال سوريا، والتي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” التي تدعم الأكراد – حسب رويتر.
أما صحيفة “وول ستريت جورنال”، فتشير إلى أن الصراع على الحدود التركية–السورية يشتد، حيث يوجد لتركيا حاليا في سوريا ما لا يقل عن 380 عسكريا و40 دبابة مدعومة بألف مسلح من المعارضة السورية. والقوات البرية مدعومة بالقوات الجوية. وقد هاجمت طائرتان تركيتان “إف-16″ مواقع الأكراد و”داعش” خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وعلى الرغم من إعلان رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم أن هدف العملية هو ضمان أمن سكان تركيا وحدودها، وأن العملية موجهة ضد “داعش”، فإن مسؤولين آخرين مثل وزير الدفاع التركي فكري عشق أعلن بصريح العبارة أن أنقرة تهدف أيضا إلى منع توسع الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد في البلد المجاور.
هذا، ويشتد التوتر حول مدينتي منبج وجرابلس، المدينة الاستراتيجية المهمة، التي كانت ستربط الأراضي الواقعة تحت سيطرة الأكراد في جيب واحد. وقد تمكن الأكراد من تدمير دبابة تركية وقتل أحد الجنود وإصابة ثلاثة آخرين (حسب “سي إن إن تورك”). من جانبها، أشارت وكالة “الأناضول” إلى أن مقتل هذا الجندي قد يؤدي إلى تصعيد الحرب.
كذلك، تعرضت مواقع داخل تركيا إلى هجمات، بما في ذلك مطار ديار بكر، الذي هوجم بالصواريخ (حسب وكالة “دوغان”)، من دون أن يصاب أحد بأذى. وبحسب اعتقاد السلطات التركية، فإن الأكراد يقفون وراء هذا الهجوم.
ويتفق الخبراء على أن عملية “درع الفرات” موجهة ضد الأكراد أكثر مما هي ضد “داعش”.
تقول الخبيرة بشؤون الشرق الأوسط، مستشارة مدير المركز الروسي للدراسات الاستراتيجية، يلينا سوبونينا إن “للحملة العسكرية التركية هدفين: محاربة الإرهابيين وإضعاف الحركة القومية الكردية. وتركيا لن تتوقف، إلا بعد أن تتأكد من تقويض طموحات أكراد سوريا، الذين لا هدف لديهم سوى الحصول على منطقة ذاتية الحكم، ولكن خصما قويا الآن يقطع عليهم الطريق”.
ويذكر أن مباحثات جنيف بين وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري بشأن الأزمة السورية، استمرت 12 ساعة، من دون أن يتمكنا من تجاوز نقاط الاختلاف بينهما كافة؛ لأن روسيا تصر كما في السابق على وضع حدود واضحة فاصلة بين المعارضة والإرهابيين، وقد أعلن كيري بأن الوضع يستحق ذلك.
المسألة الثانية هي تجاوز التناقضات بشان انتهاكات الهدنة في سوريا، حيث لم يتفق الطرفان عند توقيع اتفاق الهدنة على العقوبات التي ستفرض على من ينتهكها، وحالما يتوصل الطرفان إلى اتفاق بشأن نقاط الخلاف سوف يعلنان ذلك.
والموضوع الرئيس الآخر هو حلب المحاصرة والمهددة بكارثة إنسانية. ومن المنتظر أن ينشر الطرفان خلال أسبوع الإجراءات المتفق عليها لتجنب الكارثة وإنقاذ مئات الألوف من سكانها من الموت جوعا أو نتيجة القصف.
وقد علق لافروف على العملية التركية في سوريا بقوله إن “دمشق مستعدة للتعاون مع كل من يحارب الإرهاب”. ولكن، على كل من توغل في سوريا عاجلا أو آجلا أن يعلن أهدافه وأولوياته، وتركيا ليست استثناء.
سيريان تلغراف