شهدت ألمانيا والبلدان الأوروبية الأخرى خلال السنوات الخمس الماضية تدفقاً هائلاً للاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، أتى معظمهم من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
في هذه الأثناء، أصبحت مناقشة السياسة الليبرالية في استقبال اللاجئين إحدى محرمات حكومة المستشارة أنغيلا ميركل ووسائل الإعلام الموالية لها. بحيث كان يتم اتهام كل من يشكك في سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين بـ”العنصرية” أو “النازية الجديدة”، وبالتالي، يجري عزله عن المجتمع.
لكن حاجز الخوف سقط مع الوقت، وبدأ الصحافيون والمراقبون بإبداء امتعاضهم، وتسليط الضوء على سلبيات استقبال هذا العدد الكبير من اللاجئين الذين لا يعرفون عنهم شيئاً، وخاصةً أن معظم القادمين الجدد يصلون إلى البلاد من دون أوراق ثبوتية.
وينضم اليوم إلى فريق “المحذرين” رئيس وكالة الاستخبارات الداخلية (BfV) هانس-جورج ماسين، الذي أكد دخول 17 عنصراً من التنظيم الإرهابي إلى ألمانيا منتحلين صفة لاجئين.
وعلى الرغم من أن هؤلاء الإرهابيين الـ17 هم الاَن إما في السجن أو في عداد الموتى، فإن ماسين لا يستبعد وقوع هجوم إرهابي على غرار الاعتداءات التي استهدفت مطار أتاتورك الدولي في اسطنبول، والذي أودى بحياة 43 شخصاً، فضلاً عن إصابة 237 آخرين بجروح.
فبحسب أدلة الـBfV، تتبعت الوكالة أكثر من 320 محاولة تواصل بين الإسلامويين واللاجئين في البلاد، بهدف تجنيدهم في الخلايا النائمة.
لذلك، يعتقد ماسين أن “التهديد الأكبر في ألمانيا هو الإرهاب الإسلاموي”، قائلاً إنه لا يستطيع استبعاد هجوم إرهابي على مطارات ألمانيا، مشيراً إلى أن القوات الأمنية تواجه صعوبات إضافية في ضبط الأمن بالبلاد، عقب تدفق اللاجئين في الآونة الأخيرة.
ففي الشهر الماضي، اعتقلت القوات الخاصة الألمانية ثلاثة أعضاء في خلية إرهابية، اثنان منهم كانا يعيشان في مركز للاجئين، كانوا يخططون لشن هجوم إرهابي في مدينة دوسلدورف.
وتم التخطيط للهجوم الإرهابي بحيث يفجر مسلحان نفسيهما بأحزمة ناسفة في وسط المدينة الألمانية التاريخي، ثم يقتل الرجل الثالث أكبر عدد ممكن من الناس بالسلاح الناري.
وقال ماسين إن “تنظيم “داعش” ليس في حاجة إلى استخدام طرق اللاجئين المعروفة، وإن ذلك هو استعراض للقوة من جانب المجموعة الإرهابية”. مضيفاً إن عدد الإسلامويين الذين يتركون ألمانيا للانضمام إلى “داعش” في العراق وسوريا تراجع، لكنه لا يزال مصدراً للإزعاج.
ورغم هزائم “داعش” الأخيرة في سوريا والعراق، فقد حذر ماسين من أن هذه الهزائم لن تؤثر في نيات أولئك الذين يتمكنون من إيجاد الطريق إلى أوروبا. فالهجوم على أوروبا يكتسب أهمية خاصة عند قادة “داعش” بهدف تذكير العالم وأتباع التنظيم بـ”أننا ما زلنا هنا”.
وإلى جانب مراقبة الخلايا النائمة بين اللاجئين، قال ماسين إن من المهم أيضاً وقف “الإرهابيين المحليين”، وتحديداً الشباب الذين يعتنقون التشدد من خلال بعض طوائف الإسلام.
لذلك، “يتوقف النجاح على قدرة الدولة والمدرسة وأولياء الأمور في دق إسفين بين الشباب والسلفيين”، في إشارة إلى أنصار المتشددين الإسلامويين (السلفيين).
وتأتي هذه التصريحات بعد استطلاع أجرته وكالة «إيمنيد» لاستطلاعات الرأي لمصلحة صحيفة «بيلد أم زونتاغ» الألمانية، وأظهر أن ما يقرب من الثلثين (62 في المئة) من الألمان يتوقعون هجوماً على مطار ألماني على غرار هجمات اسطنبول أو بروكسل، في حين لا يؤمن 33 في المئة بهذه الفرضية.
أما أكثر من النصف (57 في المئة) ممن شملهم الاستطلاع، فدعوا إلى تشديد الإجراءات الأمنية أمام مباني المطارات الألمانية بسبب هذا التهديد، بينما لا يريد 39 في المئة ذلك.
ومن الجدير بالذكر أن هذه المخاوف بدأت منذ تحذير قادة الأجهزة الأمنية الأوروبية من أن أكثر من خمسة آلاف متشدد قد استفادوا من أزمة اللاجئين وتسللوا إلى أوروبا.
سيريان تلغراف | كيفورك ألماسيان – شتوتغارت – ألمانيا