تناولت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” التغيرات الجارية في السياسة التركية، مشيرة إلى أن المصالحة مع موسكو رافقتها مفاوضات سرية مع الأكراد.
جاء في مقال الصحيفة:
إعلان أردوغان عن إمكان حصول نحو 3 ملايين لاجئ سوري على الجنسية التركية، في محاولة لرفع شعبية الحزب الحاكم في تركيا؛ كان مبادرة تشير إلى التغيرات التي طرأت على سياسة أنقرة وتقاربها من موسكو. وقد يكون مفيدا بعث الاتحاد بينهما على خلفية تراجع العرب والأكراد في معارك سوريا أمام الإسلامويين.
فقد زار الرئيس رجب طيب أردوغان المدينة التركية الحدودية كيليس، التي تضاعف عدد سكانها بسبب اللاجئين السوريين، وأعلن هناك عن “أخبار سارة لإخواننا وأخواتنا الموجودين هنا في تركيا، التي هي بيتكم أيضا”. وأضاف أن العديد من المهاجرين يرغبون في الحصول على الجنسية التركية وأن “وزارة الداخلية ستتخذ الخطوات اللازمة في هذا الاتجاه”.
لكن مسؤولا تركيًا رفيع المستوى أوضح لصحيفة “فايننشال تايمز أن “تصريحات أردوغان هي “إعلان نيات” وليست قرارا نهائيا”.
هذا، وبحسب المعطيات الرسمية، يعيش في تركيا 2.7 مليون سوري، ولكنَّ هناك مئات الألوف من المهاجرين غير الشرعيين، الذين يعيشون عمليا خارج مخيمات اللاجئين، ويعملون في المصانع والمزارع بصورة غير رسمية.
وإن منح الجنسية لملايين المهاجرين يضمن ناخبين إضافيين سيصوتون لـ”حزب العدالة والتنمية” الحاكم؛ حيث قال أردوغان طوبراق نائب “حزب الشعب الجمهوري” المعارض لصحيفة “حريت” إن منح الجنسية للمهاجرين سيضيف 3 ملايين ناخب يمكنهم تغيير نتائج الانتخابات البرلمانية عام 2019.
الرئيس أردوغان، من جانبه، هاجم في الخطاب، الذي ألقاه في مدينة كيليس الحدودية، القيادة السورية والرئيس بشار الأسد، وقال إن “الإنسان الذي تسببت سياسته في مقتل 600 ألف سوري لا يمكن اعتباره قائدا”؛ معربا عن ثقته بأن نظام الأسد فقد القدرة على إدارة الدولة، وأن الشعب غير قادر على التأثير في الأوضاع.
لكن الصحيفة البريطانية نفسها، وقبل أيام من تصريحات أردوغان، أشارت، استنادا إلى مصادر في المعارضة، إلى استعداد أنقرة لتقديم تنازلات في موقفها من دمشق.
إذ على خلفية استئناف علاقاتها مع موسكو، يمكن لتركيا أن تقدم تنازلات للأسد، وتتخذ إجراءات معينة بشأن القضية الكردية. وهذا طبعا سيمثل ضربة مؤلمة للمجموعات الإسلاموية التي تدعمها أنقرة.
وبحسب معطيات “فايننشال تايمز”، فإن تركيا، وقبل أسبوع من تقديم أردوغان الاعتذار إلى بوتين، أجرت لقاء سريا بين ممثلي موسكو وزعماء المعارضة السورية. وعلق عزالدين سلامة، أحد زعماء المعارضة، بالقول إن “تنازلات وحلول وسطية سيتم تقديمها إلى الأكراد والمتمردين؛ ولكن أنقرة لن تتخلى بشكل كامل عن المعارضة؛ لأن هذا لن يخدم مصالح تركيا الاستراتيجية”.
بدوره، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، بعد لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف، إن المصالحة مع موسكو تعني أن على تركيا العمل مع روسيا من أجل تسوية سياسية للأزمة السورية. وقد ناقش الوزيران في سوتشي قطاع السياحة وضمان أمن السياح في تركيا إضافة إلى المسألة السورية.
هذا، ويميل الخبراء إلى الاعتقاد بأن تغير مواقف أنقرة بدأ يتساوق مع مقترحات موسكو.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس معهد الدين والسياسة ألكسندر إيغناتينكو إن “أردوغان غير مواقفه تحت تأثير عوامل مختلفة. فقد شعر بأن تفكك سوريا وظهور فيدرالية في شمال سوريا، يشكلان خطرا على تركيا؛ لأن الفيدرالية ستضم المناطق الكردية، وفي حال حصولها على حكم ذاتي فستتخذ موقفا معاديا لتركيا”.
ويضيف إيغناتينكو أن أردوغان أدرك ضرورة المحافظة على سوريا موحدة يجسدها الأسد. أي أن أردوغان يقف إلى جانب الحفاظ على سوريا كما كانت عليه قبل بداية الأزمة والحرب الأهلية. وهذا هو موقف موسكو أيضا. بيد أن مواقف أردوغان تقاربت مع مواقف روسيا تحت تأثير عوامل مختلفة”.
سيريان تلغراف