وصف نائب وزير الخارجية السورية، فيصل المقداد، المحادثات التي أجراها المبعوث الدولي العربي المشترك إلى سورية، كوفي عنان، مع المسؤولين السوريين، بأنها “بنّاءة ومثمرة، وعبّرت عن رغبة الجانبين في التعاون الصادق لتنفيذ خطة عنان”.
وجدّد المقداد، تأكيد التزام الحكومة السورية بخطة المبعوث الدولي، كوفي عنان. وشدّد على أنه لم يتمّ خرق خطة عنان من قبل حكومته، التي قامت بتقديم كلِّ التسهيلات من أجل إتمام تمركز وتوزُّع بعثة الأمم المتحدة في أنحاء البلاد، متَّهماً الأطراف الأخرى بخرق الخطة.
وقال المقداد، في تصريح صحفي، أمس: إنَّ سورية قدّمت كل ما يلزم من أجل تمكين بعثة المراقبين الدوليين وأفرادها من القيام بمهماتهم بشكل كامل، من دون أيِّ معوقات على الإطلاق، مشدِّداً على أنَّ سورية خلال هذه الفترة لم تقم ولو بانتهاك واحد لخطة عنان، وللتفاهم الأولي ما بين الحكومة السورية والأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه، لم يلتزم الطرف الأخر ولو ببند واحد من التفاهم الأولي.
واعتبر المقداد أنَّ هذا الأمر يدلُّ على وجود قرار بعدم تنفيذ خطة عنان وإفشالها من قبل المجموعات المسلَّحة والمعارضة التي تقف معها، إضافة إلى الدول التي تقوم بتمويل وتسليح هذه المعارضة. وأضاف بقوله: “على الرغم من ذلك، نحن سائرون ونريد مصلحة سورية وإعادة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد وشعبه”.
من جهة أخرى، أدان المقداد المجزرة التي ارتكبت يوم الجمعة الماضي في بلدة الحولة، مؤكِّداً أنه “من المستحيل أن يكون مَن التزم التهدئة هو مَن ارتكب هذه المجزرة”.
وكان عنان التقى، أمس، وفداً ضمَّ 8 شيوخ عشائر سورية في عدة محافظات من البلاد. وقال الشيخ جوهر الحلو، شيخ عشيرة عدوان من محافظة الحسكة لوكالة “يونايتد برس إنترناشونال”: “نريد أن نوصل إلى مبعوث الأمم المتحدة أن يعمل على أن تلتزم المعارضة ببنود خطته الستة، وأن توقف أعمالها الإرهابية ضد المدنيين وقوات الجيش العربي السوري”.
وأضاف: “إذا كان كوفي عنان لن يستطيع، بموجب خطته، أن يوقف الأعمال الإرهابية التي يقوم بها المسلّحون، والحكومة السورية تعامل تلك المجموعات بصبر، فنحن شيوخ العشائر، قادرون على إيقاف تلك المجموعات، لأنَّ مَن يقتل بنيرانهم تلك هم أبناؤنا”.
بدوره، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، أنَّ بلاده قلقة من محاولات إفشال خطة عنان لتسوية الأزمة السورية. وقال لافروف، في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع وزير خارجية بيرو، رافاييل رونكاغليولو، في موسكو: “إنَّ بعض الدول بدأت تستغلُّ الأحداث في بلدة الحولة السورية كذريعة لاتخاذ إجراءات عسكرية في محاولة للضغط على مجلس الأمن الدولي”.
وأضاف أنَّ “الحديث يدور في الواقع عن إحباط خطة عنان. ويبدو أنها تمثِّل عقبة بالنسبة إليهم، لأنها ترمي إلى خلق الظروف المناسبة لإجراء إصلاحات وإطلاق حوار بين جميع السوريين، وليس تغيير النظام”.
وأعرب لافروف عن صدمته إزاء التصريحات الأخيرة لرئيس مجلس اسطنبول المستقيل، برهان غليون، الذي دعا فيها الشعب السوري إلى مواصلة ما وصفه بـ”معركة التحرير” ضد القوات الحكومية، حتى يسمح مجلس الأمن بالتدخُّل العسكري المباشر من الخارج.
ووصف لافروف هذه التصريحات بـ”التحريض المباشر على إشعال حرب أهلية”، مشدِّداً على “أنَّ مثل هذه التصريحات تتعارض مع خطة عنان، التي تنصُّ على توحيد المعارضة السورية، ليس تحت شعار الحرب الأهلية، بل تحت شعار استعدادها للحوار مع السلطات”.
في حين حذَّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمان برست، من أنَّ زعزعة أمن سورية واستقرارها تمثِّل تهديداً لأمن المنطقة واستقرارها. ودعا في مؤتمره الصحفي الدول الضالعة في العنف الذي تشهده سورية إلى الكفِّ عن مواصلة ممارساتها والعمل على دعم خطة عنان. كما دعا جميع الأطراف إلى الركون إلى الحوار وإنجاح خطة عنان، لأنَّ فشل الخطة هو مطلب حماة الكيان الصهيوني، فكلُّ جريمة تُرتكب في سورية مرتبطة بالكيان الصهيوني وعملائه، لأنَّ إسرائيل الغاصبة هي أكبر المستفيدين من زعزعة الأمن والاستقرار في سورية، بحسب قوله.
وفي آخر التطورات دبلوماسياً، أعلن عدد من الدول الأوروبية، والولايات المتحدة، وأستراليا، طرد دبلوماسيين وسفراء سوريين لديها “احتجاجاً على مجزرة الحولة”، كما جاء في قرارات الطرد.. حيث أعلنت الخارجية الألمانية، أمس، أنها قرَّرت طرد السفير السوري لدى برلين، رضوان لطفي، احتجاجاً على مجزرة الحولة. وأوضحت أنَّ عليه مغادرة الأراضي الألمانية في غضون 72 ساعة.
وفي خطوة مماثلة، أعلن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، عن طرد السفيرة الفرنسية، لمياء شكور.
كما أعلنت أستراليا طرد دبلوماسيين سوريين اثنين، حيث أعطت القائم بالأعمال السوري، جودت علي، أرفع دبلوماسي سوري في أستراليا، ودبلوماسياً آخر، مهلة 72 ساعة لمغادرة البلاد. وكذلك فعلت إيطاليا، حيث أعلنت طرد السفير السوي، حسن خضور. وقالت: “إنه شخص غير مرغوب في وجوده في إيطاليا”. فيما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية طرد القائم بالأعمال السوري لديها.. وأيضاً أعلنت الخارجية الأمريكية انضمامها إلى المجهود الدولي للضغط على النظام السوري، عبر طرد السفراء والدبلوماسيين السوريين لديها، واستدعت زهير جبور بصفته القائم بالأعمال لديها، وأبلغته أنَّ عليه المغادرة.
وفي هذا الإطار، أشار المحلل السياسي، جورج جبور،في تصريح خاص لـ “سيريان تلغراف” إلى أنَّ الوضع في سورية يستدعي، أكثر من أيِّ وقت مضى، تفعيل العلاقات الدبلوماسية من قبل تلك الدول إذا كانت نواياها صادقة فعلاً إزاء محاولتها لإيجاد الحل السياسي، معتبراً أنه لابدَّ لتلك الدول من أن تصغي إلى الدبلوماسية، لا أن توقف عملها. وأكَّد جبور أنَّ طرد السفراء السوريين خطوة لإيقاف عمل الدبلوماسية، ولإعاقة الحل السلمي، مضيفاً أنَّ قطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام قائم يعني أنَّ تلك الدول “لا نتقبَّل وجوده”.
سيريان تلغراف | ر.ف