نشرت صحيفة “نيزافيسمايا غازيتا” مقالة تحت هذا العنوان، ذكرت فيها أن عناصر الوحدات الخاصة الأمريكية قد يتحولون إلى أهداف محتملة للجيش السوري والقوة الجوية الروسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن غياب أي نتائج مثمرة عمليا للمفاوضات في جنيف حول سوريا دفع واشنطن إلى تنفيذ ما يسمى بالخطة “باء” في هذه الدولة، وطبعا، بمشاركة نشيطة وفعالة من أطراف تركية وعربية. وتدعو الخطة إلى تقديم الدعم المسلح لما يسمى بالمعارضة المعتدلة التي تقاتل ضد القوات الحكومية. وهذا، يمس بالطبع مصالح روسيا وحلفائها في المنطقة.
ويؤكد الجانب الأمريكي أن القوة الأمريكية المؤلفة من 250 عسكريا أمريكيا، لن تدخل إلى مناطق تعمل فيها الطائرات الروسية.
ولا ريب في أن هناك اختلافا واضحا في تقييم الجانبين الروسي والأمريكي لتطورات الوضع في سوريا؛ إذ يحتج الأمريكيون لأن روسيا، حسب زعمهم، تقصف مسلحين تعدُّهم الولايات المتحدة من المعارضة المعتدلة، فيما ترى موسكو أنهم من الإرهابيين.
ومن المعروف أن الحكومة السورية تعارض دخول أي عسكري أمريكي إلى أراضيها. وقد قال وزير الخارجية وليد المعلم، في شهر فبراير/ شباط الماضي، في تعليقه على دخول وحدة أمريكية من 50 عسكريا إلى شمال سوريا بذريعة مساعدة الأكراد في القتال ضد داعش، إن أي تدخل عسكري أجنبي من دون موافقة الحكومة السورية سيعدُّ عدوانا، وإن المعتدين سيعادون إلى بلادهم في توابيت من خشب.
ومن الملاحظ أن الولايات المتحدة ترفض وتتجنب أي تواصل مع السلطات السورية حول ذلك، وتفضل اللجوء إلى الروس وتطلب منهم عدم قصف المناطق التي يرابط فيها الجنود الأمريكيين.
ويؤكد البنتاغون أن القوة الأمريكية – وعديدها الإجمالي بات 300 عسكري – لن تقاتل في سوريا، بل ستقوم فقط بضمان الاتصالات مع القوات على ارض القتال وإعداد التقييمات الاستخبارية وتحديد الأهداف. ورفض البنتاغون الدخول في التفاصيل “كي لا يعرض أمن العسكريين الأمريكيين للخطر”.
في هذه الأثناء، نقلت “بي بي سي” عن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قوله إنه يستبعد بتاتا أي تدخل عسكري أمريكي كبير ومباشر في سوريا، وإنه يشدد على أن المهم لبلاده هو الاستمرار قصف الأهداف الرئيسة لـ”داعش” في الرقة والموصل.
ومن المعروف أن القوة الجوية الروسية والجيش السوري ينويان كذلك قصف الرقة. وهنا تبدو ملحة جدا عملية التنسيق والتعاون بين دمشق وواشنطن؛ وهو أمر تتهرب منه الأخيرة بكل الطرق الممكنة، وتشن في الوقت الحالي مع حلفائها هجمة إعلامية شرسة حول الوضع في حلب، وتتهم الجيش السوري بمحاولة اقتحامها، وهو أمر غير مرغوب به برأي واشنطن.
ولا شك في أن موضوع حلب يمس ليس فقط مصالح الولايات المتحدة، بل وتركيا، التي وفق مكالمات لاسلكية التُقطت، أرسلت مؤخرا عدة مجموعات من المستشارين العسكريين الأتراك إلى مناطق في محافظتي حلب واللاذقية؛ فيما قام المسلحون وبتغطية من الاستخبارات التركية بنقل أكثر من 300 مقاتل من مسلحي “جبهة النصرة” إلى داخل المناطق الشمالية في سوريا، ونُقلت من تركيا إلى سوريا خمس دبابات، وخمسين صاروخا من طراز “لاو”، وخمس وأربعون منظومة دفاع جوي محمولة على الكتف من طراز “ستينغر”، وثلاث عشرة شاحنة بيك أب مزودة بالرشاشات الثقيلة، وأربع سيارات ركاب مفخخة.
ولكن، وعلى الرغم من ذلك، فإن القوات الحكومية لا تزال تسيطر على الوضع، وتعد العدة للهجوم على دير الزور وحلب.
وفي الوقت نفسه، تنشط المعارضة المسلحة المدعومة من الأتراك والأمريكيين. وتفيد وسائل الإعلام العربية بأنه، وبتحريض من أنقرة، أعلنت تنظيمات “لواء الحق” و”أجناد الشام” و” أحرار الشام” و” فيلق الرحمن” و” الفرقة-13″ التابعة للجيش الحر، عن خروجها من الهدنة المعلنة. وبدأت بالتعاون مع “جبهة النصرة” بمهاجمة مواقع الجيش السوري في حلب وإدلب واللاذقية، وكذلك في دمشق وحمص.
ويترافق ذلك مع حملة إعلامية واسعة جدا لتشويه سمعة الجيش السوري.
فقبل عدة أيام على سبيل المثال، ذكرت وسائل الإعلام العربية والغربية أن مستشفى في حلب تعرض لغارات جوية، وأن معرة النعمان تعرضت للقصف الجوي العنيف؛ ما أدى إلى مقتل أكثر من 40 مدنيا. ولكن دمشق نفت ذلك، وقالت إن المسلحين هم من قصفوا المدينة، وترافق ذلك مع حملة تضليلية عبر وسائل الإعلام بهدف تبرير تراجع “مجموعة الرياض” عن المفاوضات.
وتحظى “المعارضة المسلحة” بدعم عسكري كبير من جانب بعض الدول مثل قطر والسعودية وتركيا. وقبل أيام ظهرت لقطات لمقاتلين من المعارضة يحملون في حمص صواريخ صينية مضادة للطائرات من نوع”إف إن-6″. وتشير الصحافة السورية إلى أن الصواريخ جاءت من السودان بتمويل قطري.
هذا، وتواصل المدفعية التركية قصف المناطق الحدودية السورية. وتفيد الأنباء بأن الجيش التركي نقل إلى المنطقة الحدودية أعدادا كبيرة من المدافع والدبابات، وأن فصائل المعارضة المسلحة في شمال سوريا بدأت القتال من جديد ضد الجيش السوري بهدف قطع طريق دمشق–حلب الاستراتيجية.
سيريان تلغراف