جدد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة موقف بلاده من الصراع الدائر في سوريا، والقائم على أساس الحياد المطلق.
وأعرب بوتفليقة، في رسالة بعث بها إلى نظيره السوري بشار الأسد بمناسبة ذكرى الجلاء، عن اهتمام الجزائر وانشغالها البالغين بالأوضاع التي تمر بها سوريا، وعن أملها في أن يتوصل السوريون إلى حل يحفظ وحدة سوريا واستقرارها.
خارج السياق
الموقف الجزائري من الأزمة السورية لا يختلف كثيرا عن مواقفها من سائر القضايا الساخنة في المنطقة. لكنه بالطبع يختلف كثيرا عن مواقف شركائها العرب من الفاعلين في الأحداث.
فبينما كانت الدول العربية تتسابق إلى دعم ثورات “الربيع العربي”، التي أسقطت حكاما وأدخلت دولا في دوامات من العنف؛ كان لافتا برودة الموقف الجزائري إزاء هذه الثورات.
ووجدت الجزائر نفسها خارج سياقها العربي بسبب هذه المواقف؛ بل ووضعتها في حرج كبير، خاصة أمام الدول التي تقود زمام المبادرة في التعاطي مع الأزمات العربية.
ويبرز إلى الواجهة هنا تحفظ الجزائر على تصنيف جامعة الدول العربية “حزب الله” اللبناني منظمة إرهابية، ورفضها التدخل الذي قادته المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين في اليمن، وامتناعها عن المشاركة في “القوة العربية المشتركة لمحاربة الإرهاب”، التي أقرت الجامعة العربية إنشاءها العام الماضي؛ إضافة إلى احتفاظها بعلاقات جيدة مع القيادة السورية واستقبالها قبل أسابيع وزير الخارجية السوري وليد المعلم.
وقد أصابت هذه المواقف العلاقات الجزائرية-السعودية خاصة بنوع من الفتور. وهو ما اضطر الرئيس الجزائري إلى توضيح الأسس التي تبني عليها بلاده مواقفها من مجمل قضايا المنطقة.
فقبل أسبوعين أوفد الرئيس بوتفليقة مستشاره الخاص الطيب بلعيز إلى الرياض لشرح مواقف الجزائر، ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن بلعيز قوله على هامش لقائه العاهل السعودي إن مواقف بلاده المغايرة لمواقف أشقائها العرب نابعة فقط من موروثها التاريخي منذ الثورة، والذي يقضي بعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول الأخرى؛ إضافة إلى أن دستورها يمنع مشاركة قواتها في أي نشاط خارج حدود البلاد.
قبول مبطن
ورغم رفض بعض الدول العربية المواقف الجزائرية المخالِفة وإبداء امتعاضها منها، فإنها تتبنى جزءا منها وإن بشكل غير مباشر؛ حيث تناقلت وسائل الإعلام قبل أيام تبني القمة الثالثة عشرة لـ”منظمة التعاون الإسلامي” في اسطنبول غالبية المواقف الجزائرية.
فقد تضمن البيان الختامي للاجتماع الكثير من المقترحات التي تقدمت بها الجزائر في إطار نظرتها إلى الحلول المناسبة للنزاعات في المنطقة وإعادة التوازن الإقليمي والدولي.
ومن أبرز هذه المواقف المطالبة بتسوية الخلافات بين إيران والسعودية والحث على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية برعاية الأمم المتحدة، والرفض المطلق للتدخل العسكري في ليبيا، والكف عن تسليح الميليشيات المنتشرة في البلاد.
كما تبنى عدد من الدول موقف الجزائر الداعي إلى تمثيل الدول الإسلامية وإفريقيا عبر مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.
وترى الجزائر أنها تدفع ضريبة مواقفها الثابتة والراسخة، ليس فقط من خلال تأزم علاقاتها مع بعض أشقائها العرب والمسلمين؛ ولكن أيضا من تشويش بعض شركائها الغربيين عليها؛ إذ تقول الحكومة الجزائرية إن فرنسا والولايات المتحدة تحاولان معاقبتها على مواقفها، وخاصة من القضية الفلسطينية.
سيريان تلغراف | سيد المختار