أكدت صحيفة “فزغلاد” الروسية نقلا عن مصادرها أن الإدارة الأمريكية قد تبنت فعلا ما يسمى بالخطة “باء” في سوريا، وأنها تهدف إلى زعزعة الأوضاع بشكل شامل في المنطقة.
وفي تعليق بهذا الصدد، أعادت الصحيفة الروسية إلى الأذهان نفي وزارة الخارجية الأمريكية جملة وتفصيلا على لسان الناطق الرسمي باسمها جاريد كابلان، وجود مثل هذه الخطة، حيث شدد أن واشنطن لم تتبن أي خطط سوى الخطة “أ”، وأن هدف بلاده وروسيا في سوريا واحد، رغم الخلافات القائمة في وجهات النظر التي يبني عليها كل من الجانبين.
ونقلت “فزغلاد” عن الدبلوماسي الأمريكي قوله: “الاتصالات مستمرة بين البلدين، وهدفهما واحد، ويتمثل في وقف نزيف الدم في هذا البلد وعودة السلام إلى أراضيه، ورسم مستقبل أفضل للسوريين بجميع مكوناتهم وأطيافهم الدينية والإثنية. الخلافات في وجهات النظر بين البلدين ماثلة، إلا أننا لا ننشد شيئا سوى مستقبل مستقر للسوريين”.
وفي هذا الصدد، أوردت الصحيفة مقتطفات من تعليق لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إذ قال: “مما لا شك فيه، أنه لا يتوجب رواج أي أحاديث ثنائية التأويل حول ما يسمى بالخطة “باء” في إطار التحالف الذي تقوده واشنطن. كما من غير المقبول الحديث عمّا يسمى كذلك بمناطق عازلة لا فائدة منها، جرى الإقرار ومنذ أمد برفضها المطلق” قلبا وقالبا.
وأضاف لافروف: “تدار الأحاديث بشكل ممنهج حول ما يسمى بالخطة “باء”، فيما نحن لسنا على أدنى علم بأي نوع من هذه الخطط، التي لم يبحثها أحد معنا أبدا. نحن مستمرون في العمل على استمرارية وقف القتال في سوريا. وإذا ما كانت هذه الخطة قائمة فعلا، وتتضمن الانتقال إلى استخدام القوة، فإن ذلك سوف يثير لدينا قلقا كبيرا، وخيبة أمل عارمة. آمل في ألا تصدق التكهنات التي تشاع بهذا الصدد”.
وبالعودة إلى تحليلها، ذكرت الصحيفة الروسية نقلا عن مصدر مقرب من وزارة الدفاع السورية، أن الخطة الأمريكية المذكورة، تهدف إلى زعزعة المنطقة بأكملها، لا سوريا فحسب، وأن جهات تركية وسعودية قد أعدت خطة تتضمن توريد الأسلحة إلى “المعارضة”، وإثارة الفوضى والاضطرابات في لبنان، لضرب “الحلقة الأضعف” في التحالف المؤيد لدمشق، أي حزب الله اللبناني.
كما استذكرت “فزغلاد”، ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مؤخرا، الذي حذر روسيا وإيران من لجوء بلاده إلى الخطة “باء”، إذا ما استمرتا في ممارساتهما، حسب وصفه، معربا عن استعداده لمطالبة الكونغرس في مثل هذه الحالة، باتخاذ خطوات أوسع في هذا الاتجاه.
سيميون باغداساروف مدير مركز دراسات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وفي حديث للصحيفة قال: جرت العادة على أن تترافق جميع الخطط العسكرية أو القتالية بما يسمى بالخطة “باء”، والعمليات التي تدور في سوريا وحولها لن تشذّ عن هذه القاعدة، وتطبيق هذه الخطة في سوريا مستمر على قدم وساق.
وتابع: “مما لا شك فيه، أن الولايات المتحدة لا تريد سيطرة الأسد وتحالفنا على حلب، إذ أن الاستيلاء على هذه المدينة سيجسد نصرا مؤزرا لروسيا، سيعطي الحرب هناك منحى مغايرا كليا. ليس من الضروري أن تعكف واشنطن بنفسها على تطبيق الخطة “باء”، بل يكفيها المباركة بتنفيذها للسعودية أو تركيا.
كما يكفي تزويد المسلحين ببضع عشرات من منظومات صواريخ “ستينغر” المحمولة على الكتف، ومثل ذلك من صواريخ “تاو” المضادة للدروع، كما بوسع واشنطن، تزويد الأكراد بكميات أكبر من السلاح”.
ولم يستبعد باغداساروف بالمطلق إقدام دعاة الحرب في الغرب وحلفائهم في السعودية على زلزلة الوضع في لبنان. وأضاف: “لبنان يعاني وضعا غاية في التعقيد، إذ يستضيف على أراضيه زهاء 1.5 مليون لاجئ سوري، فضلا عن هشاشة الاستقرار السياسي فيه، إذ لم يجمع اللبنانيون طيلة عامين على رئيس للجمهورية، فضلا عن تعاظم نسبة المعارضين لنهج حزب الله هناك، على انخراطه إلى جانب الأسد في الحرب السورية.
إذا ما اضطربت الأوضاع في لبنان، فإن حزب الله سوف يضطر للعودة إلى أراضيه للدفاع عنها، بما سيضعف الأسد”.
وفي صدد الخطة “باء”، أوردت الصحيفة كذلك، تعليقا لمدير معهد الدراسات الدينية والسياسة، المستشرق ألكسندر إيغناتيكو، الذي أكد أن لكل من الأطراف المنخرطة في الحرب السورية خطة بديلة.
وأشار إلى أنه “لا يمكن لأي سياسي ذي خبرة تجاهل صياغة خطة بديلة عن العملية التي يديرها، مما يعني أنه لدى روسيا والولايات المتحدة خططهما. الأزمة السورية غاية في التعقيد، حيث ينخرط في مجرياتها عدد كبير من اللاعبين الإقليميين، بما يقصي في الوقت الراهن إنهاءها وتسويتها بشكل كامل، وهذا ما يسوغ استمرار الجميع على الصعيد الجيوسياسي في وضع ودراسة سيناريوهات مختلفة، أتحفظ من جهتي على تسميتها خططا” قابلة للتطبيق العملي.
واعتبر إيغناتينكو استنادا إلى طرحه هذا، أن موقف البيت الأبيض يتلخص عموما فيما صرح به الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الذي أكد أنه ما من أي خطط “باء” لدى واشنطن، وأن الهدف الروسي والأمريكي في سوريا، واحد ويتمثل في التسوية ووضع حد للأزمة.
سيريان تلغراف