Site icon سيريان تلغراف

أسئلة حول تداعيات الاتفاق التركي الأوروبي بشأن اللاجئين

بدأت اليوم أولى عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين من اليونان إلى تركيا بموجب الاتفاق الأوروبي-التركي الذي دخل حيز التنفيذ في 20 الشهر الماضي.

وجرى حتى الآن تسجيل أكثر من ستة آلاف مهاجر على الجزر اليونانية منذ 20 مارس/آذار الماضي؛ وهو الموعد الذي دخل فيه الاتفاق حيز التنفيذ. غير أنه لم يتضح بعد المكان الذي سيتم ترحيلهم منه، أو الجهة التي سيرسلون إليها، أو حتى عدد الأشخاص الذين سيعودون إلى تركيا غدا بموجب هذا الاتفاق.

وبحسب السلطات التركية، فسيتم نقل 750 شخصا بدءا من اليوم الاثنين (04/04/2016) لمدة ثلاثة أيام، فيما ذكرت تقارير أخرى أن نحو ألف شخص سيعادون إلى تركيا.

ومقابل كل سوري تتم إعادته إلى تركيا، سيستقبل الاتحاد الأوروبي لاجئا سوريا بشكل نظامي، في حين ستتم إعادة المهاجرين غير السوريين إلى بلدانهم.

لكن الغريب هو أن السلطات التركية، بحسب التقارير الواردة من هناك، لم تجهز الأدوات اللازمة لاستقبال اللاجئين؛ حيث وضعت خيمتان أو ثلاث في بلدتي ديكيلي الواقعة قبالة بحر ايجة، وجشمة قبالة جزيرة خيوس اليونانية، فضلا عن ارتباك تصريحات المسؤولين في تركيا واليونان حول عملية الإعادة.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة اليونانية أن التخطيط لإعادة المهاجرين جار ما لم يحدث أي عائق لا يمكن التغلب عليه، لكنه سرعان ما قال إنه لن يؤكد أي تقرير. ويبدو واضحا من هذا الكلام أن ثمة ارتباكا في اليونان، وأن الصورة غير واضحة. ولعله لذلك، قررت ألمانيا إرسال موظفين إلى اليونان لتقديم العون إليها.

والسؤال الكبير الذي لم يجد جوابا إلى الآن هو: على أي أساس ستتم إعادة اللاجئين؟ فالاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لم يدخل في التفاصيل بقدر اكتفائه بأن تكون عملية الإعادة مطابقة لقوانين الاتحاد الأوروبي ومعايير حقوق الإنسان العالمية.

بيد أن هذه الصيغ لا تحل المشكلة. فهناك أكثر من 50 ألفا بين مهاجر غير شرعي في اليونان، غالبهم قدم أوراق اللجوء وبعضهم لم تسعفه عملية استكمال الأوراق نتيجة الضغط الكبير. إضافة إلى أنه لم يتم تحديد الفرق بين أولئك الموجودين في اليونان قبل الـ 20 من الشهر الماضي موعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ، ومن وصل بعد هذا التاريخ.

ولهذا، أعربت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الأوروبية عن خشيتها من أن يتحول الاتفاق إلى عملية نقل جماعي لا تتطابق مع معايير حقوق الإنسان والمعايير الدولية للجوء، خصوصا أن جزءا كبيرا من المهاجرين هم من سوريا، وهي بلد بحسب القانون الدولي غير آمن، ومواطنوها يستحقون اللجوء.

ثمة مشكلة أخرى بدأت بالظهور منذ أيام، وهي أن تركيا، بحسب تقارير أوروبية، قامت بعمليات ترحيل لسوريين من أراضيها إلى سوريا؛ وهي خطوة تخالف القوانين الدولية. الأمر الذي دفع مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين وجماعات حقوقية إلى التنديد بالاتفاق الأوروبي التركي، ولفتوا إلى افتقاره للضمانات القانونية.

كما اتهمت منظمة العفو الدولية تركيا بإجبار نحو 100 سوري يوميا، وبشكل غير قانوني، على العودة إلى بلادهم، مشيرة إلى أن عمليات الطرد هذه أظهرت “عيوبا فاضحة” في الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.

ويبدو واضحا أن الأتراك قبلوا بحل مشكلة اللاجئين، التي تؤرق القارة الأوروبية مقابل تعويضات مالية وسياسية، لكنهم في المقابل غير مستعدين لتحمل تكلفة اللجوء وحدهم. ولذلك فرضت تركيا تأشيرة الدخول على السوريين في وقت تجري السلطات عمليات تقييد على حق اللجوء داخل أراضيها، وتقيد عمليات تسجيل اللاجئين السوريين، في محاولة لتخفيف الالتزامات تجاههم بحسب الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، الذي ينص على تركيا بتوفير شروط اللجوء للسوريين.

غير أن السياسة الجديدة التي تمارسها تركيا تجاه السوريين لا تعد انقلاب على سياسة الأبواب المفتوحة التي اتبعتها الحكومة تجاه السوريين منذ بدء الأزمة، لكن توجهات أنقرة  الجديدة خاضعة لاعتبارات سياسية أكثر منها اقتصادية.

والواقع أن تركيا تريد مثل الاتحاد الأوروبي الإيحاء بأن اللجوء إليها ليس عملية سهلة. إضافة إلى أنها لا تزال تفضل أن يبقى سكان الشمال السوري في أراضيهم وعدم اللجوء إلى إليها.

سيريان تلغراف | حسين محمد

Exit mobile version