قال مسؤولون أمريكيون لوكالة رويترز إن الإدارة الأمريكية تدرس خطة لزيادة عدد القوات الخاصة التي أُرسلت إلى سوريا بشكل كبير.
هذه التصريحات لا تشكل مفاجأة. فمسألة زيادة القوات الخاصة في سوريا والعراق أمر وارد طالما أن قرار إرسال القوات اتُخذ في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حين أعلنت واشنطن وبشكل مفاجئ آنذاك أنها أرسلت خمسين عنصرا من الوحدات الخاصة لتدريب القوات التي تدعمها الولايات المتحدة والإشراف عليها، وخاصة “قوات سوريا الديمقراطية”، التي شُكلت في 12 تشرين الأول/أكتوبر، و”جيش سوريا الجديد”، الذي شُكل في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، وكليهما بدعم أمريكي.
ويبدو أن الزيادة في عديد القوات الخاصة الأمريكية ستكون كبيرة، بحسب ما ألمح إليه مسؤول أمريكي: “ستصبح وحدة عمليات القوات الخاصة الأمريكية أكبر عدة مرات من حجم القوة الموجودة حاليا في سوريا”.
وثمة عدة أسباب وراء زيادة عديد القوات الخاصة في سوريا:
1ـ الهدنة العسكرية التي حددت معادلة الصراع، وحددت معها العدو المتمثل في تنظيم “داعش”؛ حيث لم تعد هناك معارك جانبية أو خطوط تماس متعددة.
2ـ النجاحات التي حققتها القوات المدعومة من قبل واشنطن، ولا سيما “قوات سوريا الديمقراطية” في محافظة الحسكة وفي ريف حلب الشمالي الشرقي، وفي بعض المناطق الشمالية من محافظة الرقة.
3ـ زيادة المهمات الملقاة على عاتق هذه القوات مع اقتراب موعد معركتي الرقة ودير الزور، اللتين تشكلان معقلا مهما وقويا لتنظيم الدولة، خاصة أن معركة الرقة تتطلب إعدادا وتدريبا لقوات عربية بسبب خصوصية المنطقة.
وكانت معركة الرقة قد تأخرت في أحد أسبابها لعدم وجود قوات عربية كافية ومدربة لخوض المعركة ضد التنظيم؛ إذ إن القوات الكردية رفضت الدخول في معركة ضد “داعش” في المحافظة، خشية استفزاز العشائر العربية بعد سيطرة “وحدات حماية الشعب الكردي” على مدينة تل أبيض ذات الغالبية العربية.
والمشكلة التي تواجهها الإدارة الأمريكية في الشمال، هي القوات العربية ذات الأعداد الأقل، مقارنة بالقوات الكردية، وذات الخبرة القتالية الأقل والتنظيم الأضعف.
وتتطلب معركة الرقة قوات عربية أكثر من القوات الكردية. وهذه هي المهمة الملقاة على عاتق القوات الأمريكية الخاصة، والأعداد الأمريكية المتواجدة لا تفي بالغرض، في ظل تزايد انضمام المقاتلين من العشائر العربية إلى برنامج التدريب الأمريكي بعد النجاح الكبير، الذي تحقق في السيطرة على بلدة الشدادي بالحسكة في أواخر فبراير/شباط الماضي.
ومن شأن وجود قوات عربية أكثر قوة وأكثر عددا إعادة التوازن للمنطقة الشمالية، حيث يبدو أن الأكراد أصبحوا على قناعة بأن الزيادة في فائض القوة لديهم في الشمال من جهة، وتوسيع مساحات سيطرتهم من جهة ثانية، قد تنقلب ضدهم على الصعيد الداخلي ممثلة بالعشائر العربية أو على الصعيد الإقليمي ممثلة بتركيا.
4ـ الرغبة الأمريكية في اثبات جدية واشنطن في الحرب على الارهاب فعلى الرغم من وجود تفاهمات عسكرية كبيرة فيما يتعلق بمناطق النفوذ و السيطرة فان المساحات التي تقع في قبضة تنظيم داعش تشكل ساحة مفتوحة يمكن أن تشكل مفاصل قوة
وبعد سيطرة الجيش السوري على تدمر بفضل الدعم الروسي، ومحاولة الجيش التجهيز للتوسع شمالا نحو دير الزور، وجدت واشنطن نفسها مضطرة إلى تثبيت تواجد حلفائها في الشمال.
يسعى الأمريكان لتوسيع دائرة القوى في الشمال، بحيث لا تقتصر على الأكراد، الذين بدأوا مشروعهم الخاص في الحكم الذاتي.
5ـ الاستعداد لاحتمالات لجوء واشنطن إلى عمليات كوماندوس، كما جرى في أغسطس/آب عام 2014، عندما حاولت قوات أمريكية خاصة إنقاذ الصحافي جيمس فولي ورهائن أمريكيين في مناطق سيطرة التنظيم، وكما حصل في مايو/أيار الماضي.
6ـ ثمة احتمال أخير في أن تكون زيادة عديد القوات الخاصة الأمريكية هادفة إلى إنشاء قاعدة تواجد عسكرية للولايات المتحدة، خصوصا مع دخول الأزمة السورية مرحلة جديدة مختلفة تماما عن المراحل السابقة من عمر الأزمة السورية.
وتسعى واشنطن لتثبيت نفوذها مع دخول العملية العسكرية ضد تنظيم “داعش” مرحلتها الأصعب، ودخول التسوية السياسية مرحلتها الأصعب أيضا.
سيريان تلغراف | حسين محمد