أسفرت مباحثات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع كل من نظيره الروسي سيرغي لافروف والرئيس فلاديمير بوتين عن جملة من التوقعات المهمة.
فعلى الرغم من تشابه التصريحات في لقاءات كيري مع كل من لافروف وبوتين، إلا أن قول بوتين إنه “بإمكان البلدين التوصل إلى نقاط مشتركة والمضي قدما في القضايا الثنائية والدولية، وأن القيادة الروسية تدرك أهمية دور الولايات المتحدة ورئيسها باراك أوباما في التوصل إلى وقف الأعمال القتالية في سوريا”، كان مقدمة لتصريحات مشابهة من كيري الذي قال من جانبه إن “التوصل إلى الهدنة في سوريا أثمر عن تراجع العنف في البلاد”، مشددا على أن ذلك أصبح ممكنا “بفضل الجهود الروسية – الأمريكية المشتركة”.
من الواضح أن كل ما تم الإعلان عنه لا يمثل إلا الجزء الطافي من جبل الجليد. إذ أنه بهذين التصريحين اللذين يصفهما المراقبون بـ”الغزل الروسي – الأمريكي”، يمكن أن نضع بعض النقاط على الحروف، وخاصة في ما يتعلق بالموقف الأمريكي وتشدد واشنطن في ما يخص مصير الرئيس بشار الأسد.
لقد تحدث الوزير الأمريكي عن أنه يحمل معه مقترحات يجب أن يبحثها الجانب الروسي. وهو ما وصفته تقارير بأنه “مصير الرئيس السوري وشكل السلطة المقبلة”، وإمكانية الاتفاق على صيغة وسط بين رؤية المعارضة حول “حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات” وبين رؤية ممثلي الحكومة السورية الحالية حول “حكومة وحدة وطنية”.
وقبل أن ننتقل إلى نقطة أخرى، من المهم أن نسجل أيضا أن مباحثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأمريكي جون كيري في موسكو لم تعكس في ظاهرها المستوى الحقيقي لأهمية تلك المباحثات، والمغزى الفعلي لزيارة كيري إلى العاصمة الروسية. وعندما نرى أن هذه المباحثات امتدت لأربع ساعات كاملة، قد ندرك جيدا أن هناك من الأمور المهمة ما جرت مناقشته، ولكن يبدو أن الوقت لا يزال مبكرا للإعلان عنه في شكله الحالي.
من الواضح أن الجانبين لديهما ما يحاولان إخفاءه، لا من أجل السرية، ولكن من أجل بلورته وإخراجه في وقته المناسب وبما يناسب الظروف والرؤى الدولية والإقليمية وتطورات الأوضاع في الأزمة السورية وحولها.
في هذا الصدد تحديدا تبدو الولايات المتحدة في حالة ارتباك أمام حلفائها عموما، وأمام حلفائها العرب على وجه الخصوص. فواشنطن تبحث في نهاية المطاف عن مصالحها الكبرى والمتنوعة والمتعددة، والتي قد تتقاطع معها مصالح بعض الدول الحليفة. ولكن يبدو أن هناك افتراقا في هذه المصالح في الوقت الراهن. وبالتالي، تحاول واشنطن “فرملة” خطط الحلفاء بصرف النظر عن احتجاجاتهم وامتعاضاتهم والانزعاج الواضح في تحركاتهم في الفترة الأخيرة.
النقطة الثانية التي يجري الحديث عنها، هي إمكانية طرح مساحات للتعاون بين موسكو وواشنطن في نقاط وجوانب محددة. وهو ما يعني بشكل أو بآخر توصل البلدين إلى بعض نقاط التماس التي يمكن التعاون فيها، وخاصة بعد أن أدلى المبعوث الأممي بتصريحات متفائلة في ختام الجولة الثالثة من مباحثات جنيف والتي سيتم استئنافها في جولة رابعة بعد أسبوعين.
سيريان تلغراف | أشرف الصباغ