تحدثت مجلة Nation الأمريكية في مقالة للمحلل السياسي لوي ماثيو ديل سانتو عن الحرب الإعلامية التي يشنها الاتحاد الأوروبي على روسيا.
وذكرت المجلة أن زعماء دول الاتحاد الأوروبي يقومون “ولغاية في نفس يعقوب”، من حين لآخر “بفضح محاولات روسيا” للإطاحة بالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وتدمير أوروبا”، ولكن يبدو جليا وواضحا أن العمليات التي تثير رعبهم تجري فعلا بشكل مستقل عن إرادة موسكو.
ويرى زعماء دول الناتو والاتحاد الأوروبي، “يد الكرملين” في كل البلايا التي تحل بأوروبا وهم يتعمدون القيام بذلك لكي يرفعوا عن أنفسهم مسؤولية المشاكل العويصة التي تعصف بالقارة العجوز.
قبل فترة قصيرة نشرت صحيفة “غارديان” البريطانية لقاء مع يانس سارتس مدير مركز الاتصالات الاستراتيجية في لاتفيا وفيه تحدث عن “حرب إعلامية تشنها روسيا بهدف الإطاحة بميركل مع محاولات لزرع الانقسام في الاتحاد الأوروبي حول مشكلة الهجرة.
وزعم سارتس بأنه ظهرت “دلائل” تؤكد انغماس روسيا في مثل هذه الحرب. وطبعا لم يكلف المحلل نفسه عبء تقديم هذه الدلائل. ومأخذ المحلل الرئيس على روسيا، هو أنها تحاول تحقيق مكاسب سياسية من النمو المتسارع لشعبية المعارضين خاصة حزب البديل لأجل المانيا ” AfD” لسياسة ميركل في مجال الهجرة. ولكن لو أنهم فعلا تمكنوا من ضبط مبالغ مالية يستلمها حزب AfD، لماذا لا تستخدم هذه المعلومات ضد قيادة الحزب المذكور؟.
ويرى ديل سانتو أن مزاعم سارتس طرحت ليس من أجل إطلاع الجمهور بل من أجل ترويعه وتخويفه، هذه المزاعم تدل على العكس وهو أن بروكسل بالذات تقوم بحرب إعلامية على موسكو.
ووصلت الهجمة الكلامية على موسكو إلى ذروة السخافة حين أعلن قائد قوات الناتو في أوروبا فيليب بريدلاف أن “روسيا ونظام الأسد تعمدا عسكرة أزمة الهجرة، في محاولة لتقويض بنية الإدارة الأوروبية. وطبعا لم يقدم الجنرال الأمريكي أي إثبات لمزاعمه وفقط قال:” لا يوجد سبب آخر يدفع روسيا إلى إجبار اللاجئين على مغادرة ديارهم إلا هدف جعلهم مشكلة بالنسبة للآخرين”.
وضمن هذه القائمة تأتي تصريحات رئيس الاتحاد الأوروبي على مدى الأشهر الستة الأخيرة التي شدد فيها على أن سبب تدفق اللاجئين هو تصرفات روسيا في سوريا.
ولكن توسك وكبقية السياسيين الغربيين يتجنب التطرق إلى الأسباب العميقة للأزمة ومن بينها محاولات الغرب الحثيثة وعلى مدى سنوات عديدة فرض معايير “بناء الدولة” في بلدان الشرق الأوسط وفقا لتصوراته لها وبدون الأخذ بالاعتبار واقع هذه البلدان. والغرب يتجاهل أن اليونان كان يعج باللاجئين حتى قبل بدء العملية الجوية الروسية في سوريا.
ويرى ديل سانتو أن التدخل العسكري الروسي على العكس لعب الدور الحاسم في وقف القتال وهو ما قد يساعد في عودة اللاجئين إلى وطنهم.
ومن نافل القول أن الساسة الغربيين بحثوا دائما عن ” يد الكرملين الخفية” في كل المشاكل والأزمات الأوروبية حتى قبل اندلاع النزاع في سوريا وحاولوا العثور عليها في أزمة ديون اليونان وقبرص على سبيل المثال.
وينهي المحلل مقالته بالقول إن النزعة العدائية نحو الحكومات الوطنية ونحو المؤسسات البيروقراطية التابعة للاتحاد الأوروبي، تقوى وتشتد ولا علاقة لها بروسيا”.
سيريان تلغراف