نشرت صحيفة “كوميرسانت” مقالا تحت عنوان “الأكراد يطلقون عملية فدرلة سوريا” جاء فيه أن إعلان الحكم الذاتي الكردي في شمال سوريا يشكل خطرا على مفاوضات جنيف ويمكن أن يُفشلها.
فقد أعلن الأكراد السوريون أمس عن نيتهم تحقيق الحكم الذاتي في أراضي كردستان سوريا التي يسيطرون عليها. وجاء هذا البيان غير المنسق مع دمشق إثر انطلاق مفاوضات التسوية السورية في جنيف، الأمر الذي أثار رد فعل سلبياً في أوساط المشاركين فيها والوسطاء الدوليين على حد سواء.
ومن جهة أخرى جاء هذا البيان الكردي ردا على منعهم من المشاركة في المفاوضات المصيرية الخاصة بالتسوية السورية.
وتدل المشكلة التي طرحها الأكراد في موضوع فدرلة البلاد على أن هذا الموضوع قد يصبح أحد المواضيع المحورية في المفاوضات الجارية في جنيف حول مستقبل سوريا.
وقد اتفق سيرغي لافروف وجون كيري مساء أمس هاتفيا على مواصلة التنسيق لتجاوز الأزمة السورية. أما الأكراد الذين منعتهم تركيا من المشاركة في المفاوضات فعقدوا أمس مؤتمرا تأسيسيا للإدارة الكردية العربية في شمال سوريا. ويشارك في هذا المنتدى الذي يجري تحت شعار “سوريا الفيدرالية الديمقراطية” أكثر من 200 مندوب يمثلون الأكراد ومندوبين عن الشعوب الأخرى التي تقطن الأراضي التي يسيطرون عليها ، بمن فيهم العرب والتركمان والأرمن والأشوريون.
وتمخض المؤتمر عن إصدار قرار بالانتقال إلى الحكم الذاتي في المناطق الكردية الثلاث بشمال سوريا، وذلك بناءً على مبدأ الفدرلة الديمقراطية، علما أن منظري الحكم الذاتي الكردي قرروا تسمية تلك المناطق باتحاد (فيدرالية) سوريا الشمالية.
وعلى الرغم من الإعلانات العديدة التي تقدم بها ممثلو الأكراد والتي تفيد بأن الحكم الذاتي لا يعني انفصال كردستان عن سوريا، فإن قرار المجلس الكردي الأعلي أدى إلى تكهرب الأجواء في المفاوضات السورية السورية في جنيف.
على سبيل المثال أعاد رئيس وفد الحكومة السورية في جنيف بشار الجعفري الذي كان قد بحث البيان الكردي مع المبعوث الأممي ستيفان دي مستورة إلى الأذهان أن أجندة مفاوضات جنيف لا تقضي بمناقشة مسألة الفدرلة.
وحذر بشار الجعفري قائلا: “الأكراد هم جزء من الشعب السوري. ونحن نحترمهم ونقدرهم. إلا أن كل المحاولات لتقسيم سوريا ستبوء بالفشل”.
وتقوم مخاوف دمشق على الاعتقاد بأن مبادرة الأكراد قد تطرح مسألة تحويل الدولة السورية إلى دولة فيدرالية ، ما لا توافق عليه قطعا حكومة بشار الأسد. وأيدها في ذلك المنسق العام للهيئة العامة للمفاوضات عن المعارضة السورية رياض حجاب.
فيما لا يُخفي الأكراد طموحاتهم الرامية إلى التغيير الراديكالي لنظام الحكم في سوريا. وكان الناطق الرسمي باسم حزب الاتحاد الديمقراطي نواف خليل قد أعلن أن الأكراد لا يدعون إلى فدرلة منطقتهم فحسب، بل ويصرون على تطبيق نظام حكم فيدرالي في سوريا بأسرها.
أما موسكو فتدعو على خلفية احتدام المسألة الكردية إلى أن يشارك الأكراد بصفتهم أحد اللاعبين المحوريين في التسوية السورية بأسرع وقت في عملية مفاوضات جنيف. وكان المندوب الدائم للاتحاد الروسي في الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف قد أعرب عن خيبة أمل بشأن ترك الأكراد على هامش المفاوضات السورية السورية. وأضاف قائلا:” الكثير من شركائنا الأوروبيين يشاطروننا القلق في شأن تهميش بعض الأطراف في عملية التسوية ، ومنهم الأكراد.
هذا فيما تدل مسألة فدرلة سوريا التي طرحها الأكراد كنظام مستقبلي للحكم السوري، على أن تلك الفكرة قد تصبح أحد المواضيع المركزية للمفاوضات التي بدأت في جنيف بغض النظر عن الموقف السلبي العام منها.
سيريان تلغراف