جاء الاتفاق على إتلاف الترسانة الكيميائية السورية نتيجة مفاوضات سرية بين موسكو وواشنطن دامت عدة سنوات، حسبما أفادت به صحيفة “لوتان” السويسرية.
وذكرت الصحيفة في مقال نشر الجمعة 11 مارس/آذار أنه كان يعتقد سابقا أن الاتفاق المذكور كان ثمرة لجهود الدبلوماسية الروسية في المقام الأول، ولكن هناك أدلة تشير إلى أنه نجم عن مبادرة روسية أمريكية مشتركة.
وتعيد “لوتان” إلى الأذهان أن بدء المفاوضات سبقته زيارة كل من السيناتور ريتشارد لوغار ونائب وزير الدفاع الأمريكي أندريو ويبر إلى موسكو في عام 2012.
وبحسب الصحيفة فإن الرئيس باراك أوباما أعرب في حديث معهما عن قلقه من احتمال استخدام السلاح الكيميتئي في سوريا. وبعد أسابيع مضت جرت سلسلة لقاءات سرية في عدد من المدن الأوروبية هي: هلسنكي، روما، فيينا، براغ، جنيف، وشارك فيها من جهة ممثلو البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون، ومن جهة أخرى ممثلو مجلس الأمن الروسي ووزارتا الدفاع والخارجية الروسيتان.
وتحدث أندريو ويبر للصحيفة السويسرية أن اللقاءات لم تجر على المستوى الوزاري، لعدم رغبة الطرفين الروسي والأمريكي في جذب الاهتمام إليها.
وذكر الدبلوماسي الأمريكي أن مساعدة وزير الخارجية الأمريكي روز غوتمولر لعبت دورا محوريا في حسم ملف السلاح الكيميائي السوري، وذلك عبر إجرائها اتصالات هاتفية أسبوعية مع نظيرها الروسي سيرغي ريابكوف.
وبحسب الصحيفة فإن الطرف الروسي وافق بعد تردد على التعاون مع واشنطن في هذه المجال وممارسة ضغوط لم يكن بد منها على دمشق. ولاحقا أثمرت لقاءات عديدة في وضع خطة أمريكية روسية مشتركة لسحب الترسانة الكيميائية السورية من البلاد.
وتتابع الصحيفة “لو تان” قولها إن حادث استخدام غاز السارين في ريف دمشق حفز موسكو وواشنطن على القيام بخطوات حازمة لاحقة.
فقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بعد هذا الحادث أن على دمشق أن تسلم ترسانتها الكيميائية خلال أسبوع، مع أنه أشار إلى استحالة ذلك. من ثمة فاجأ نظيره الروسي سيرغي لافروف المجتمع الدولي معلنا خطة لنقل الأسلحة الكيميائية من سوريا وإتلافها فيما بعد، الأمر الذي رأت وسائل الإعلام العالمية فيه مبادرة روسية بحتة.
وكانت عملية تدمير الأسلحة الكيميائية السورية قد بدأت الاثنين 7 يوليو/تموز عام 2014 على متن سفينة “كيب راي” الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط.
هذا وشاركت في العملية نفسها سفينة “أرك فوتورا” الدنماركية والسفينة النرويجية “تايكو” التي نقلت دفعة من المواد الكيميائية قليلة الخطورة إلى فنلندا لتدميرها في المنشأة نفسها.
من جانبها أعلنت وزارة الخارجية الروسية وقتها أن موسكو شاركت بقسط كبير في عملية التخلص من الإمكانيات العسكرية التقنية الكيميائية السورية.
وأوضحت الوزارة أن روسيا شارك بشكل فعال في تأمين المرحلة الأكثر مسؤولية على الأرض في عملية التخلص من الترسانة الكيميائية السورية، وقام الأسطول الروسي وطيران النقل العسكري في مدة وجيزة بتزويد سورية بالوسائط التقنية والمواد والمستلزمات خاصة التي رفضت تقديمها عدة دول لدواع سياسية.
كما أشارت الخارجية إلى مشاركة السفن الحربية الروسية في تأمين سلامة عملية نقل المواد الكيميائية السورية من ميناء اللاذقية إلى المياه الدولية، مضيفا أن روسيا قدّمت 2 مليون دولار لصندوق الأمم المتحدة الخاص بهذه العملية.
وفي 12 أغسطس/آب عام 2015 أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن تدمير جميع الهياكل لإنتاج الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وقال بان في تقرير قدمه إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي إن “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تؤكد تدمير جميع الهياكل الخمسة المقامة تحت الأرض في إطار الجهود المبذولة من أجل تدمير مرافق إنتاج الأسلحة الكيميائية البالغ عددها 12، كما تم تدمير إحدى الحظائر باستخدام المتفجرات التي وصلت الشهر الماضي”.
سيريان تلغراف