يسعى “داعش” لبناء جيل جديد من مجندي الخلافة من خلال تلقينهم مفاهيم دينية تحث على الكراهية. وقد كشف لقاء مع مجندين سابقين لم يتجاوزا الـ10 سنوات مدى وحشية العمل الذي يجبرونهما عليه.
“يجب علينا انتزاعه من الرقبة بقوة وحزم، ثم وضع الرأس فوق الظهر”.. “يجب أن تتم العملية بهذا الشكل”، هكذا يصف سالم ابن الـ10 ربيعا كيفية تنفيذه لعقاب الإعدام بسرعة مذهلة دون تردد، وفي عينيه البنيتين بريق لامع يفصح عن توقعات بأن يكون عمله موضع ترحيب وشكر” .. هذه العبارات صاحبت تقريرا أعدته صحيفة “lejdd” الفرنسية.
وتقول الصحيفة إن “4 أشهر مرت على سالم منذ تركه معسكر “داعش” الإرهابي صحبة شقيقه الأصغر هاليت ذي الـ8 سنوات ليعودا إلى تركيا بعد أن عاشا أياما قاسية في كل من سوريا والعراق.. كل يوم يمر على سالم يحس وكأن ماعايشه كان بالأمس دون أن تستطيع الأيام أن تشفي الجرح العميق الذي أصاب طفولته لترافقه الندبة حاضرا ومستقبلا… كانت مجرد لعبة، فلم يفهم سالم لليوم معنى ماكان يقوم به.. السكين كانت عبارة عن قشة في يده وضعها مدربوه من “الدواعش” كما وضعوها في أيادي الآلاف من أمثاله بحجة بناء “جيل الخلافة” من “المجاهدين” الذين سيساعدون “داعش” على الاستمرار وسيضمنون مستقبله”.
وفي حديث لسالم وشقيقه نقلته الصحيفة، كشفا جدول حياتهما اليومي في مخيمات “داعش” صحبة 150 آخرين من القاصرين الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و15 عاما.
أطفال عزلوا تماما عن المجتمع لمدة 10 أسابيع، استفاقوا خلالها يوميا على الساعة الثامنة صباحا ليفطروا ثم يقوموا بتدريبات شاقة من أجل اللياقة البدنية والركض المكثف، تليها تدريبات على استخدام الأسلحة والتصويب بالمسدسات والبنادق.
بعد الغداء يحين درس “الحزام الناسف” أهم دروس التنظيم، وكيفية إعدام الأشخاص بالسكين ليتأصل القتل في عروقهم ويصبح أمرا بديهيا لا يثير فيهم أي مشاعر، غير الكراهية الدينية.
هكذا تحرص “داعش” على تجنيد الأطفال للمساعدة في حماية مستقبلها، كما يجري تدريب العديد كجواسيس وواعظين ومنفذي إعدام وجنود لقذف القنابل وانتحاريين.
ويرى محللون أن تركيز التنظيم على تلقين الأطفال منهج تعليم قائم على التطرف يعود لرغبته الشديدة في إرضاع هؤلاء دماء القتل والغدر في هذه السن المبكرة، توفيرا للوقت والجهد.
وأفادت أول دراسة عن استغلال “داعش” واعتدائه على الأطفال كوسيلة لضمان مستقبله بأن المقاتلين الحاليين يرون الأطفال المجندين أكثر نقاء منهم أنفسهم، فالأطفال لم يذوقوا بعد شيئا من طعم الحياة العلمانية المدنية.
وجاء في التقرير الذي كان خلاصة دراسة باحثين من مركز أبحاث كويليام لمكافحة التطرف في لندن حول طريقة “داعش” لتجنيد الأطفال وتدريبهم على الجهاد، أن ” هؤلاء الأطفال جرى تحصينهم من مغريات الحياة ما يجعلهم أقوى من المقاتلين الحاليين لأن لديهم فهما قويا للإسلام منذ الصغر ومن المناهج الدراسية ويعتبرون مجاهدين أشد فتكا، حيث يتم تدريبهم على العنف في سن مبكرة”.
واستخدم التنظيم الأطفال في الدعاية على نطاق واسع بين آب/ أغسطس من العام الماضي و شباط/ فبراير هذا العام، ورصد الباحثون 254 حدثا أو بيانا ظهر فيها الأطفال للمساعدة في ترك انطباع قيام “داعش” ببناء “دولة”.
كما تم الاعتماد على الأطفال في محاولة لتطبيع الوحشية، فضلا عن تشجيعهم على لعب الكرة بالرؤوس المقطوعة. وأظهرت دعاية في الأشهر الستة الماضية 12 من الأطفال القتلة، كما كشف فيديو في الآونة الأخيرة عن صبي بريطاني عمره 4 سنوات يقوم بتفجير سيارة ملغومة، ما يسفر عن مقتل 4 “جواسيس” محاصرين في السيارة.
ويأمل معدو التقرير، في تقديم نظرة نقدية لمحنة هؤلاء الأطفال تساعد واضعي السياسات ووكالات حماية الأطفال والحكومات والمنظمات والمعنيين في الاسراع بإنهاء الصراع في العراق وسوريا.
سيريان تلغراف