بإعلان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي عن مغادرته منصبه، ورفضه التمديد، تعود المشكلات المرتبطة بشخصية من سيتولى المنصب، ويعود الحديث عن إنجازات الجامعة وإخفاقاتها.
الرئاسة المصرية من جهتها أعربت عن عميق شكرها للأمين العام لجامعة الدول العربية؛ مؤكدة، على لسان المتحدث الرسمي باسمها علاء يوسف، إجراء مشاورات حول المرشح لخلافة العربي.
وكشفت مصادر رفيعة المستوى عن عزم القاهرة ترشيح أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية الأسبق، لتولي الأمانة العامة للجامعة. وأكد المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي رشح مصريا جديدا للمنصب، مؤكدا امتلاكه ثقلاً وخبرة دبلوماسية كبيرة، وأن مشاورات مكثفة تجري حالياً للحصول على الدعم العربي لهذا المرشح.
وتشير مصادر عديدة في الدوائر الدبلوماسية إلى امتلاك القاهرة سيناريوهات محدودة؛
أحدها، ترشيح وزير الخارجية الحالي الوزير سامح شكري، الذي حقق نجاحات كبيرة للدولة المصرية؛ وهو قرار يصعب على السيسي اتخاذه لحاجته الفعلية إلى رجل بمواصفات شكري للنهوض بالأجندة الخارجية المصرية.
أما السيناريو الثاني، فيتمثل بترشيح مصر أحد وزراء خارجيتها السابقين نبيل فهمي أو أحمد أبو الغيط، ولكل منهما إنجازات تؤهله لهذا المنصب.
غير أن هناك مخاوف من احتمال معارضة دول عربية لأي منهما، فيما يستبعد المراقبون خروج منصب الأمين العام للجامعة من مصر، حيث جرت العادة على تولي شخصية مصرية الأمانة العامة على مدار سنوات، مستبعدين الدفع القطري بمرشح آخر كما حدث عام 2011، مقابل تزكية مصر للمرشح القطري لليونسكو. كما ترفض القاهرة مبدأ تدوير المنصب كما تدعو بعض الدول.
ويأتي قرار نبيل العربي بالتزامن مع الذكرى السبعين لإنشاء الجامعة العربية، التي قال عنها العربي إنها كانت نتاجاً تاريخياً لمسار فكري تُوج بإرساء منظومة متكاملة لانبعاث عربي جديد وقت إنشائها.
كما تأتي مغادرة العربي في عام مثقل بتحديات جسام تواجهها الجامعة، التي شهدت تراجعا كبيرا لدورها خلال السنوات الماضية، بشكل يجعل من الصعب على أي شخص إحداث تغيير فيها على أرض الواقع.
ويأتي ذلك وسط شكوك إزاء قدرة الجامعة العربية على الاستمرار في لعب الدور المنوط بها.. شكوك جسدها قبل أيام اعتذار المملكة المغربية عن عدم استضافة القمة العربية المقبلة؛ ما اضطر الجامعة إلى نقل مكان انعقادها إلى موريتانيا، التي أعلنت عن قبول استضافتها.
وقد جاء الاعتذار المغربي نظراً لـ”عدم توفر الظروف الموضوعية” لنجاح القمة العربية، وما قد يجعل منها “مجرد مناسبة لإلقاء الخطب”، كما جاء في بيان الخارجية المغربية، الذي أكد أنه ونظراً للتحديات، التي يواجهها العالم العربي اليوم، فإن القمة العربية لا يمكن أن تشكل غاية في حد ذاتها، أو أن تتحول إلى مجرد اجتماع للمناسبات، ولا سيما أن الظروف الموضوعية لا تتوفر لعقد قمة عربية ناجحة، قادرة على اتخاذ قرارات في مستوى ما يقتضيه الوضع.
هكذا شخَّص الاعتذار المغربي الوضع الراهن في المنطقة العربية، التي تعاني انقسامات واضحة في المواقف من الأزمات القائمة، والتي تحوَّل بعضها إلى محاور للشقاق والانقسام؛ ومنها الوضع في سوريا واليمن، والخلافات بين دول خليجية وإيران؛ إضافة إلى الأزمة في ليبيا، والوضع في لبنان، البلد العربي الذي يعيش نحو عامين من دون رئيس؛ هذا، فضلاً عما يشهده العراق؛ وأخيراً وليس آخراً، ملف الصراع مع إسرائيل والقضية الفلسطينية، التي تأثرت بالخلافات بين حركتي “فتح” و”حماس”.
ووسط كل تلك الأزمات، التي تعانيها الأمة العربية، يبقى الأمل معقودا على توحيد الجهود والتعاون لإنشاء القوة العربية المشتركة، والعمل على تحقيق الأهداف، التي أنشئت من أجلها الجامعة.
سيريان تلغراف | إيهاب نافع