Site icon سيريان تلغراف

التوازن العسكري في ريف حلب والدفع باتجاه المصالحات

استعاد الجيش السوري بلدة خناصر الاستراتيجية في ريف حلب الجنوبي الشرقي من أيدي مسلحي “داعش”، إثر هجوم واسع بغطاء جوي روسي.

وبدا واضحا، منذ أن سيطر التنظيم على خناصر قبل يومين، أن الجيش السوري والقيادة الروسية لن يسمحا لمثل هذا التطور بالاستمرار؛ وذلك بسبب موقع خناصر المهم على مستوى المعركة في ريفي حلب الجنوبي والشرقي من جهة، ولأنه يأتي قبل أيام من تنفيذ الاتفاق الأمريكي-الروسي حول وقف “الأعمال العدائية” من جهة ثانية.

ومع أن الهدنة لا تشمل “داعش”، فإنه لا يمكن فصل مفاعيلها على الأرض. بمعنى أن الهدنة قد تؤدي إلى تغيير في التحالفات العسكرية، وقد يجد التنظيم الإرهابي من يدعمه في الشمال السوري؛ ولذلك، فإن استمرار سيطرته على هذه المنطقة من شأنها تهديد حركة الجيش في عموم المنطقة.

وقد بدت ملامح ذلك بالظهور؛ إذ تؤكد معلومات من مصادر مختلفة مشاركة تنظيم “جند الأقصى” المقرب من تنظيم “القاعدة” و”كتائب القوقاز” و”الحزب الإسلامي التركستاني” بمهاجمة طريق إثريا – خناصر من الجهة الغربية، في الوقت الذي كان “داعش” يهاجمه من الجهة الشرقية.
ويرى كثيرون أن سيطرة “داعش” على هذه المنطقة ستصب في مصلحة فصائل مسلحة، لا تجد في التنظيم في هذه المرحلة الحساسة عدوا لها، وقد تستغل سيطرته على هذه المنطقة لتنفيذ عمليات عسكرية تعوض ما خسرته أمام الجيش قبيل بدء سريان مفعول وقف “الأعمال العدائية” السبت المقبل.

أما فيما يتعلق بخناصر، فهي تقع على طريق حلب – خناصر الاستراتيجي، وهو الطريق الوحيد، الذي يستطيع الجيش، المتمركز في غرب مدينة حلب والمناطق المحيطة بها، سلوكه للوصول من وسط البلاد إلى محافظة حلب وبالعكس، وقد سيطر عليه التنظيم قبل يوم واحد من سيطرته على بلدة خناصر.

ويحاول الجيش، بعد استعادته خناصر، السيطرة على التلال المحيطة بالبلدة، تمهيداً لاسترجاع الطريق الاستراتيجي (حلب – خناصر).

كما أن أهمية الطريق هذه لا تقتصر على ريفي حلب الجنوبي والشرقي، بل تتعداهما إلى ريف حماة الشمال الشرقي؛ حيث يسيطر التنظيم. وتقع بلدة خناصر في مكانٍ وسط بين إثريا في ريف حماة الشمالي الشرقي ومدينة حلب. ولذا، قام الجيش بسحب أعداد كبيرة من عناصره، من القرى المحيطة ببلدة حربنفسه في ريف حماة الجنوبي، ونقلها إلى الريف الشرقي لزجها في المعارك الدائرة هناك مع التنظيم، في مسعى لاستعادة طريق إثريا – خناصر الاستراتيجي.

ومن شأن السيطرة على هذا الطريق الطويل (إثريا – خناصر – حلب) منحُ الجيش القدرةَ على محاربة التنظيم في جبهتي حماة وحلب على حد سواء، ولا يُستبعد بعد تنفيذ الهدنة أن يعزز الجيش وجوده في هاتين المنطقتين. ويتوقع مراقبون أن يشتبك التنظيم مع فصائل مسلحة في ريف حلب الشرقي بعد ذلك.

أما في المرحلة المقبلة، فسيحاول الجيش إحكام السيطرة على المنطقة الواقعة بين طريق حلب – الرقة شرقا، وطريق حلب – إثريا جنوبا، بعد سيطرته منذ أيام على أجزاء من طريق حلب – الرقة.

ويحقق التقدم الأخير تأمين طرق إمداد الجيش الواصلة بين السفيرة جنوبا، والقرى والبلدات الواقعة شمال مطار كويرس، في أقصى الشمال الشرقي من ريف حلب.

وفي إطار استكماله استعادة مزيد من الأراضي، تعمل وزارة المصالحة بالتوازي مع الجيش لاستكمال المصالحات. وفي هذا الصدد وقع ممثلون عن أكثر من عشرين بلدة في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي اتفاقات مصالحة مع السلطات السورية.

وهاتان المنطقتان (ريف حماة الشمالي، ريف إدلب الجنوبي) تُعدان البوابتين الرئيسيتن للانطلاق نحو عمق محافظة إدلب؛ حيث يسيطر “جيش الفتح”. ومن المستبعد أن تسمح الأيام المقبلة بفتح معركة في هاتين المنطقتين؛ لكن إخراج أعداد من المسلحين من دائرة الصراع يعَدُّ تطورا مهما هناك قبيل الهدنة؛ وذلك في محاولة من الجيش لتجميع أكبر قدر ممكن من المقاتلين لمحاربة “داعش”، وهو ما بدت ملامحه بالظهور مع استقبال مركز التنسيق في حميميم اتصالات من مسلحين بوقف القتال ضد الجيش.

سيريان تلغراف | حسين محمد

Exit mobile version