Site icon سيريان تلغراف

روسيا وسوريا .. تحالف مبدئي

لم تشهد العلاقات بين الدول المتانة والرسوخ والندية والاحترام المتبادل، والحرص على المصالح المشتركة مثلما هي بين سوريا روسيا، وخصوصا منذ تولي الرئيس بوتين مهام قيادة الدولة الروسية.

وإذا كانت العلاقات القوية، المتسمة بما أشرنا إليه، بين الاتحاد السوفيتي ومصر عبد الناصر قد شهدت مداً وجزراً .. ثم قطيعة ساداتية أخذت مصر إلى مالا مصلحة لمصر فيه، فإن العلاقات الروسية السورية، على العكس من ذلك، شهدت المزيد من المتانة والقوة والديناميكية والتنسيق منذ تولي الرئيس الراحل حافظ الأسد مهام قيادة سورية، رغم ما شهدته روسيا غورباتشوف، ثم يلتسين، من انحسار في المساحة التي يلعب بها الساسة الروس، ما أدى إلى تلقي المرمى الروسي ركلات جزاء أنتجت أهدافاً لصالح الغرب الامبريالي وضعفاً في أداء اللاعبين الروس ..

ومنذ تولي الرئيس بشار الأسد مهامه الدستورية عام / 2001/، وفي المقابل صعود نجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتوليه وحزبه مهام قيادة روسيا … كان الحرص مشتركاً على العودة بهذه العلاقات إلى الحميمية التي كانت عليها، بل وعلى بناء أفضل العلاقات السياسية والستراتيجية والعسكرية بين الدولتين الصديقتين.

وجاءت الأزمة السورية لتؤكد صدقية هذه العلاقات ولتضعها على طاولة الاختبار .. ما أثمر تبنياً تاماً من الجانب الروسي للموقف السوري في المحافل الدولية، والمسارعة إلى مد الجيش العربي السوري بكل المتطلبات والقدرات العسكرية، عدة وعتاداً، للصمود في وجه الهجمة الإرهابية التكفيرية المدعومة من أعداء تاريخيين لسورية الدولة إقليمياً وعربياً ودولياً.

لقد أدركت روسيا بوتين بسرعة فائقة بأن سورية تتعرض لهجمة إرهابية غير مسبوقة، الغرض النهائي منها محو هذا البلد من خارطة الدول صانعة مستقبل الإقليم ، وإستبدالا للنظام القائم بنظام رجعي متخلف، وتجزئة سورية إلى دويلات هزيلة تعيش منذ ولادتها حالة النزع الأخير.. ودون إبطاء سارعت روسيا بوتين بالمبادرة إلى الإسهام الميداني المباشر في محاربة الإرهاب التكفيري وصد هجماته على الساحة العسكرية .. وإلى صد الهجمات السياسية والدبلوماسية الإقليمية والدولية، عبر مجلس الأمن ، ومن خلال التنسيق مع حكومة الولايات المتحدة الامريكية في السعي لإنجاز طاولة حوار سوري – سوري ، ينتج حكومة وطنية، ودستوراً جديداً ، ودولة مدنية علمانية ديمقراطية لا إقصاء فيها ولا إستبعاد، إلا للإرهاب والإرهابيين ولشركائهم وداعميهم …

واللافت للنظر أن جمهورية روسيا الاتحادية ، في كل ما سبق الحديث عنه ، كانت تتعاطى مع سورية بندية حقيقية، وتتبنى مواقفها ، تدافع عنها .. ولم يحدث أن أملت على الحكومة السورية رأياً أو موقفاً أو إرادة ..

واليوم … وإذ تخوض روسيا مع سورية وإلى جانبها المعركة الدبلوماسية والسياسية، وصولاً إلى وقف لإطلاق النار ما بين الفرقاء السوريين ، ثم إلى مؤتمر حوار وطني سوري–سوري ، بمباركة أممية ، وتنسيق دولي، يطلع بعض السادة المحللين السياسيين والعسكريين والدبلوماسيين الروس وغيرهم ، على شاشات بعض الأقنية الفضائية ، والمحطات التلفزيونية ، ومواقع التواصل الاجتماعي والصحف بآراء إنتقادية ومواقف سياسية .. تدرك سورية … وندرك نحن السوريين أنها لا تعبر عن رأي أو مواقف الحكومة الروسية .. أو مواقف الرئيس بوتين ..

ولهؤلاء السادة ، مع إفتراض حسن النية، نقول : إن العلاقات بين سورية وروسيا بوتين أمتن وأقوى وأكثر رسوخاُ وصدقية .. وهي ثابتة لا يمكن هدمها ، أو زعزعتها .. وإذا كان إبداء الرأي والمشورة مطلوبين جداً، ونحن نسعى إلى إلحاق الهزيمة بالإرهاب التكفيري، بدعم ومساندة ومشاركة رؤية صادقة … ودحره وداعميه ومموليه …لننتقل إلى طاولة حوار سوري – سوري وطني يثمر عن بناء دولة ديمقراطية علمانية مدنية ، ومشاركة بناءة من جميع السوريين الوطنيين الشرفاء .. فإننا نرى أن ما يبديه بعض هؤلاء السادة المحللين والسياسيين والدبلوماسيين القدامى من آراء وإنتقادات للموقف السوري ، يأتي في الوقت الضائع .. ولا ولن يؤثر على العلاقة المتينة الراسخة رسوخ قاسيون ما بين سورية اليوم وروسيا اليوم .. آملين ، بكل المحبة ، أن يحسبوها جيداً !! وشكراً شكراً روسيا فلاديمير بوتين ..

سيريان تلغراف | بروين تركي ابراهيم

رئيس المكتب السياسي / الأمين العام لحزب
الشباب الوطني للعدالة والتنمية

Exit mobile version