Site icon سيريان تلغراف

حلب .. حجر عثرة أمام التسوية السورية

اعتبرت الخبيرة الروسية في العلاقات الدولية، يلينا سوبونينا، أن الغرب امتعض من النجاح الذي حققته القوة الجوية الروسية والجيش السوري في شمال سوريا، خاصة في منطقة حلب.

وقالت في مقالة نشرتها وكالة “نوفوستي” إن فصائل المعارضة هناك تخسر مواقعها، الواحد بعد الآخر، وينحسر تواجدها حول هذه المدينة الاستراتيجية الهامة المسربلة بالجراح. ويبدو مستحيلا تنفيذ اتفاقات ميونخ حول سوريا بدون دعم الدول الإقليمية التي تكن العداء الشديد للحكومة السورية ولإيران التي تدعمها.

بدون شك ستشكل خسارة حلب صدمة كبيرة جدا للمعارضة وللدول والأطراف التي تقف خلفها وسيتسبب ذلك بتغيرات جذرية في كافة جبهات القتال.

تنص اتفاقات ميونخ على فرض وقف إطلاق النار في سوريا مع ضمان وصول الشحنات الإنسانية إلى كافة المناطق بدون استثناء. ولكن هذه الخبر لم يثر السرور الكبير في النفوس للاعتقاد بوجود مقاصد مبطنة وخفية في نصوص هذه الاتفاقات، مشوبة بالخداع.

لقد آن الأوان لكي تضع هذه الحرب الدامية أوزارها قبل أن تتحول إلى أمر ما أشد خطورة. وكما يقول المثل:”عندما تنظر طويلا إلى الهاوية سيبدو لك في الخاتمة إنها أخذت تنظر إليك أيضا”. فعلا، لقد أخذت هاوية وجحيم الأزمة السورية تنظر إلى الذين اقتربوا بشكل خطير منها.

وظهر في ميونيخ تفاهم نادر الحدوث بين موسكو وواشنطن. وتدل الكثير من المعطيات على أن الأمريكيين لم يعودوا يصرون على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وتخلوا عن العجلة فيما يتعلق بخطة الإطاحة به لأنهم أدركوا أخيرا أن سقوط الأسد بشكل مفاجئ سيدفع المنطقة إلى دوامة الفوضى وسيجعل الأمور خارج نطاق السيطرة. ليس لدى واشنطن أي خيار آخر.

ولكن مستوى الثقة بين موسكو وواشنطن لا يزال متدنيا جدا والخلاف بين الدولتين ليس حول سورية فقط. هناك قضايا اخرى، مثل أوكرانيا على سبيل المثال.

من المستبعد طبعا أن يتمكن الطرفان من التوصل إلى حلول وسطية مرضية بالنسبة لسوريا، كما حدث في موضوع البرنامج النووي الإيراني. وروسيا أعلنت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف في ميونخ، أنها ستواصل عملية مكافحة الإرهاب. هذا يعني أن وقف النار سيطبق فقط على أطراف النزاع المباشرين ولن يشمل القوى الخارجية التي تكافح الإرهاب في سوريا (روسيا والولايات المتحدة وحلفائها).

تصر المعارضة والدول التي تدعمها على وقف العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري وخاصة في الشمال ولكن المصادر الحكومية السورية ترفض ذلك، وتقول أنها خطوة غير مرغوب بها بتاتا ولهذا السبب بالذات دعت روسيا في البداية إلى تطبيق نظام وقف النار اعتبارا من 1 مارس/ آذار وليس بعد أسبوع. خلال الأسبوعين المتبقيين من فبراير/ شباط كان يجب على الجيش السوري أن يحسم معركة حلب.

لا يزال الخلاف قائما بين أطراف النزاع السوري، وكذلك بين الأطراف الإقليمية والوسطاء الدوليين على الكثير من النقاط الحساسة والمحورية- كل ذلك يعيق السير قدما إلى الأمام. اتفاقات ميونخ كانت محاولة جديدة من المجتمع الدولي، ليثبت أنه قادر على إنقاذ سوريا ومعها كل الشرق الأوسط وكذلك منظومة العلاقات الدولية التي أخذت تتصدع.

ولكن هل ستتمكن روسيا والولايات المتحدة بمشاركة الأمم المتحدة من إقناع اللاعبين الإقليميين بتغيير مواقفهم من الأزمة السورية..؟.

من الصعب تصور تخلي تركيا عن خطتها الخاصة بالمنطقة العازلة في شمال سوريا وخاصة بعد العداء الذي بات يصبغ علاقات أنقرة مع موسكو. ومن الملفت للنظر أن اردوغان أعلن، عندما كانت مباحثات ميونخ في أوجها، أنه يعمل لتنفيذ هذا المخطط. هناك معلومات تفيد بأن الأتراك كانوا سيقيمون المنطقة العازلة في خريف عام 2015 بعد الانتخابات البرلمانية التركية ولكن بدء العملية الجوية الروسية أعاق ذلك. والآن يبدو أن الأتراك استعادوا رشدهم ورجعوا إلى موضوع المنطقة العازلة على الرغم من التحذير الذي تلقاه اردوغان، حتى من حلفائه، بأن ذلك قد يتسبب بمواجهات مباشرة ساخنة مع روسيا. ولكن المنطقة العازلة تفترض حظر تحليق الطيران السوري فوقها كما جرى الأمر في العراق وليبيا قبل الإطاحة بالناظم في الدولتين. ولكن ماذا عن الطيران الروسي؟ هل يعرف اردوغان الجواب على هذا السؤال.

سيريان تلغراف

Exit mobile version