هل قبلت قطر بدور الرئيس السوري بشار الأسد في مستقبل سوريا؟ سؤال يطرح نفسه بعد زيارة الأمير تميم بن حمد آل ثاني إلى موسكو ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين.
تبعت اللقاء تصريحات اتسمت بلغة دبلوماسية بالغة الدقة .. الزيارة كانت قد أجلت بسبب الخلافات وعليه كانت رسالة بوتين واضحة في بداية اللقاء “نرحب بك في موسكو، مع أننا انتظرنا قدومك خريف العام الماضي”.
الأجواء التي سادت الكرملين وتناقلتها وسائل الإعلام أعطت انطباعا إيجابيا، اللافت للانتباه أن الدوحة التي طالبت منذ بدايات الأزمة السورية برحيل الأسد، ودعمت معارضيه سياسيا وماليا وإعلاميا، بمن في ذلك اللذين ينضوون تحت راية المصنفين على القائمة السوداء الأممية كـ “جبهة النصرة” ، لم يأت مسؤولوها هذه المرة، على الأقل يوم قمة موسكو، على ذكر الأسد واكتفوا بدعوة ” الأصدقاء في روسيا إلى إيجاد حل لمعاناة الشعب السوري وتسوية سياسية تلبي مطالب الشعب السوري ” .. وهي التي أكدت خلال زيارة وزير خارجيتها إلى موسكو نهاية ديسمبر كانون الأول الماضي أن “الأسد فاقد الشرعية وأنه ونظامه الراعيان الرئيسيان للإرهاب” .. ما الذي تغير في أقل من شهر ؟؟؟
أسئلة كثيرة تطرح عن استراتيجيات الدوحة وهي التي تعتبر رأس الحربة، إلى جانب الأخت الكبرى السعودية، ضد الأسد، وهل بات الأمير الشاب متفهما لجديد المعادلة الإقليمية والدولية، لا سيما بعد دخول روسيا على خط مواجهة الإرهاب انطلاقا من قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية، وظهور بعض علامات التفاهم مع الولايات المتحدة وهو ما بدا واضحا في بنود بيان فيينا الذي كان أساسا للقرار الأممي رقم 2254 :
أولا: الأولوية في المرحلة المقبلة ستكون للحرب ضد ما يعرف بـ “الدولة الإسلامية” و “جبهة النصرة” وغيرهما من التنظيمات الإرهابية والتي ستحدد أسماؤها مع الإعلان عن القائمة التي في يد الأردن ولو بعد حين، ما يعني أن الوقت قد حان لإعادة الحسابات والعودة، على الأقل مرحليا، للعب في ميدان السياسة وهو ما يفسر الخلافات بشأن تشكيلة وفد أو وفدي المعارضة إلى مفاوضات جنيف المقررة في 25 من الجاري.
ثانيا: القرار الأممي لم يأت على ذكر الأسد، ما يعني عمليا الإقرار بمشاركته في الانتخابات المبكرة مقابل السماح لمن هم خارج البلاد، والذين يعتقد أن جلهم من المعارضين، المشاركة في التصويت بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء تعديلات دستورية، وهي تنازلات متبادلة تؤجل البت في مستقبل الدولة السورية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أنه من الصعب التوصل إلى اتفاق مع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والتي باتت عمليا من التاريخ.
ما سبق لا يعني أن خريطة الاشتباك الميدانية لم تعد أساسية في رسم الأطر السياسية، فالتنظيمات المتطرفة التي تلاعبت بها القوى الأقليمية كانت ولا تزال أداة للضغط، ولكن .. المشهد لم يعد في صالح حلفاء المعارضة “المعتدلة” لا سيما بعد التهور التركي، أبرز حلفاء قطر في المنطقة، في إسقاط الطائرة الروسية وتجاوز أنقرة الخطوط الحمراء، كما أن التداعيات المالية للتلاعب بأسعار النفط بدأت تطال الجميع، وعليه بات من الممكن خليجيا الحديث عن منعطف سياسي يحفظ ماء الوجه والأرصدة في البنوك.
ويبقى السؤال: هل قبلت قطر، وما تمثل، بدور الأسد في مستقبل سوريا ؟؟ أم بقي الخلاف الجذري مع روسيا حول مستقبله ؟؟
سيريان تلغراف | سرجون هدايه