Site icon سيريان تلغراف

هل ينجح دي ميستورا في رأب الصدع بين طرفي الأزمة السورية ؟

يلتقي المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في الرياض الهيئة العليا للتفاوض المنبثقة عن مؤتمر المعارضة لمناقشة الترتيبات قبيل مؤتمر “جنيف 3” المتوقع عقده نهاية الشهر الجاري.

وبدأت الهيئة اجتماعاتها منذ أمس لتحديد وفد المفاوضات وآلية التفاوض، وتثبيت السقف السياسي المطلوب، في وقت يحاول فيه دي ميستورا إجراء تعديل في مقررات الهيئة، الأمر الذي ربما دفع رئيس الهيئة رياض حجاب إلى التصريح بأن “المعارضة لن تقبل أن يفرض عليها أي اسم من خارجها”.

ثمة ثلاث نقاط موضع خلاف رئيسي بين الهيئة العليا للمعارضة والأطراف الأخرى الداعمة لدمشق، وخصوصا روسيا، وهذه النقاط هي:

1ـ وفد المعارضة للمفاوضات، حيث حددت الهيئة أسماء الشخصيات المفاوضة ومن المقرر تسليمها للمبعوث الأممي، في وقت يحاول الأخير إجراء تعديل في الوفد بحيث يشمل أطرافا أخرى تم استبعادها، مثل رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم ورئيس تيار قمح ورئيس مجلس سوريا الديمقراطية هيثم مناع ورئيس الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير قدري جميل.

وفي حين تضع الهيئة المعارضة فيتو على كل من صالح مسلم بسبب ارتباطاته مع حكومة دمشق وبسبب الأجندة الكردية الخاصة بحزبه، وعلى قدري جميل بسبب ما تصفه بارتباطه بموسكو وبسبب علاقاته مع دمشق، فإن الهيئة قد تقبل بهيثم مناع، كونه يميل إلى الموقف المصري أكثر من جهة، ولأنه يعبر عن مكونين مهمين في الساحتين السياسية والعسكرية (تيار قمح، قوات سوريا الديمقراطية).

وقد هدد مناع بتشكيل وفد معارض يواجه وفد الهيئة في حال لم يكن جزءا من وفد المعارضة للمفاوضات، في محاولة للضغط على الأمم المتحدة التي وجه لها رسالة قبل أيام أكد فيها أن “مجموع ما تسيطر عليه كل الجماعات العسكرية التي شاركت في مؤتمر الرياض لا يعادل 5% من الأراضي السورية، فكيف يمكن التفاوض على وقف إطلاق النار في غياب قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على 16% من الأراضي السورية”.

وحتى الآن ليس معروفا كيف سيتم حل هذه المسألة؛ فهيئة التنسيق أحد الأطراف الرئيسية المشاركة في الهيئة أعلنت تأييدها دخول صالح مسلم في وفد التفاوض، على خلاف موقف الائتلاف والقوى الأخرى، لا سيما القوى العسكرية، وهل سيعتبر دخول هيثم مناع على سبيل المثال في وفد المفاوضات حلا وسطا يرضي جميع الأطراف؟ إذ لم تكن صدفة اختياره لترأس مجلس سوريا الديمقراطية، أم أن الأمور تتجه إلى تشكيل وفدين للمعارضة كما تطالب بعض الأطراف؟

لكن الحل الأخير لا يبدو متوافقا عليه على صعيد المجتمع الدولي، لأنه سيزيد من تعقيد عملية التفاوض المعقدة أصلا، ولذلك لا بد أن يكون هناك حل قبل انطلاق “جنيف 3”.

2ـ المسألة الثانية هي مشاركة فصائل عسكرية في المفاوضات، وقد أعلنت الحكومة السورية رفضها التفاوض مع مسلحين، وبشكل خاص مع مجموعتين تعتبرهما دمشق وموسكو إرهابيتين؛ “أحرار الشام” و”جيش الإسلام”.

وقد بُلغ دي ميستورا من دمشق وموسكو بأن الحكومة السورية لن تشارك في المفاوضات إذا حضر ممثلون عن ما يعرف بـ “جيش الإسلام” و”أحرار الشام”، بناء على تفسيرها للقرار الدولي 2254 الذي ينص على حل سياسي وبالتالي مفاوضين سياسيين لا عسكريين.

وهذه نقطة في غاية التعقيد، حيث لا تريد أطراف إقليمية استبعاد هذين الفصيلين، وقد أعلن الناطق باسم الهيئة العليا للمعارضة رياض نعسان آغا، أن “جيش الإسلام وأحرار الشام”، هما مكونان أساسيان في مؤتمر الرياض، وعضوان أساسيان في هيئة التفاوض.

ولا يعرف كيف ستحل هذه العقدة.. في وقت كانت هناك تسريبات عن إمكانية عدم إشراك ممثلي هذين الجماعتين في المفاوضات بشكل مباشر، على أن يبقوا في الصفوف الخلفية للمفاوضات.

3ـ المسألة الثالثة متعلقة بمصير الرئيس السوري بشار الأسد وطبيعة المرحلة الانتقالية، إذ تصر الهيئة العليا للمعارضة على اعتبار مخرجات مؤتمر الرياض للمعارضة السورية الذي عقد الشهر الماضي، بمثابة المرجعية الأساسية للحل السياسي مع مرجعية بيان جنيف والقرار الدولي 2118.

وتؤكد المعارضة على ضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، في حين تؤكد دمشق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، أما مصير الأسد فقد ذهبت الهيئة وداعموها نحو موقف يعتبر خروجا عن التفاهمات الدولية، لاسيما التفاهمات الروسية – الأمريكية التي أجلت قضية الأسد إلى ما بعد المرحلة الانتقالية.

والمشكلة أن هاتين المسألتين قد تؤديان إلى خلط برنامج التفاوض، وربما مجمل المفاوضات، لأنهما تشكلان جوهر الأزمة بين الطرفين المفاوضين.

سيريان تلغراف | حسين محمد

Exit mobile version