أطلقت “قوات سوريا الديموقراطية” المدعومة أمريكيا معركة تحرير الريف الجنوبي لعين العرب (كوباني) في أقصى الشمال الشرقي لمحافظة حلب.
القوات التي تضم (التحالف العربي السوري وجيش الثوار وغرفة عمليات بركان الفرات وقوات الصناديد وتجمع ألوية الجزيرة والمجلس العسكري السرياني المسيحي ووحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة)، نجحت خلال يوم واحد من التقدم في الريف الجنوبي للمدينة، ومن ثم السيطرة على بلدة الصهاريج وعبيدات والمنسية.
تتركز المعركة حاليا على تحرير جنوب مدينة صرين في ريف عين العرب الجنوبي شرق نهر الفرات، وصولا إلى سد تشرين على الضفة الشرقية للنهر الذي يولد الكهرباء لمنطقة واسعة في محافظة حلب، وقد اقتربت “قوات سوريا الديمقراطية” إلى مسافة 10 كلم من السد.
ويسيطر تنظيم “الدولة الاسلامية” على سد تشرين منذ ربيع العام 2014 بعد طرده الفصائل المقاتلة، والتي كان بينها حركة “أحرار الشام” في منطقة تقع على حدود محافظة الرقة من الناحية الشمالية الغربية، الأمر الذي يجعل تحريرها من سيطرة “داعش” خطوة لا بد منها قبيل الانتقال إلى معركة الرقة، المعقل الرئيسي للتنظيم، وبالتالي، فإن التركيز على منطقة السد وجنوبه على امتداد ضفتي النهر سيساعد في عزل معاقل التنظيم شمال حلب عن مناطقهم بشرق نهر الفرات (الرقة).
المخطط الأمريكي يقوم على ضرب جناحي التنظيم في كامل الشمال السوري، أي من ناحية الشرق ومن ناحية الغرب، وهذا ما فسر تركيز القتال عقب تشكيل “قوات سوريا الديمقراطية” ومن ثم “جيش سوريا الجديد” خلال الشهرين الماضيين، على منطقة الحسكة في الشرق للاستفادة من العمليات العسكرية التي تجري على الحدود من ناحية العراق (سنجار) ضد التنظيم، وإبعاد التنظيم من منطقة تمتد من الموصل شمالي العراق ومن ثم سنجار وحتى الحسكة في سوريا، وإنهاء سيطرته على طرق الإمداد بين البلدين.
وهذه المعركة ما زالت مستمرة إلى الآن، ويتوقع أن تشهد بلدة الشدادي جنوبي الحسكة معركة كبيرة خلال أيام، حيث الطرفين يحشدان قواتهما، لكن تقدم قوات المعارضة في المحافظة على حساب “داعش” سمح بفتح معركة ريف حلب الشمالي الشرقي على حدود محافظة الرقة.
ينحسر تواجد “داعش” في محافظة حلب على ريفيه الشرقي والشمالي، المنطقة الأولى تكفل بها الجيش السوري، واستطاع بفعل الدعم الجوي الروسي من ضرب تواجد التنظيم في هذه المنطقة مع سيطرته على مطار كويرس العسكري الشهر الماضي، أما المنطقة الأخرى، وبسبب الخليط الكردي ـ العربي، فقد تُركت لحلفاء الولايات المتحدة المحليين في سوريا.
وبعيد الانتهاء من ريف حلب الشمالي، ستكون الرقة عنوان المعركة الكبيرة، وهي معركة ستكون أكثر تعقيدا من غيرها، كونها حصن التنظيم، وبسبب الخلافات العربية ـ الكردية التي حالت دون اتحادهما ضد التنظيم، ولعل الخلافات التي حصلت خلال الأسبوع الماضي بين الجانبين، مؤشرا على حالة عدم الثقة بينهما، وربما هذا هو السبب في بقاء قوات “حماية الشعب الكردي” في البلدات الكردية شمالي الرقة (تل أبيض) دون التوجه جنوبا حيث البلدات السنية، وخوض معارك في بيئة ديمغرافية غير حاضنة لها.
وفي دير الزور، ومع بدء معركة تحرير ريف حلب الشمالي من تنظيم الدولة، غير الأخير في وجهة معاركه، في مؤشر ربما إلى تغيير في الاستراتيجية، فبدلا عن محاولة صد الهجمات الموجه ضده، قرر التوسع في دير الزور، فسيطر على حي صناعي في المدينة، وعلى قرية الجفرة ذات الأهمية الجغرافية الكبيرة، بعد هجمات عنيفة ومركزة، والسيطرة على الجفرة تجعله على مرمى من المطار العسكري.
وبعد الخسائر والضربات التي أصابته من الطيران الروسي وطيران التحالف الدولي، فضلا عن خسائر مساحات جغرافية، أدرك التنظيم أن المجتمع الدولي اتخذ قرارا باستعادة الرقة ومحيطها، ولذلك بدأ يركز على دير الزور حيث الحدود الجغرافية فيها واسعة وتمتد إلى البادية، فضلا عن ثروتها النفطية التي تؤمن الدخل الضروري له.
ويسيطر التنظيم منذ 2013 على أجزاء كبيرة من محافظة دير الزور، في حين تسيطر قوات الحكومة على أجزاء أخرى.
ويبدو أن الروس والأمريكان يتقاسمون مواقع الضربات ضد التنظيم، ففي حين تركز واشنطن على ريف حلب الشمالي ومحافظة الرقة والحسكة والقامشلي، يركز الروس على محافظة دير الزور ومدينة تدمر ومحيطها، ولذلك استقدم الجيش السوري تعزيزات عسكرية كبيرة من معسكر الطلائع، واللواء 137 إلى جبهات المدينة ومحيط المطار العسكري.
سيريان تلغراف | حسين محمد