أنشأت العديد من البلدان صناديق سيادية تراكمت فيها الثروات في فترات الرخاء عساها تكون سندا لها خلال الأزمات. وتشكل الظروف الحالية التي يمر بها الاقتصاد العالمي تحديا لهذه الصناديق.
وعلى سبيل المثال، صندوق كازاخستان السيادي البالغ حجمه 55 مليار دولار، ساعد البلاد على تجاوز الأزمة العالمية، لكن انهيار أسعار النفط بأكثر من النصف منذ منتصف العام الماضي شكل ضررا بكازاخستان وصندوقها السيادي “سامروك-كازينا”، إذ اضطر الصندوق لاقتراض 1.5 مليار دولار لتوفير الاستثمارات لقطاعها النفطي.
وعلى مر السنين الماضية، نمت احتياطيات الصناديق السيادية، إلى جانب ظهور صناديق جديدة في أفريقيا واَسيا، وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط ونمو اقتصادات بلدان العالم.
وتمتلك صناديق الثروة السيادية في العالم حاليا أصول تصل إلى 7.2 ترليون دولار، وهو ضعف حجمها في عام 2007. ووفقا لمعهد التمويل الدولي فإن ما يقارب 60% من ثروات البلدان المخزنة في هذه الصناديق تعتمد على صادرات الطاقة.
وفي ظل هبوط أسعار النفط بأكثر من النصف منذ منتصف العام الماضي، فإن هذه الصناديق تشهد سحوبات، إذ تشير الاحصاءات إلى أنه تم في الربعين الثاني والثالث من العالم الحالي سحب نحو 100 مليار دولار، وذلك لتلبية احتياجات الحكومات ودعم الإنفاق بعد تراجع عائدات الطاقة، ما أجبر الصناديق على التخلي عن الاستثمارات، الأمر الذي انعكس سلبا على أسواق المال العالمية.
ويرى المحللون أن تزايد الاضطرابات في الأسواق العالمية يدفع الصناديق السيادية إلى بيع أصولها، ما يخلق حالة من الهلع بين المستثمرين ويؤدي إلى تفاقم الاضطرابات في الأسواق.
ويعتقد صندوق النقد الدولي أن سحوبات الأموال من الصناديق السيادية ستعمل على زيادة أسعار الفائدة في العالم. ويرى خبراء اقتصاديون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن سعر الفائدة على سندات الخزينة لأجل 5 سنوات سترتفع بنحو 0.4%-0.6%، في حال تراجع الاستثمارات في السندات بنحو 100 مليار دولار في أحد الأشهر.
ويؤكد ذلك الدور الهام التي تلعبه الصناديق السيادية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، عبر توفير السيولة للمؤسسات والشركات العالمية. وصناديق الثروة هي كيانات مرتبطة بدول، لذلك تتزايد المخاوف من زيادة نفوذ هذه الصناديق وقيامها بالاستثمار لأغراض سياسية وليس لأغراض تجارية.
سيريان تلغراف